إعلان

من باريس.. مصور مصري يسجل لحظات تاريخية لاحتجاجات "السترات الصفراء"

12:15 م الأربعاء 12 ديسمبر 2018

احتجاجات السترات الصفراء بباريس

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

كتبت-رنا الجميعي:
تصوير- إبراهيم عزت:

“العالم لنا".. جُملة كتبها أحد متظاهري فرنسا في محيط الشانزلزليه، التقطتها يد إبراهيم عزت المُصوّر المصري، لتُصبح واحدة من صوره الدالة على الاحتجاجات التي مرت بها فرنسا في الفترة الأخيرة "كنت حاسس إني وسط التاريخ وصوري وثقت ده"، يقول عزت.

شهدت فرنسا احتجاجات ضد قرار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بدأت بمطالب رفع ضريبة الوقود وتحسين تكاليف المعيشة، وتوالت المطالبات برفع الحد الأدنى للأجور ومقابل عادل لبدل البطالة وتحصيل النسبة الأكبر للضرايب من الأثرياء. وُصفت تلك المظاهرات عبر تقارير صحفية أنها عنيفة، حيث تضررت العاصمة باريس على وجه التحديد، فقد تحطمت نوافذ، وأحرقت سيارات، وسرقت متاجر.

خرجت المظاهرة الأولى في 17 نوفمبر الماضي، وشارك فيها حوالي 300 ألف شخص من جميع أنحاء فرنسا، وفيها ظهر المحتجون بـ"السترات الصفراء"، حيث خرجوا مرتدين الجواكت المميزة لسائقي السيارات في حالات الطوارئ.

احتجاجات السترات الصفراء بباريس (2)

مكّن القدر من تواجد عزت في فرنسا منذ سبتمبر الماضي، وقد اهتم بمتابعة الأحداث عبر الإعلام "في الأول كنت متخيل إنه زي أي احتجاج بيحصل، هياخد وقته وينتهي"، لم يحسب أحد وكذلك المصور المصري أن الاحتجاجات ستستمر إلى الآن، وفيها وصلت المطالبات إلى إسقاط الرئيس الفرنسي.
داخل نفس عزت اختلطت مشاعر من الحيرة والتردد برغبته في معايشة الحدث "في الآخر دي مش بلدي ومعرفش الأمن هيتعامل ازاي مع المصورين، ومكنش معايا كارنيه صحفي فرنسي"، لذا بدأ في التواصل مع مصورين فرنسيين للاستعداد جيدًا، وبدافع شخصي تمامًا جهّز عزت نفسه للذهاب إلى العاصمة الفرنسية، حيث كان يسكن بمدينة مجاورة.
في 8 ديسمبر الماضي كان عزت وسط الاحتجاجات التي انطلقت في الشانزلزيه "المصورين قالولي لازم يكون معاك معدات الحماية، وفي مصورة سلفتني خوذة وقناع، هما ساعدوني جدًا"، داخل الشانزلزيه وضع عزت الخوذة للحماية، لكن قناع الغاز الذي كان بحوزته أخذه الأمن "قالولي ممنوع تدخل بيه رغم إن دا مش من حقهم"، يحكي عزت أنه لم يكن الوحيد الذي تعرض لذلك الموقف "المصورين كانوا متضايقين جدًا من اللي حصل، اعتبروه تعدي عليهم، حتى أنهم كتبوا عريضة لرفض تعدّي الأمن".

احتجاجات السترات الصفراء بباريس (3)

بالنسبة لعزت كان تعامل الأمن مع التظاهرات يُمثل "صدمة حضارية"، على حد تعبيره، يعمل عزت كمصور صحفي منذ عام 2014، لذا فكان لديه رصيد من التجارب في التواجد وسط أحداث سياسية وحوادث في مصر، تعرّض خلالها للخطر؛ من بينها تغطيته للحادث الإرهابي لما عُرف بأتوبيس المنيا، في مايو 2017، "اضطريت أمشي في نفس الطريق اللي حصل فيه الحادثة ومكنش متأمن"، ومرة أخرى حين قام بتغطية إحدى المسيرات الاحتجاجية في 2014 "كان فيه مواطنين ضربوني في شارع طلعت حرب".
كان الحذر الشديد هو الطريقة التي تعوّد عزت التعامل بها خلال تغطيته الأحداث في مصر "لازم آخد بالي من كل حاجة، وعيني تبقى في وسط راسي، وأتعامل بحذر مع الأمن والمتظاهرين"، تلك الخلفية المُسبقة تكسّرت بأحداث فرنسا، على لسانه يقول عزت "هنا مش ببص ورايا، وبدي ضهري للشرطة عادي مش هتمسك"، خلال تظاهرات السبت الماضي أفسح الأمن لعزت داخل الكردون مكانًا يُمكّنه من التصوير بحرية كاملة "المكان كله مفتوح ومفيش مشهد بيخفى عن عيني".

احتجاجات السترات الصفراء بباريس (4)

وسط الأحداث وجد عزت نفسه داخل التظاهرات العنيفة، لم يصاب بأي نوع من أنواع الخطر، لا من قِبل الأمن أو المتظاهرين، استغرب المصور المشهد "حتى الناس اللي مش مشتركة في المظاهرات بتتفرج براحتها، في مصر الشارع اللي فيه مظاهرة، الناس بتشوف شارع تاني تمشي منه".
كان للكوميديا حظ أيضًا ضمن انطباعات عزت، أحد المواقف التي يتذكرها عن الشرطة الفرنسية، حين استعدّوا لإلقاء قنبلة غاز تجاه المتظاهرين الذين لم يستعدوا لذلك، حيث ارتفع صوت الأمن حينها قائلًا "انتباه"، ثم ألقوا القنبلة، المشهد علق في ذهن عزت الذي سخر من تعامل الأمن الجيد "حسيت وقتها إن الأمن مهمته الأساسية هي إنه يفض المظاهرة، مش إنه يأذي حد"، لكن في الوقت نفسه يشير عزت في شهادته أن ذلك ما رآه بعينيه، في حين أنه سمع من آخرين عن تعامل الأمن العنيف في أحداث أخرى بباريس "وفيه آراء بتقول إنهم اتعاملوا اليوم ده كويس عشان عارفين إن فيه تسليط إعلامي".

احتجاجات السترات الصفراء بباريس (5)

بعض التغطيات الإعلامية للأحداث ذكرت أن هناك "مندسين" وسط المتظاهرين، وأنهم هم السبب في مظاهر العنف، عزت يقول إنه لاحظ مجموعة من الشباب صغير السن يتحركون سويًا تجاه المحلات التجارية لتحطيمها "لكن مكنوش بيحرضوا حد"، كما أن المتظاهرين بشكل عام يلقون بالطوب خلال الاشتباكات مع الأمن.
وقد خرج حوالى 136 ألف متظاهر من "السترات الصفراء" في أنحاء فرنسا، يوم السبت الماضي، على الرغم من اعتقال أكثر من 1200 شخص.
كان الهتاف الأساسي لتظاهرات الشانزلزيه كما سمعه عزت "ارحل يا ماكرون"، خلال الأسابيع الماضية توسّعت المطالب بعدما انطلقت الشرارة بغرض إلغاء قرار زيادة سعر الوقود، الغضب ظهر خلال تعامل طرفي الأمن والمتظاهرين كما رأى عزت، رغم أن هناك أكثر من صورة التقطها الشاب لورد أصفر بيد المشاركين "دا مكنش الرمز الغالب لليوم، العنف من الطرفين كان أكتر بكتير".

احتجاجات السترات الصفراء بباريس (6)

يوم واحد للأحداث غطته عدسة إبراهيم، فيما لاتزال التفاصيل عالقة بذهنه؛ من بينها لحظة أخذ الأمن لقناع الغاز، شمّ عزت الكثير منه، لم يستطع التنفّس، وخارت قواه تمامًا "نزلت على الأرض، حطيت راسي بين رجليا، وقفلت عنيا جامد"، فجأة شعر عزت بنفسه مرفوع بين أيدي مجهولة "أربعة من المتظاهرين شدوني وجريوا بيا".
انتهى اليوم، وعايش عزت تجربة مُهمة خلال مسيرته في مجال التصوير، يشعر بالامتنان لإدراكه لحظة تاريخية مثل هذه، كما يأمل أن تمتد اقامته حتى يقوم بالتغطية مرة أخرى، لذا مازال يُتابع بنهم ما يحدث عبر آراء الناس في الشارع، والتغطية الإعلامية، يرى من متابعته لآراء الناس في الشارع والمواصلات أن تعاطفهم قلّ كثيرًا نحو حركة السترات الصفراء، بعد تراجع الحكومة عن تنفيذ قرار زيادة سعر الوقود "الناس شايفة إنه كفاية مظاهرات طالما البنزين مش هيزيد، مش فاهمين المتظاهرين عايزين أيه تاني".

فيديو قد يعجبك: