إعلان

"الحب في زمن الميريلاند": لم يبق سوى ظل شجرة

03:00 م الجمعة 20 أبريل 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - مها صلاح الدين:

توردت وجنتيها، أسرعت نحو أدراج دولاب الملابس هربا من السؤال، لكنها أخرجت من داخله ما يجيب عليه، ألبوم صور جلدي لم يغادر الأدراج منذ زمن بعيد، لم تنسه "ولاء"، فدائرة الحياة السريعة لم تعد تمنحها قسط من الوقت للذكريات لكن خبر إعادة فتح حديقة الميريلاند جاء ليفرض عليها ذلك.

"ولاء وجلال"، كانوا واحد من ثلاث ثنائيات أصدقاء تشاركوا ذكريات الطفولة والصبا ثم بعدها الحب، والخطوبة، والزواج.

وبدأت ولاء، في مسح غبار عشرات السنين عن صور الألبوم، وهي تحكي: "كنا بنروح كل الخروجات سوا، كل شهر كان لينا خروجة مختلفة"، وفي نهاية الرحلة، كان الأصدقاء يصطفون كل واحد بجوار خطيبته ويلتقطون صورة تذكارية.

فقط هذه الصور هي التي استطاعت أن توثق أن حديقة الميريلاند كانت إحدى وجهاتهم المفضلة، رغم بعدها عن مقر إقامتهما في حي الهرم، إلا أنها كانت قريبة من عمل المهندسين الزراعيين الثلاثة داخل حدائق إحدى الأماكن الأثرية العريقة في القاهرة.

البحيرة، والكازينو القديم، وقوارب البدالات، كانوا دائما خلفية للقطات فوتوغرافية عمرها عشرات السنين، تحلت بابتسامات الثنائيات الثلاثة، أوشت أياديهم المتشابكة عن قصص غرامهم، التي أبى خجل "ولاء" حكاية تفاصيلها.

"الحياة أسرع مما كنا نتخيل"، تقول ولاء، التي شارفت على عامها الستين، لم تعد فقط قصة حب وخطبة، أصبحت بيوت وأولاد، وأحفاد، وصداقة عمر، جمعتها خروجات "الميريلاند".

لم يعود هؤلاء الأصدقاء إلى الميريلاند، فلم يعد هناك فرصة لذلك بعد تقدم العمر، لكن خالد ونجوى لم يمنعهم شيء، عاشوا طيلة حياتهم في مصر الجديدة، ارتبطت طفولتهم بالميريلاند، كانت رحلة مدارسهم المفضلة: "كانت المدرسات دايما يحبوا يركبوا معايا القارب، علشان كنت دائما بسبق زمايلي"، يقولها الرجل الستيني بشغف طفلا عاد للتو ليعيش داخل ذكرياته، أما نجوى فكانت دائما ما تأتي برفقة زملائها في الجامعة، حتى التقيا.

"لما عرفنا إنها فتحت من جديد قولنا لازم نيجي"، قالها المهندس الكيميائي، وهو متكئ على إحدى الأشجار، لم تكن أي شجرة، هي شجرتهم المفضلة بجوار السور الحديدي في نهاية الحديقة، هناك كانا دائما يجدان الخصوصية والهدوء، بعد أن تنهكهم قيادة القوارب في البحيرة، ويتناولون مشروبهم المفضل في الكازينو الذي لم يعد موجود، لم تشمله خطة التطوير بعد.

"زمان كنا بنلاقي حاجات كتيرة نتسلى بيها"، في زيارتهما الأخيرة إلى الميريلاند في أعياد شم النسيم، أفسد عدم اكتمال التطوير بالحديقة على نجوى استعادت جميع الذكريات، لم تعد تستطيع أن نشير إلى البحيرة التي لا يوجد بقايا لملامحها، أو حتى تجلس في الكازينو ليتناولوا أكواب الليمون المثلج، وهما يتصافيان بعد مشاجرة خفيفة.

لم يتبقى لهما سوى الشجرة العتيقة، التي رفض أبنائهما رفقتهما للجلوس تحتها، فكل منهم أصبح له خططه الأكثر إثارة.

لكن عبد اللطيف، استطاع أن يقنع بناته أن يرافقونه إلى الميريلاند، منذ عشرات السنوات، كانت دائما ينتظر خطيبته التي أصبحت زوجته الأولى، في هذه الحديقة، أثناء عودته من عمله في مطار القاهرة الدولي، وحينما أقدم على الزواج ثانية، كان أيضا يقابلها هنا.

والآن البنات أصبحن هن رفقته، يشاركانه الاختباء من الشمس تحت ظل شجرة، ويستمعن إلى التفاصيل منه، كيف كان يدخل مباشرة من الباب الرئيسي للميريلاند، ويتوجه نحو البحيرة، يشاهد أقفاص الحيوانات المنتشرة، ويتناول مشروبه في الكازينو بأسعار مقبولة على عكس الآن. يحكي لهن عن قصتي الحب التي عاشهم في حياته داخل الميريلاند، لم يعد يتبقى منهم سوى حديقة وظل شجرة.​

فيديو قد يعجبك: