إعلان

أهالي ماسبيرو يودعون "المثلث" بانتخابات الرئاسة: "عايزين حياتنا تنصلح"

06:50 م الخميس 29 مارس 2018

ماسبيرو

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا الجميعي وشروق غنيم:

عشر دقائق تفصل بين سكان مثلث ماسبيرو ومركز الحضري حيث أدلى مواطنوها بأصواتهم لآخر مرة من داخل منطقتهم، وأيام معدودة تفصلهم عن الرحيل عن المكان لبدء عمليات التطوير. بحُزن يُلقون الوداع على "أيام الصبا"، وبآمال عريضة ألقوا بأمانيهم داخل الصناديق الانتخابية علّها تحقق لهم حياة أفضل.

عصر اليوم الانتخابي الثالث قدمت أم أحمد وبنتها، على إصبعيهما استقر الحبر الفسفوري، حيث قامتا بالإدلاء بصوتيهما في إحدى اللجان الانتخابية القريبة بمنطقة بولاق أبو العلا التابعين لها، انتهزت السيدتان فرصة قربهما من مسكنهما القديم بمثلث ماسبيرو ليقوما بالسلام على أقربائهما.

1

منذ خمسة أشهر غادرت أم أحمد مثلث ماسبيرو إلى حي الأسمرات، أخذت المقابل المادي لتركها منزلها الذي عاشت فيه أكثر من ثلاثة عقود، واتجهت مع أسرتها الصغيرة إلى الحي الجديد، إلا أنها ظلت تحن لمنطقتها لتعود مرة بعد أخرى إلى هناك، كذلك كانت بطاقتها.

المشاركة الانتخابية مهمة بالنسبة للسيدة الخمسينية، كذلك لابنتها المتزوجة، لذا اتفقتا على الذهاب معًا. خلال أقل من ساعة تمكنت أم أحمد من الوصول إلى لجنتها قادمة من الأسمرات "جايه في عربية، إنما لو بالأتوبيس هاجي في ساعتين"، أما ابنتها فجاءت من منطقة بشتيل القريبة حيث تسكن في بيت الزوجية منذ ١٤ عاما.

ما يهم أم أحمد وابنتها هو العيش بأمان، وهو ما تراه خلال فترة عبد الفتاح السيسي الرئاسية الأولى، لذا انتخبته لفترة ثانية، وما شجع ابنتها ذات التسعة وثلاثين عامًا على انتخابه هو: "المشاريع اللي بيعملها للأجيال الجاية، لولادي، مش لينا"، ولا تتمنى شيئا سوى "يبقى فيه شغل للشباب".

2

وعلى الرغم من تصريحات المسئولين التي أشارت إلى إن الإخلاء النهائي سيكون مع نهاية شهر فبراير الماضي، لكن حتى الآن مازالت بعض الأسر عالقة هناك مع الانتهاء من انتخابات الرئاسة.

في منزل مجاور كانت عبير محمد ووالدتها أم مجدي تجلسان، أغلقت عبير بعض حقائبها التي سترافقها إلى منزلها الجديد ببشتيل، والذي تسكن فيه منذ شهر مضى.

منذ مطلع فبراير الماضي وضعت الحكومة ثلاث خيارات أمام سكان مثلث ماسبيرو، إما التعويض بمبلغ مالي كبير –الغرفة الواحدة ما يوازي 100 ألف جنيه- على حسب مساحة كل شقة وعدد أفراد الأسرة، أو السكن بحي الأسمرات الجديد، أو الحصول على مقابل مادي متوسط للتأجير بمنطقة أخرى ثم العودة لماسبيرو بعد ثلاث سنوات حتى يتم تطوير المنطقة.

3

اختارت "أم مجدي" وابنتها القرار نفسه؛ وهو البقاء، والحصول على مبلغ ٤٠ ألف جنيهًا والعودة إلى المنطقة بعد تطويرها.

لاتزال أم مجدي تسكن داخل منزلها بمثلث ماسبيرو، ضمن آخر فوج ينتظر أن يتلقى أمواله نظير الرحيل لحين انتهاء أعمال التطوير بالمنطقة.

4

تبرر "أم مجدي" قرارها بالقول: "أرضي مقدرش أفرط فيها"، لكنها تعلم تمامًا أن المنطقة تحتاج لتغيير حتمي: "مش هنقول لأ لو في خير لينا".

السيدة التي عاشت ٦٩ عامًا داخل المكان "اتولدت واتجوزت وخلفت هنا"، ذهبت أول من أمس الثلاثاء للإدلاء بصوتها في ثاني يوم انتخابات رئاسية، موقنة بأن دورها ليس هامشياً "مهم أقول رأيي".

لم يتبقَ سوى أيام قليلة وتنتقل أم مجدي إلى مكان آخر، لذا أرادت أن يكون صوتها سببًا في تحريك حياتهم الراكدة "نفسي أرجع لبيتي بعد ما يتطور وأكمل حياتي هنا".

التمسك بالمكان ليس فقط من أجل الأرض "العشرة والجيران اللي هنا وإحساسنا بالأمان والونس وإحنا جمب بعض"، تم إزالة ذلك مع عمليات الهدم التي بدأت منذ شهر.

تشكو عبير من التراب المتراكم من عمليات التهدم حينما تأتي لزيارة والدتها التي لاتزال تعيش بالمنطقة "مبعرفش أنام من العفرة ساعات، كان ممكن يستنو أما نمشي كلنا".

5

تقول عبير إنها ترحب بتطوير منطقتها، تتمنى ذلك للبلد بأكمله "عشان ولادي"، لذا ذهبت إلى مركز الحضري بمنطقة بولاق أبو العلا للإدلاء بصوتها "الريس بيعمل زي اللي بيحوّش في الحصالة، يمكن تكون في زنقة دلوقتي بس قدام هتلاقي نتايج المشاريع لعيالنا والبلد هتبقى أحسن".

أمام منزلها أطّلت صابرين بحُزن على شارعها، عاشت هنا ٢٧ عامًا، خلال أيام ستتركه للأبد، اختارت الأم لأربعة أبناء الرحيل عن مثلث ماسبيرو "تعبت من الوّش والمشاكل اللي عليه كل شوية".

قبل شهرين مضت صابرين على أوراق الرحيل نهائيًا عن المكان، أخذت ٢٢٠ ألف جنيه نظير منزلها الذي يضم ثلاثة غرف "المفروض تسعير كل أوضة بمية ألف بس قالولنا مادام عندكو أكتر من أوضة المبلغ بيختلف".

منذ فترة تبحث السيدة عن سكن بديل، لكن مرض زوجها المفاجئ أدخلها في دوامة أخرى "عنده ضمور في العضلات، دخلت معهد ناصر وصرفت عليه من فلوس الشقة".

بالنسبة لصابرين ما يميز مكان سكنها وجوده بالقرب من مقر عملها بالهيئة القومية للسلامة الغذائية بمنطقة التحرير، تتقاضى نظيره "ألف جنيه متقفلة، ومتعملش حاجة لو روحنا شقة إيجارها عالي".

يظهر الحبر الفسفوري على يد السيدة "آخر انتخابات أروحها من بيتي اللي هنا"، اختارت صابرين ذلك "عشان نفسي حياتنا تتصلح، وولادي يلاقو شغل كويس".

لدى السيدة أربعة أبناء أكبرهم في العمر الخمسة وعشرين "بيشتغل نجار ويادوب فلوسه على أد مصاريفه"، فيما يبحث ابنها ذو الثمانية عشر عامًا عن عمل عله يزيد من دخل المنزل ككل.

فيديو قد يعجبك: