إعلان

آخر تلاميذ "سمير سيف" يحكون عن واحد من "المخرجين المحترمين"

07:00 م الجمعة 20 ديسمبر 2019

المخرج سمير سيف

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

لم تتوقع هدير عبد الهادي ذلك الخبر الحزين، قبل مهرجان عرض الأفلام بأيام كانت تسأله "هنشوفك يا أستاذ سمير في المهرجان"، فأجابها بالموافقة، لكن القدر منع ذلك "كان شئ حزين جدًا إنه علّمنا كل ده وميحضرش".
في التاسع من ديسمبر رحل المخرج السينمائي سمير سيف، غادر العالم في هدوء، عن عمر الـ72 عامًا، دون أية جلبة. قبل وفاته بشهور قليلة كان المخرج مُحاضرًا ضمن ورشة لإنتاج الأفلام التسجيلية، وكان من حظّ هدير وزملائها من المبتدئين في صناعة الأفلام أن يروه عن قُرب.
كان اسم سمير سيف هو السبب في انضمام زهراء مجدي لتلك الورشة "اتحمست جدًا لما شفت اسمه"، عاودتها ذكرى أفلامه التي تحبها مثل فيلم "الراقصة والسياسي"، فلا تنس مشهد رقص نبيلة عبيد على أنغام موسيقى محمد سلطان "محدش عمل مشهد رقص علّق مع الناس لحد دلوقت زي ده".



كان سيف يقوم بتدريس مادة الإخراج على مدار ثلاثة أيام، قبل الورشة الخاصة به شعر الجميع بالقلق "كنا مش عارفين هنتعامل ازاي مع حد بقيمة سمير سيف"، يقول أحمد هاشم، واحد من التلاميذ، في نفس الوقت كان الحماس يملأ نفوسهم "كنت بحاول أستغل الوقت اللي هقعده معاه، وأستفيد منه كتير".
في تمام التاسعة صباحًا كان سيف أول الحاضرين "اتفاجئنا كلنا، مكنش وصل مننا غير تلاتة بس"، استغربت زهراء كيف يتمكن رجل في عمر السبعين من الاستيقاظ مبكرًا "في حين احنا على عكسه جينا متأخرين"، لم تظل تلك الحيرة كثيرًا، فعرفت الإجابة سريعًا؛ فمن ضمن ما علّمهم إياه سيف كان التأكيد على ممارسة الرياضة "قالنا لازم المخرج يكون رياضي عشان بيتحرك كتير".
بهرها سيف، لم تتوقع أسماء يعقوب أن تكون شخصيته بتلك الأريحية والبساطة، فمنذ الدقيقة الأولى عكف سيف على الاقتراب من تلاميذه "مكنش بيسيب حد مخضوض أو مكسوف، كان دمه خفيف"، وبإبتسامة كبيرة وسلاسة كان يُعطيهم سيف خلاصة خبرته في الإخراج.

كل واحد من التلاميذ الأربعة تعلّم الكثير على يد سيف، يتذكروا جميعًا الجملة الشهيرة التي كررها كثيرًا "لازم المخرج يبقى عارف حاجة عن كل حاجة"، فالمُخرج هو "مايسترو" الفيلم، كما تُضيف أسماء، لذا عليه الإلمام ببقية عناصر الفيلم من تصوير ومونتاج وسيناريو.
لازالت زهراء مُندهشة من المعرفة لدى سيف، تلمع عيناها حين تقول "كان بيدينا مثال عن فكرة إننا لازم نبقى قاريين في كل حاجة، وبيشرح لنا طريقة خبز العيش في كل قرية في مصر، وإن كل قرية مختلفة عن التانية"، لم تستوعب زهراء من أين أتت له تلك المعرفة الواسعة، والتي لا تقتصر على صناعة الفيلم فقط، بل في نواحي الحياة المختلفة.
طيلة الثلاثة أيام لم يشعر التلاميذ بالملل، كان لديهم شعورًا يتولد بالحماس تلقائيًا كل يوم، فجُعبة سيف حملت الكثير دون أي تكرار، خاصة أنه أضفى على المحاضرات أجواء من الحميمية "كان بيقولنا دايمًا في كلامه يا أبنائي"، تذكر هدير، مما أشعرهم بأنه ليس مُعلمًا ومخرجًا عظيمًا فحسب؛ بل أب أيضًا "كان حنين ومتواضع جدًا".



كان التلاميذ على علم أن تلك الفرصة من القُرب مع مخرج بقامة سيف رُبما لن تتكرر ثانية؛ لذا فإنهم لم يُخفوا فضولهم تجاه معرفة أكثر عن كواليس أفلامه وعلاقاته مع الممثلين، ورُبما طرق أحدهم الباب بذلك السؤال البسيط "هما حلوين كدا في الحقيقة؟".
ليفتح الأستاذ بابًا لم يغلقه أبدًا، بل شجّعهم على إلقاء أسئلة أكثر، حكى سيف كثيرًا عن علاقاته بممثلين مثل أحمد زكي؛ الذي كان معروفًا عنه العناد والغضب الشديد "حكالنا إنه في مرة قابل أحمد زكي في إشارة مرور، وسأله زكي هو احنا ازاي كل ده صحاب ومشتغلناش سوا"، بعدها تعاونا معًا في فيلم معالي الوزير، وخلال المشروع السينمائي ملك سيف مفاتيح شخصية زكي، وكيفية التعامل معه، وحكى المخرج لتلاميذه كلمة زكي التي تلقاها منه بفخر شديد "سمير سيف هو اللي فهمني".

لكن حين سُئل سيف عن شخصية سعاد حسني، التي تعاون معها في فيلم "المتوحشة"، و"غريب في بيتي" و"المشبوه"، تحشرج صوته، ولم يتمكن من الحديث عنها "كان حساس أوي لما سألناه عنها"، ففسّرت ذلك زهراء بسبب حبه الشديد لها.

فضول التلاميذ لم ينتهِ عند ذلك فحسب؛ بل سألوه ما هي أحب الأفلام إلى قلبه، ورغم أن سيف أكّد على أن جميع أفلامه، التي بلغ عددها حوالي 25، هي بمثل مكانة أولاده، لكنه أضاف أن أفلامه الأقل حظ هي الأقرب "زي فيلم المتوحشة والشيطانة التي أحبتني"، واستطرد في الحديث عن فيلم الشيطانة التي أحبتني "قال إنه مكنش واخد حقه ونزل في وقت صعب وفشل"، حينها دمعت عينا سيف الذي حكى لتلاميذه أنه شعر بأن تلك كانت نهاية مشواره "كمل وقالنا دايمًا رحمة ربنا موجودة بعدها بفترة اتعرض فيلم تاني ليا وحقق نجاح".

كان شعور هاشم على حق فإن ثلاثة أيام لا تكفي مع سيف، لكنهم كانوا من أكثر الناس حظًا، فاقتربوا منه في أيامه الأخيرة، نهلوا ولو قليلًا من معرفته الواسعة، ولمسوا دفء شخصيته وبساطته، في حين ظلّت نصائحه عن الإخراج تتردد داخل عقولهم، تحديدًا جملته الضاحكة "هو انتوا كنتوا فاكرينها سهلة ولا ايه؟".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان