إعلان

انتفاضة السترات الصفراء بعيون فرنسيين يقيمون بالقاهرة: "مش زي ثورة يناير"

03:27 م الإثنين 10 ديسمبر 2018

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

كتب- أحمد شعبان ومحمود عبدالرحمن:

كان موعد ذهاب الشاب الفرنسي "نوح" لحضور دروسه بالمركز الثقافي الفرنسي في المنيرة؛ استيقظ من نومه وارتدى ملابسه، وفي طريقه كان يتصفّح هاتفه، أتته أخبار احتجاجات "السترات الصفراء" في بلاده، قابل رفاقه ودار الحديث بينهم، ليعلن كل منهم رأيه فيما يجري.

يدرس "نوح"، 22 عامًا، اللغة العربية في مصر، أتى إليها قبل شهور بعد أن أنهى دراسته للاقتصاد في فرنسا، يقول إنه تمنّى أن يتواجد هناك ليشارك في التظاهرات التي انطلقت في الـ17 من نوفمبر الماضي، للاعتراض على قرار الحكومة زيادة ضرائب على الوقود، والذي أدى لمزيد من التراجع في القدرة الشرائية.

وشهدت باريس وعدد من المدن الفرنسية الكبرى أعمال شغب واشتعال الحرائق ومعارك كرّ وفرّ بين المحتجين والشرطة، وحسب وزارة الداخلية الفرنسية فقد تظاهر بباريس أمس الأول السبت، حوالي 136 ألف شخص.

لا ينتمي الشاب العشريني لأي من الأحزاب السياسية في فرنسا، ولم يدل بصوته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز فيها ماكرون، ويرى أن الأخير شعبيته قليلة، ولم ينتخبه سوى عدد قليل من الشعب الفرنسي الذي قلت نسبة مشاركته في الانتخابات الأخيرة عن سابقاتها.

رغم أعمال العنف التي شهدتها التظاهرات الغاضبة؛ لا يبدي "نوح" قلقًا كبيرًا، برأيه "المتظاهرون سلميون وقوات الشرطة هي من تبدأ دائمًا بالعنف"، يقول ذلك بينما يشير إلى أنه اعتاد مؤخرًا تصفح "تويتر" وجروب خاص بـ"السترات الصفراء" على "فيسبوك"، ليعلم ماذا يجري.

أما "جال"، صاحبة الـ23 عامًا، ففرحت كثيرًا بالتظاهرات التي خرجت ضد "ماكرون"، تقول إن قرار رفع أسعار البترول، ليس المشكلة الوحيدة لدى الحكومة، فرغم تجميد ماكرون للقرار، إلا أن الحشود الغاضبة ما زالت في شوارع فرنسا "هناك مشاكل كثيرة والرئيس الفرنسي يعمل لصالح الأغنياء متناسيًا باقي الطبقات، هو يحب الأغنياء ولا يحب الفقراء والطبقة المتوسطة، ولا يوفّر لهم أي حماية اجتماعية، لذا أنا لا أحب ماكرون".

أرادت الفتاة أن تكون في فرنسا للمشاركة في الاحتجاجات، غير أن دراستها للغة العربية في مصر، التي قدمت إليها قبل 3 أشهر، حالت دون ذلك. تتابع أخبار التظاهرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تهاتف والديها من وقت لآخر للاطمئنان عليهم، وبالرغم من أنها تنتمي لمدينة صغيرة في الجنوب، تولوز، إلا أن قوات الشرطة انتشرت بها بشكل كثيف على غير العادة، بعد اندلاع التظاهرات، وأغلقت شوارع وطرق كثيرة.

مثل "نوح" لا تخشى "جال" مما ستؤول إليه الأمور بعد التطورات الأخيرة، تشير إلى لجوء الشرطة للعنف وسلمية المتظاهرين "هي عادة الشرطة منذ أيام ساركوزي وأولاند"، فيما تقول إن المتظاهرين لا يوجد من يقودهم ويتحدث بلسانهم، وهذه نقطة ضعفهم كما قوتهم، حسب ما ترى. تشرح "جال" أكثر: "كل الفئات المختلفة تشارك في الاحتجاجات، وكلٌ يعبّر عن رأيه، هذا شيء جميل، لكن ذلك يجعل طلبات المحتجين مختلفة، كل واحد منهم أو جماعة صغيرة له مطلب ما، والحكومة لا تجد في النهاية من تتحدث إليه، ويحدد المطالب التي يريدها المحتجون بدقة".

حين تُطالع الفتاة العشرينية المواقع الإخبارية، تجد "تهويلًا"، على حد قولها، لما يحدث في فرنسا "لا يوجد حرب هناك أو عنف كما أجد في بعض الأخبار"، فيما تذكر أنها ناقشت زميل مصري فيما حدث "قال لي الوضع عندكم في فرنسا مثل ثورة يناير، قلت له هذا غير صحيح، الوضع مختلف جدًا".
رغم أن الدكتور "مارك رينيير" الأستاذ الجامعي الفرنسي في مصر، يرى أن سياسات الحكومة الفرنسية متعارضة مع الشعب، إلا أنه لا يؤيد التظاهرات رغم تفهمه لأسبابه، يبرر ذلك قائلا: الحكومة اضطرت لرفع أسعار الوقود واتخاذ عدد من الاجراءات للحفاظ على البيئة، لأنها كانت تحت ضغط عدد من الاتفاقيات التي وقعت عليها.
أبدى تفاؤلًا بتراجع الحكومة وإلغاء زيادة الضرائب على الوقود، كان يتمنى أن يُنهي ذلك الاحتجاجات وتعود فرنسا للحياة بشكل طبيعي، غير أن الغضب تواصل ورفع المحتجون مطالب أخرى من بينها الدعوة إلى رفع الأجور، وتخفيض الضرائب، ومنح رواتب تقاعدية أفضل، فضلا عن تسهيل اشتراطات القبول في الجامعات، لذا يشدد "رنيير" على أهمية أن تجد الحكومة حلًا سريعًا وعاجلًا لمشكلة البطالة ورفع الأسعار، وما تعانيه الطبقة الفقيرة.

في ركن جانبي هادئ أمام باب المركز الفرنسي بالقاهرة، كان يجلس "لونيس" يطالع بعض دروسه في اللغة العربية، حين سُئل عن الاحتجاجات في فرنسا، لم يبد اهتمامًا كبيرًا في البداية، صمت قليلًا ثم شرح أن هناك دوافع كثيرة تدفعه لتأييد الاحتجاجات "الحكومة اتخذت إجراءات كثيرة صعبة على الناس، الرئيس غير محبوب والحكومة كذلك، هو ظن أنه ما دام فاز في الانتخابات فلن يستطيع أحد أن يراجعه؛ الديمقراطية غير ذلك".

فيديو قد يعجبك: