إعلان

بسمة عبد العزيز تحلل نفسية المصريين: المواطن مفعول به.. بمزاجه (حوار)

10:36 ص الخميس 01 يناير 2015

بسمة عبد العزيز مع محررة مصراوي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار - أحمد الليثي ورنا الجميعي:

للقمع وللتعذيب في بلادنا تاريخ، بحثت عنه، نقبت خلفه، وأصلت لجذوره، بدءا من عصور ما قبل الميلاد ووصولا إلى شهور سبقت الثورة، وأكدت أن الغضب على الأبواب، فيما كانت نبوءتها في محلها، في كتاب حمل اسم ''إغراء السلطة المطلقة''.

فيما مرت أعوام أربعة دشنت خلالها بسمة عبد العزيز، الطبيبة النفسية والفنانة التشكيلية الشابة وثيقة أخرى، ببحث شامل عن تاريخ التعذيب ومنظومته، أرخت خلالها ''ذاكرة القهر''، عن دور الجلاد والضحية، وكيف ينجو من أهلكته سياط المستبدين.

حاورناها للوقوف على تبعات التعذيب على النفس قبل الجسد، وكيف عادت القبضة الأمنية من جديد، كيف يبرر الشعب القهر، ومن يصوغ أفكار الظلم للعقول فتتلقاها برحابة، ومتى صار المواطن عدوا للدولة، ولماذا يتساوى رأس السلطة مع المخبر في تحمل إثم التعذيب.. وتفاصيل كثيرة في هذا الحوار:

* ذكرتِ في مقدمة كتابك ''ذاكرة القهر'' عن أشخاص استسلموا أمام سطوة الجلاد، من هم؟

-أشخاص كثيرين تعرضوا للتنكيل والتعذيب ورصدتهم خلال عملي بمركز النديم.

* وما هي أهم الملاحظات التي دونتِها خلال تلك التجربة؟

- الملحوظ جدًا إن الناس اللي بتتعرض للتعذيب ويكون عندها أمراض نفسية جراء ذلك ''قلق، اكتئاب، عزلة، قلة نوم'' في الغالب بيطلبوا رد اعتبارهم، أهم من العلاج النفسي، ولو حصل رد الاعتبار دا شكليًا ببلاغ في القسم او استمرار قضية أو حتى اعتذار ظابط شفويًا، بيحس الضحية إنه في مصدر قوة وبتتحسن حالته بنسبة تسعين في المية، لكن الأزمة لما يستحيل رد الاعتبار دا.

* ماهي التبعات التي تنجم عن تعرض شخص للاعتقال أو التعذيب؟

-إحساس الشخص بالإهانة النفسية يكون أعمق بكثير من آلام الجسد والعوامل الشخصية بتفرق جدًا في استقبال الشخص للتجربة المريرة دي، فلو هناك شخصية ضعيفة تنهار سريعًا، على عكس أصحاب النفوس الصلبة وكذلك تختلف حالة كل شخص حسب تجاربه السابقة وأيضًا القضية التي يؤمن بها.

* وما رد فعل ذلك على المجتمع؟

- تختلف من شخص لآخر أيضًا، فهناك من يفضل الانزواء والابتعاد عن الناس وهناك من يتحول لشخص ناقم وآخر يفكر في الانتقام، وهناك أيضًا من يحول الأمر لشئ منتج من خلال الانضمام لجمعيات حقوقية مثلًا للدفاع عن أقرانه في الوقوع تحت وطأة التعذيب.

* ذكرت في كتابك أيضًا أن المهمشين هم الأكثر تعرضًا للتعذيب طوال تاريخ البشرية؟

- طبعًا لأنه لا يكون لديهم مقومات للدفاع، خصوصًا في المجتمعات التي تعتمد على النفوذ والسلطة، لكن الأمر الملحوظ أن هناك طبقات أخرى دخلت تحت طائلة التعذيب وبخاصة في عهد مبارك، من خلال القبض العشوائي وتحويل كافة المواطنين إلى أعداء حسب الطلب.

رأس السلطة هو الحلقة الأقوى في عمليات التعذيب

* ساويت بين رأس السلطة والمخبر في إلقاء اللوم عليهما خلال عمليات التعذيب؟

- طبيعي فكليهما صاحب يد مؤثرة في النيل من الضحية، علاوة على أن دور رأس السلطة يفوق المخبر، لأنه في موقع قوة وتحكم وإثابة وعقاب، وما يحدث في النهاية هو محاسبة الحلقة الأضعف.

* خلال عملك في مركز النديم واجهت العديد من المواقف المؤلمة، فهل كانت هناك أي نوع من الطرفة أو ما يدعو إلى الضحك؟

- نقدر نقول موقف وحيد خاص بأبحاثي لما فكرت أجري حوار مع حبيب العادلي بعد الثورة، بخصوص كتاب ''ذاكرة القهر''، فطلبت من محاميه بعد أن قرأ كتاب ''إغراء السلطة المطلقة'' وتوقعت أن يرفض بسبب ما يحويه الكتاب من تاريخ ملئ بالأزمات والقمع للشرطة في مصر على مر عصورها، لكن الغريب إن المحامي أعجب جدًا بالكتاب وقالي ''داه ينفعني في المرافعة عن حبيب بيه'' ولما سألته عن السبب قال إنك ذكرتِ وجود حبيب العادلي في الوزارة كأكبر مدة لوزير داخلية وهو ما يدل على كفاءته.. والطريف إن سمعت رأيه ولم أقابل العادلي.

* قبل الثورة بشهور قليلة سردت في كتابك ''إغراء السلطة المطلقة'' تاريخ القمع الشرطي في مصر.. وتنبأت بقيام الثورة بسبب ذلك.. فلماذا اخترتِ الشرطة كسبب رئيس لاندلاع الثورة؟

- الناس بتشوف إن السلطة هي الشرطة والبسطاء بيشوفوا الحكم من خلال ''القسم''، وقبل الثورة كان أمين الشرطة والضابط رمز للذل والقهر والمهانة والرعب في حياتهم، فكان طبيعي إن الثورة والغضب يوجهوا للجهاز ده ورجاله.

عودة الشرطة بشكل أقوى لأن ''الضربة اللي متموتش تقوي'' ودافعها الانتقام

* كيف حللتِ عودة الشرطة كسابق عهدها خلال تلك الفترة الوجيزة؟

- الشرطة اتهزت ومش هقدر أقول انكسرت، اللي حصل بالظبط هو المثل الشعبي اللي بيقول ''الضربة اللي متموتش بتقوي''، ودا اللي عملته الداخلية، ظبطت صفوفها وسابت المواطن يشوف الانفلات الأمني بعينه التلقائي منه والمصنوع.

* ذكرت في كتابك أن الانتقام هو أهم دوافع عمل الشرطة بعد الثورة، فهل مازال الدافع موجود إلى الآن؟

- الشرطة حست بإهانة يومي 25،28 يناير 2011، وبعد مرور أربع سنين مفيش شيء حقيقي اتحقق من الثورة، فكان من التلقائي إن نفوس رجال الداخلية تردد كلمات ''احنا مغلطناش أصلا، والثورة هي الخراب''، وبدأت تتردد في مصطلحاتهم احنا وانتوا من جديد وبات الأمر أشبه بشخص يرد الإهانة لمن كلفه إياها من قبل.

المواطن المصري :لف وارجع تاني

* وكيف ترين الانتكاس الذي حدث للمواطن خلال أربع سنوات عادت فيها الشرطة بشكل أكثر قوة؟

- سقف التوقعات ارتفع جدًا بعد الثورة خصوصًا إن رحيل مبارك تم في 18 يوم بس، لكن الحقيقي إن كل اللي حصل إن مبارك مشي، لكن حصل اضطرابات في الأمن وانهيار في الاقتصاد وأكل العيش اتهدد، ولما الناس اختارت رئيس بإراداتها كانت النتيجة مخزية وخيبة للآمال، فبقى المواطن بينه وبين نفسه يقول ياريت نرجع لقبل 25 يناير.

* وماهي المبررات التي تقود المواطن لذلك، وهل هناك عوامل مؤثرة أعادت الشرطة لمكانتها القديمة؟

- طبعًا، فالشعب المصري بطبعه يحب فكرة الأب والشخص القادر المتحكم في الأمور وهو ما تم في وجود الفريق السيسي –حينها- والذي احتضن الشرطة بنفسه بعد فترة من التهميش تلت الثورة .. تعتبر الأبواق الإعلامية هي العامل المؤثر الأهم في رجوع الشرطة لكرتها الأولى حين باتت تتحدث بصيغة أن الشرطة طول عمرها كويسة وكل ما كان يقال عن التعذيب في السجون أو دور أمن الدولة هو مجرد تسخين قامت به جماعات عدوة للدولة لتسهل إشعال الثورة.

* ولكن كيف يُقنع المواطن نفسه بشيء قد ثار عليه من قبل، وكيف يجد ما يبرره لظلم شخص آخر؟

- كل شخص لديه ما يسمى في علم النفس بالآليات الدفاعية ويستخدمها حين يقع في حيرة بين أمرين، ويقف أمامهما عاجز عن وجود حل فيبدأ اللاوعي في الانسحاب من المشهد بأي مبررات، المهم هو أن يريح دماغه، يعني السلطة تقمع بشكل كبير فتلاقي الرد ''يستاهلوا، دول شوية مخربين''، أو لما المواطن يحس إن القمع زاد عن الحد يبتدي يدور على مخرج تاني من خلال ''التبرير'': ''تلاقي الشباب دول قلوا أدبهم، ماهو مش معقول الشرطة تضرب كدا على الفاضي''، ولما يستبد الأمر بالمواطن ويلاقي نفسه أمام حيطة سد يدخل في مرحلة ''الإنكار'' وهو اعتبار ما يجري حوله وما يسمعه شئ غير موجود.

* وهل ذلك السلوك له علاقة بطبيعة الشخصية المصرية؟

- نعم، فنحن شعب يصدق السلطة دومًا من دون أن تقدم له سند، ونعتمد بشكل كبير في تفاصيلنا على المبالغة والمغالاة في قبول القمع، ولدينا ما نبرره على طول الخط لولي الأمر لارتباط التراث المصري دومًا بالأبوية، فالمدرس والحاكم والشيخ والكاهن هم أشخاص بعيدين عن الوقوع في الأخطاء وكأنهم ملائكة.

''الشرطة في خدمة الشعب'' زي ''المواطنون الشرفاء'' .. كلها ''شعارات''

* شعار الشرطة تغير أكثر من مرة، من ''الشرطة في خدمة الشعب'' إلى ''الشرطة والشعب في خدمة الوطن'' ثم العودة من جديد إلى الشعار القديم، هل للشعارات دلالة؟

- أحيانًا يكون الشعار انعكاس للواقع، وفي أحيان أخرى يكون الشعار صك لتغيير الواقع لما هو مأمول، مثل كلمة ''المواطنون الشرفاء'' هي كلمة تبدو جيدة على المستوى اللغوي لكن مدلولها يصنف الناس بين شريف وعميل، وهو ما تبحث دائمًا عن تثبيته في الوعي من خلال الإعلام ووسائل أخرى تدعم الفكرة، وكذلك كانت شعارات الشرطة، فبعد أن كانت مهمتها هي خدمة المواطن باتت الجملة ''الشرطة والشعب في خدمة الوطن'' تضع كليهما على نفس السطر لخدمة الوطن، والغريب إن مفيش تعريف واضح لمعنى ''الوطن''.

* طوال بحثك في التاريخ الشرطي بداية من الفراعنة وحتى يومنا هذا، كان هناك إقرار بأن ولاء الشرطة للحاكم على طول الخط؟

- دي حقيقة، وكأنها نزعة فطرية .. ممكن نقول إن ده شئ طبيعي فكل شخص يدين لأصحاب الفضل عليه، لكن الأزمة في موضوع الشرطة هو ''إزاي صاحب الفضل يستغل الولاء ده''، ودا اللي بيظهر من خلال السلطة اللي بيكون هدفها هو الاستمرار في موقعها باستخدام أدوات وأيادي أهمها على الإطلاق الجهاز الشرطي.

* وهل لا يوجد أمل في التمرد على ذلك الوضع من داخل الجهاز؟

- المنظومة لما تتجذر وتتوغل في الفساد يكون صعب جدًا تفكيكها، لأنها بتكون ربطت شبكة مصالح ومواءمات تجعل من الصعب انهيارها لذلك تحولنا في مصر بسهولة من ''فساد في الدولة'' إلى ''دولة فساد''.

* فكيف يكون المخرج لأزمة الجهاز الشرطي؟

- الحل في إرادة سياسية حقيقية من خلال رأس السلطة، هو الوحيد القادر على تغيير الأوضاع ووضع قوانين تؤكد أن هناك ثورة وعليه تغيير نمط الشرطة وتعاملها مع الناس بشكل أكثر حرفية.

''عسكرة الشرطة''

* في العصر البطلمي تم تبديل المهام بين الشرطة والجيش مما أثر على عمليهما، كما ذكرت في كتابك، فكيف ترين ذلك الخلط بين المؤسسات؟

- عقيدة الجيش هي حماية الوطن وحدوده من الأعداء الخارجيين، أما الشرطة فمهمتها حماية أمن المواطن وتأمين الشأن الداخلي لكن لما يحصل خلط ، طبيعي يبقى فيه أزمة حتى على مستوى التسليح، لأن رجل الجيش متعود على المواجهة القتالية بشكل أساسي حتى إنه فيه أزمة ظهرت في أمريكا بولاية فرجيسون، عنونتها الصحافة بعبارة ''عسكرة الشرطة'' بسبب وجود أسلحة تقيلة مع رجال الشرطة تماثل تلك التي كان يستخدمها الجندي في أفغانستان من سنوات. المشكلة الكبيرة هي إن التماهي بين السلطات يوصل لحالة ميؤوس منها خصوصًا لما الأمر يطول مؤسسات القضاء ويبدو إنه هناك اصطفاف بين الجيش والشرطة والقضاء.

* وكيف ترين وجود قوات الجيش بشكل دائم في الشوارع؟

- شئ مستغرب جدًا، لأنه بيدي دلالة عكسية ''هل الشرطة مش قادرة تحمي المؤسسات لوحدها''، لكن كل شخص بيشوف الموضوع من منظوره، يعني ممكن حد يعتبر وقوف الدبابة في شارعه شئ يقبض القلب، لكن ناس تانية تعتبر دا منتهى الأمان، الحقيقي إن الموضوع أشبه بحالة الانتشاء السريعة بسبب عودة الدول وهيبتها حسب رؤية بعض المواطنين، إنما بعد فترة هيبدأ السؤال الطبيعي ''لحد امتى هيستمر وجود الشرطة والجيش مع بعض في الشارع''.

الداخلية ''عاوزين جسم من غير عقل''

* قبل أيام صرَحت وزارة الداخلية بقبولها لمعاوني الشرطة بمؤهل الإعدادية، كيف تلقيت الأمر؟

- دي مهزلة، بعد الثورة طالبنا بوجود وعي أكبر لدى رجل الشرطة لأن دخول الطالب دخول الشرطة في سن صغيرة وهو محمل بطبع الشباب المليء بالتباهي وحب الذات، يجعله يتشرب عمله بمنطق فوقي، وكنت أفضل دخول الراغبين في الالتحاق بالشرطة لكليات الحقوق أولًا لفهم القانون وروحه، ومن ثم النزول إلى الشارع والتعامل مع المواطنين، أما التحاق صبي لم يكمل 15 عام لجهاز الشرطة فهو رسالة صريحة من الداخلية أنه ''عاوزين جسم من غير عقل''.

* في ثمانينيات القرن الماضي، كانت وزارة الداخلية تنشر في مجلة الأمن العام استطلاعات رأي لأدائها على الكتاب والمثقفين، وبمجرد ما بدأ الانتقاد إليها تحوّل الاستطلاع إلى شئ أشبه ببرقيات التهنئة، كيف رأيت ذلك التحول خلال بحثك عن التاريخ الشرطي؟

- دايمًا كل نظام بيكون عنده ''ديكور للديمقراطية'' وهو وضع مجموعة من الشكليات في الحياة السياسية والاجتماعية للتدليل على أن نمط المعيشة يسير بشكل مثالي وأن المجتمع منفتح وقابل للتحرر والحريات، لكن بمجرد أن تبدأ تلك الشكليات في التحول إلى أسلوب حقيقي وأداة فاعلة تنقلب الأمور ''يعني يقولولنا اعملوا أحزاب وجمعيات حقوقية وأول ما تبدأ الأحزاب أو الجمعيات تشتغل على الأرض يتم اتهامها بالعمالة والتخريب''.

* لكل نظام مشروع قومي يبدأ به حقبته، كدلالة على العمل والتطوير، لكنك حللت الأمر بشكل مختلف، لماذا؟

-لأن كل سلطة بتحاول تضع للناس أمل طول الوقت، وفي المقابل بتسلب منهم حقوق أهم، فتلاقي الناس بتقبض مرتبات ضعيفة والتعليم هش والصحة على الأد، والطبيعي في الظروف دي إن الناس تغضب وتتذمر، لكن وجود الأمل اللى السلطة بتحطه بيكون مهدأ للأوضاع دي، خصوصًا إن معظم المشاريع بيكون عائدها مؤقت .. الأهم إن النظام يكون عنده رؤية شاملة مش مجرد مشروع نحشد وراه الناس، والمواطن بيبقى عنده ترمومتر في لحظة معينة لو أدرك إن الموضوع مجرد وهم بينقلب على كل الماضي ويتحول لناقم على أوضاعه.

''حين أصبح المواطن عدوًا للدولة''

* فكرة خلق العدو أمر تاريخي لدى كل الحكام، فهل ترين ما يجري في مصر حاليًا يطابق لنفس الفكرة أم أن الأمر ينطوي على أزمة فعلية ؟

- طبعًا، الفكرة موجودة وأصيلة حتى إن كان هناك ما يجري على الأرض يثير القلق ولكن على طول تاريخنا ونحن نصنع الفزاعات، فعبدالناصر كان يعادي الشيوعيين والسادات مع اليسار ومبارك بدأت فترته بمواجهة الإرهاب واستغلها بتطبيق الطوارئ تلاتين سنة كاملة.

* وفي رأيك لماذا يتم الاعتماد على فكرة خلق العدو ؟

- لأن كل سلطة لا تملك رؤية وتريد أن تتخذ إجراءات قمعية وممارسات بعيدة عن الحرية، لابد أن تجد مبرر لذلك فيكون الأمر هو وجود عدو نحاربه طول الوقت، والأزمة تكمن في مصدر واحد للمعلومات، فحينما نطالع يوميًا أخبار من نوعية تفجير في مكان ويتم نسبه لجماعة بعينها أو مجموعة من المتشددين في حين أن التحقيقات لم تصل فعليًا إلى صاحب الواقعة فمن الممكن أن يكون شخص عادي أو كما جرى في تفجير مديرية أمن الدقهلية حينما اكتشف أن المتهم الرئيسي وراء الحادث كان أحد أعضاء الشرطة، وتكتمل المأساة حين يبقى الأمر على ما هو عليه دون تدقيق؛ فحينما تقرر الدولة الانتقام من شخص فمن السهولة بمكان أن تلصق به تهمة من تلك التهم المطاطة.

* تاريخيًا .. هل كان المواطن عدوًا للدولة ؟

- نعم، في وقت مبارك لأنه اعتمد في حكمه على أدوات القمع والاستبداد ولم تكن لديه رؤية واضحة للأمور ولم يتخذ جانبًا واضحًا اقتصاديَا أو سياسيًا، يعني مكناش نقدر نصنف النظام اشتراكي ولا رأسمالي، يساري ولا يميني، لذلك ومع طول مدة حكمه بقى كل معارض -مهما كان انتماؤه- عرضة للتنكيل، ومعظم المواطنين كان بيتم التعامل معهم كبشر على الهامش فأصبح كل من يتذمر او ينتقد هو عدو الدولة والساعي إلى إسقاطها.

المواطن المصري ''مفعول به بمزاجه''، والدولة تحوله إلى ''مخبر''

* ذكرتِ قبل الثورة أن المواطن في مصر مفعول به، فهل تغير الأمر؟

- طبعًا تغير، ''بقى مفعول به بمزاجه'' طول الوقت بيتعرض لعملية قمع سياسي واقتصادي واجتماعي، لكن فكرة رضوخه والاستسلام بيقبلها على مضض، وبيفتكر إنه عمل ثورة قبل كدا على عكس قبل يناير كان ''ما باليد حيلة''.

* طول الفترة الماضية صار المواطن مشارك للدولة في خطابات السلطة والإعلام كيف تحللي الأمر؟

- شئ مضحك، فلابد أن تتحدد المهام بوضوح، ومن غير المنطقي أن تدعم الدولة فكرة التقسيم فيكون الخطاب مبني على ''نحن وهم''، وليس طبيعيًا أن تكون مهمة المواطن أشبه بالمخبر، وذلك ناتج عن خلل كبير في المعايير الأخلاقية، فنسمي الرشوة إكرامية ونسمي نفاق الحاكم وطنية والمعارض خائن، علاوة على أن الدولة تتنحى عن مهامها بكلمات فضفاضة على غرار ''كلنا بنحمي الوطن''.

* في خلال أربعة أعوام صار التصنيف سمة عامة بين مواطن وعميل، فلول وثوري، مع وضد؟

- المجتمع كله في حالة استقطاب عنيفة، جزء من دا راجع لفكرة الآليات الدفاعية اللي ذكرناها مسبقًا، كل شخص بيحاول يبرر موقفه الفكري حتى لو على حساب المنطق، علاوة على عملية تشكيل الوعي التي تسير على قدم وساق، مش منطقي إن الإعلام يصور لنا إن أبلة فاهيتا عدو، ولا تبقى حياتنا جن وعفاريت .. ''احنا تفوقنا على العبث''.

* وهل للدولة دور في ذلك التصنيف ؟

- السلطة نفسها في حالة انتشاء بنصر سريع ودا مبني على مباركة شعبية بعد تخليص النظام الحالي الشعب من حكم الإخوان، اللى كان مخيب للآمال، لكن الدولة تسير في منحدر مؤسف برجوع كل رجال النظام القديم، علاوة على بعض الرسائل الي تبعث بيها الدولة لمواطنيها من خلال حوادث تعذيب في أقسام تذكرنا بأيام مبارك، وكذلك موضوع التسريبات –إن صح- يبقى الموضوع ''فج جدًا''.

* وما هو دور الجماعة الثقافية في الوضع الحالي؟

- كنت بعتبر بعضهم أشخاص مبدعة لكنهم أدوا أدوار محبطة جدًا، ولم يصمتوا على ما يحدث الآن ولكنهم أصبحوا في صف السلطة، حتى لم يدافعوا عن الحريات، بسبب إن عندهم خوف مبالغ فيه من وصول الإخوان للسلطة، لكن مش مبرر التنازل عن بعض الحقوق العامة وإهدار القوانين بدعوى محاربة الإرهاب خصوصًا لما الأمر يصدر من منظري الأمة ومفكريها

تابع باقي موضوعات الملف:

إرهاب 2014.. ما تيسر من سيرة الخايفين (ملف خاص)

2015_1_1_23_41_48_973

بعد 21 عامًا.. مصراوي يسترجع تفاصيل اغتيال ''الشيماء'' ضحية إرهاب التسعينيات

3maavoy1

حينما يتحول المواطن إلى ''إرهابي'' بدون أسلحة أو تنظيم

4dahej80

في 2014.. الرعب يبدأ من "يوم الجمعة والمترو والكاميرا"

9ejbxto8

7 وزراء داخلية واجهوا ملف "الإرهاب".. (ملف تفاعلي)

29zm4al7

من الإعلام إلى المواطن: ''سنة سودة يا جميل''

2utsww22

حكايات على الهامش.. اللي يجاور الإرهاب ينكوي بناره

30t31wkr

مدير مفرقعات القاهرة: من يطلق خبرا كاذبا عن وقوع انفجار "عدو لمصر" (حوار)

m9gjl4wn

الإنترنت 2014.. شبكة ''معلومات'' و ''إرهاب'' أيضا!

1fcaut1t

ناجح إبراهيم: الشباب في حاجة للوقاية من التطرف.. وداعش تقرأ الإسلام من نعله (حوار)

nwxw6wlk

"زمن الإرهاب الجميل".. وما أدراك ما التسعينات.. (ملف تفاعلي)

e4x2f492

في "دولة المطرية".. الإرهاب رايح جاي

rb9b7m6u

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: