إعلان

كيف يواجه "طوارئ" قصر العيني أزماته؟

01:29 م الثلاثاء 08 أغسطس 2017

لافتة استقبال طوارئ القصر العيني

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت– يسرا سلامة:

لم تجد أم محمد -اسم مستعار- سبيلا أمام تعرض زوجها لحادث حريق، إلا أن تأتي من بلدتها ببني سويف متجهة لمستشفى قصر العيني بالقاهرة "بنيجي هنا لإنها ثقة ومفيش مستشفى قريب مننا زي طوارئ القصر العيني"، تتابع السيدة إجراءات علاج زوجها، وفي الطريق تمر على أقران لها من ذوي المرضى، منهم من امتد على الطرقات التقاطا للأنفاس، وآخرون يحلمون بإنجاز الكشف، عقب الوصول عبر طريق شاق يقطعه الأغلبية من محافظات متعددة.

داخل قسم الطوارئ بقصر العيني، تجول "مصراوي"، البداية كانت مع قسم الحوادث والحروق في المكان المعروف برقم 185، والذي يعمل على مدار الساعة، والذي يستقبل قرابة 100 حالة يوميا، بحسب الطبيب ممدوح عبد السلام، مساعد مدير قيم الطوارئ بالقصر لـ"مصراوي". مضيفا أن عدد المرضى يتضاعف في أيام العطلات الرسمية والأعياد؛ نتيجة لإغلاق المستشفيات الأخرى.

القصر العيني

يستقبل قسم الطوارئ الحالات بستة طوابق داخل المبنى الجديد، الذي تم افتتاحه في مارس 2015، بعهد رئيس الوزراء إبراهيم محلب، ووزير الصحة عادل العدوي، نقلا من المبنى القديم، الذي تحول الآن لاستقبال مرضى الباطنة. بقسم الطوارئ يستقبل الأطباء بالدور الأرضي بـ"الاستقبال"، بجانب أكشاك لـ"الجراحة، الأنف والأذن، الرمد، والمسالك"، تلك الأكشاك تستقبل المرضى لتحويلهم إلى العيادات الأكبر، بجانب غرفة الإسعافات الأولية التي يظل بها من لم يجد سريرا في داخل مبنى الطوارئ.

الحاجة الأكبر للمرضى بالحالات الخطيرة، والتي لا يُمكن تحويلها لمستشفى آخر هو قسم "الرعاية المركزة"، يقول عبد السلام إن "الطوارئ" يستقبل الحالات الأكثر خطورة نقلا للرعاية، وأيضا من يخرج من أي عملية جراحية، نظرا لصعوبة نقل أي مريض من العمليات إلى رعاية مركزة لمستشفى آخر "المشكلة الرئيسية في قسم الرعاية"، القسم به غرف مجهزة مغلقة، لكن أزمة أخرى تقف حائلا بين المرضى والأطباء.

أزمة ممرضات داخل القصر

"نقص عدد الممرضات".. كما يقول عبد السلام، هى أول أزمة تواجه الطوارئ، والذي لا تتوقف فيه حركة المرضى والزائرين على مدار الساعة، يقول النائب إن الأزمة ليست بقصر العيني وحده، لكن بالمستشفيات الجامعية والحكومية، فالممرضات يجدن عوامل جذب بالمستشفيات الخاصة "الرواتب هنا متدنية.. لا تزيد راتب الواحد عن 1500 جنيه، في المستشفيات الخاصة بيتحاسبوا بالشيفت وفي العمليات بيوصل الحساب بالساعة"، يقول عبد السلام، موضحا أن ممرض الرعاية المركزة ذي كفاءة أعلى من الممرض العادي "هو بيتعامل مع مريض فاقد الوعي، ومش بيقدر يقول اللي محتاجه، بيدي أدوية مثلا بتركيزات معينة، ولو أخطأ ممكن المريض يموت".

2

بداخل دور الرعاية المركزة، والذي يقع بالطابق الثاني، بدا نقص الممرضات واضحا؛ إحدى أهالي المرضى تسأل عن طلب طبي بتركيب أحد الأجهزة لمريضها، فيما تطلب منها إحدى الطبيبات أن تنتظر الممرضة التي تنهي طلب مريض آخر، لقرابة الساعة تعطل عدد من الأعمال بقسم الرعاية، نتيجة لغياب "أمل" كبيرة الممرضات عن الدور، لإحد المهام بدور آخر بمبنى الطوارئ.

"أنا نفسي أطلع معاش بدري.. أنا بقالي 15 سنة هنا في الطوارئ" تتنهد بها "أمل"، تُمسك بيدها مجموعة من الأوراق، توجه إحدى الممرضات للعمل، متابعة "إحنا هنا بنطبق كتير " في إشارة للمبيت".. للأسف عددنا قليل، ومش بنكفي العدد الكبير من المرضى، وظروفنا المادية صعبة جدا"، تضيف كبيرة الممرضات بالرعاية المركزة لـ"مصراوي".

يقول عبد السلام، نائب الطوارئ، إن الطبيعي هو تواجد ممرض لكل طبيب، تقسيما على ثلاثة مناوبات باليوم، بخلاف أيام الإجازات، يفسر "يعني محتاجين مش أقل من 90 ممرض في قسم الرعاية فقط، لكن الحالي إن عددهم لا يتجاوز الـ60 ممرض"، بواقع ممرض لكل مريضين. قسم الرعاية المركزة يعمل به 31 سريرا، رغم أن به قرابة 50 سريرا "فيه غرف مغلقة لإن مفيش ممرض يخدم المرضى.. الممرض هو همزة الوصل بين المريض والدكتور".

3

يفتح عبد السلام باب الأمل "ممكن حلول توضع لجذب الممرضات، أهمها الرواتب المتدنية، وأن فترة التكليف للخريجين تزيد من سنة لسنتين". يخاطب قصر العيني كل من معاهد التمريض لخريجين جدد، لكن يتركون المبنى العتيق بمجرد انتهاء فترة التكليف.

الضغط المتزايد على المبنى

قبل عام من الآن، تعودت حنان مصطفى، مدرس التخدير بقسم الرعاية المركزة، على رؤية فئات فقيرة داخل قصر العيني، تقول الطبيبة إنه منذ غلاء المعيشة والتعويم، أصبحت ترى طبقات أعلى –بحسب وصفها- داخل قسم الطوارئ "بنعرفهم من لبسهم وطريقتهم" يذكر أن الخدمة المجانية في كل القطاعات تفتح الباب لجميع الفئات لتلقي الخدمة بقصر العيني، لكن الإقبال المتزايد شكل "عبئا"، بحسب عبد السلام.

"إحنا مش بنمشي أي مريض محتاج للرعاية.. لكن خايف يجي اليوم اللي منقدرش نستوعب كل هذا العدد".. يشير عبد السلام إلى مخاوفه بخصوص مستقبل "الطوارئ"، معبرا عن أمله بأن يكون هناك "تنظيم" أكثر في استقبال المرضى بالمستشفيات الجامعية "لو مريض عنده خُراج بيجي القصر لحد مريض الشريان الأورطي اللي ممكن يموت في دقايق.. ده طبعا يعتبر ثقة لإن الناس بتثق في مستشفى جامعي ومجاني، لكنه من الناحية التانية ضغط كبير على الاطباء والأسرة بالقسم".

4

يقترح الطبيب – والذي يعمل بالطوارئ لأكثر من عشرين عاما- أن يتم تنظيم استقبال المرضى من وزارتي الصحة التعليم العالي، بحيث يوجه للمستشفى الجامعي الحالات الأكثر حرجا "إحنا عندنا دكاترة كفاءات في كل القطاعات، ومفيش مانع إن أساتذة وأطباء يتم انتدابهم بكل المستشفيات المحيطة". يعتقد النائب أن هذا الضغط يقلل "حق المريض" الذي لن يجد رعاية سوى بقصر العيني "هنا مناسب للحالات الأكثر خطورة، الحوادث والحروق والقلب وانسداد الشرايين والعمليات الخطيرة.. لكن الحالات الأقل خطورة ليه ما تتجهش لمستشفيات محيطة؟".

لكن من لا يجد مكانا بالرعاية المركزة بالطوارئ، لا طريق له سوى الانتظار بغرفة الإسعافات الأولية "بيستنى سرير يفضى، يعني صاحبه يخرج.. أو يموت"، يقول عبد السلام.

التبرعات.. "مبادرات فردية"

بغرفة مدير قسم الرعاية المركزة، يستقبل أحمد مختار، نائب رئيس قسم التخدير استفسارات أهالي المرضى، يتابع عمل الأطباء، وبالغرفة نفسها يتواجد صناديق -كراتين- لأحد الأجهزة المساعدة في التعامل مع حالات ارتفاع ضغط الدم وتعطل حركة القلب، الجهاز الحديث جاء عقب "مبادرات فردية" من الأطباء بالتعاون مع لجنة الزكاة بالمستشفى، وكذلك جمعية أصدقاء قصر العيني، يؤكد مختار أن التبرعات محاولات فردية تغطي ما لا يزيد عن 20% من حاجة قسم الطوارئ وحده.

الرعاية المركزة واحدة من طوابق ستة، الطابق الأول لعمليات الجراحة، والثالث لاستقبال حالات القلب والصدر، والرابع والخامس جراحة عامة، والسادس للحروق، ويجري العمل بالطابق السابع لتجهيزه للعمل على دور مخصص أيضا لحالات الحروق، يسلط مختار الضوء على الأزمة الثالثة لمبنى الطوارئ، وهى التبرعات.

قصر العيني

المبنى بالكامل تم إنشائه اعتمادا على التبرعات، وكان الركيزة الأساسية بها للبنك الأهلي المصري، فيما يواجه القسم أزمة صيانة الأجهزة "الصيانة مش بتحصل بشكل دوري" يقول مختار، فيما يستكمل عبد السلام "الضغط العالي بسبب عدد المرضى المرتفع على الأجهزة يجعل كفاءتها أقل، وبالتالي تتعطل أسرع".

يواجه "الطوارئ" أزمة أخرى عقب التعويم وهى ارتفاع أسعار الأجهزة، يقول مختار "فيه مجس مثلا بيوضع في جهاز الموجات الصوتية، المجس وحده كان 20 ألف جنيه، دلوقتي وصل 70 ألف جنيه بسبب ارتفاع الدولار".

ارتفاع أسعار الأجهزة، والضغط عليها، يجعلها أولوية أولى أمام "الطوارئ" من المتبرعين "لما بيجي متبرع، بنقوله اللي محتاجينه من الأجهزة، أو لو عايز يتبرع بسرير، ده اختيار مريح للمتبرع، بيحب حاجات عينية مباشرة"، يقول عبد السلام.

لجنة الزكاة وجمعية أصدقاء القصر العيني كلاهما يخدم 9 مستشفيات كاملة داخل القصر، واحدة منهم هى الطوارئ، يؤكد الطبيبان عبد السلام ومختار أن المستشفى ليس لديه أموالا مخصصة لـ"البروباجندا" بحسب تعبيره "إحنا يمكن محتاجين تبرعات أكتر من مستشفيات أكتر؛ نظرًا للعدد الكبير من المرضى، لكن أولويتنا كل مريض قبل الإعلان". وشهد شهر رمضان الماضي ظهور أول مجموعة إعلانات تحس الجمهور للتبرع لمستشفى الطوارئ.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان