إعلان

محور ''مصطفى النحاس'' الجديد.. الموت تحت إشراف الحكومة

11:30 ص السبت 06 سبتمبر 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-ندى سامي وإشراق أحمد:

سيماه الزحام، هكذا كان شارع مصطفى النحاس بمدينة نصر قبل أن تفكر الحكومة في إيجاد حل يساهم في السيولة المرورية به، أُضيفت إلى المشكلة الرئيس أزمة أخرى بعد تنفيذ ذلك الحل، بدا تحويل الحارة الوسطى لـ''ترام'' مدينة نصر إلى مسار للسيارات فكرة مرضية، لكن مع تخصيصها لحافلات النقل العام علا النداء بالشكوى، والانذار باحتمالية وقوع حوادث خاصة في ظل عدم وجود ممرات للمشاة، لكن العمل استمر وأُفتتح الطريق، وأصبح المارة وسكان الشارع في مواجهة الطريق الجديد وما خلفه من مشكلات تبحث هى الأخرى عن حل بعد أن كان فقط الوقوف أقل من ربع ساعة في الإشارة حلم قائدي السيارات ومستقليها.

في تقاطع شارع مصطفى النحاس مع شارع عباس العقاد يقف عبده شيحة في محطة البنزين، بينما يباشر عمله يتابع الشارع الذي أصبح على دراية بأوقات الذروة والسكون فيه، 24 ساعة يتواجد بها الرجل في أوقات مختلفة، لذلك استطاع أن يرصد التغير الذي طرأ على الشارع.

منذ 3 أسابيع بعد افتتاح المحور المروري الجديد الذي بلغ تكلفته ما يقرب من 60 مليون جنيه –حسب محافظة القاهرة- انشغل الرجل الأربعيني بالشارع أكثر من ذي قبل، ''دي بقت مولد هنا'' يقولها بسخرية يمسها شيء من الحزن، لا تمر الساعة على حسب قوله إلا وسمع أصوات احتكاك السيارات في محاولة تفادي الاصطدام تارة، أو وقوع حادث تارة أخرى.

المرة الأخيرة التي شهد بها ''شيحة'' حادث كانت قبل أيام، وأما الضحية فتاة في مقتبل العمر كانت تعبر الطرق فكادت سيارة أن تصطدمها، وفي محاولتها للعودة كان الأتوبيس من خلفها لتسقط مُغشى عليها، ''ده أحنا لسه لما تدخل المدارس'' بوجه ممتعض يتذكر اقتراب العام الدراسي والتلاميذ الذين يضطرون لعبور الطريق للذهاب إلى مدارسهم.

ثلاث حارات تمر بها السيارات، إن كان عبور الحارتين الجانبيتين يتطلب الانتباه يمينًا أو يسارًا فالحارة الوسطى التي تم تخصيصها لـ30 خط من خطوط أتوبيسات النقل العام بواقع 200 أتوبيس- تتطلب الالتفات إلى الجهتين، فالحافلات تأتي ذهابًا ومجيئًا بالمكان ذاته، وبات مشهد العبور من أقصى الطريق إلى الجهة الأخرى حال الألعاب الألكترونية، حتى مع توقف الإشارة حيث يتطلب الأمر الهرولة قبل أن يُفتح الطريق.

''حاسب يا ريس هنخبط'' بهلع تلفظ أحمد مصطفى بتلك الكلمات وقت أن استقل حافلة نقل عام قبل أيام لمنطقة سانت فاتيما، كان الأتوبيس يسير في الطريق الجديد بينما يتقدم من إحدى الإشارات وفي المقابل تتقدم حافلة أخرى وسيارة ملاكي ''مش عارف إزاي عدى.. كنا على شعرة ونعمل حادثة''، لذلك يجد طالب الثانوي الطريق القديم أفضل ليس فقط في الآمان بل يعتبره أسرع من الحالي ''المترو مكنش بيوقف ولو اهتموا به كان أحسن''.

بتقاطعات شارع مصطفى النحاس لم يعد الاختلاف فقط في العلامات التوجيهية للطريق، التي وضعت مع المسار الجديد، والمطبات الصناعية، ولا الطريق المتقاطع مع الحارات الثلاث الذي أغلقته المتاريس، ليصبح الانحدار والسير في الحارة المخصصة السبيل الوحيد، بل تلك ''الجزيرة'' الصغيرة التي باتت رفيقة الدوران بالحارة اليمنى –جهة الذهاب إلى مدينة نصر-؛ كتلة مرصوفة تأخذ شكل نصف هلال تستقبل السيارات، لم يعلم البعض لها فائدة خاصة بعد رؤية ضررها.

صوت احتكاك عجلات السيارات بالطريق وقت ''الفرملة'' بات أمر اعتياديًا لـ''تامر سمير'' منذ قرابة شهر، حينها رأى للمرة الأولى خمس سيارات متكدسة وراء بعضها البعض فهرع من متجره لرؤية الحادث، غير أن تكرار الحوادث في تلك المنطقة أصبح متوقعًأ، فالرصيف الموضوع بعد التجديدات سبب أزمة خاصة مع مطلع الجراج، انتبه لذلك صاحب محل قطع غيار السيارات ''فحطينا خشبة وربطنا فيها قماش زي خيال المآتة عشان الناس تاخد بالها'' قالها بأسى عن محاولة تفادي الحوادث التي تقع خاصة عندما يحل الظلام، ومع استمرار الأمر كما هو عليه، لجأ إلى وضع إناء زرع فوق الرصيف.

بالإشارات يتواجد ما يقرب من 4 عساكر مرور يتبادلون الوقوف بالجهتين للحارات الثلاث، مع تزايد أعداد السيارات بوقوف إحدى الإشارات، وفتح الأخرى لعبور جانب من العربات، يتأزم الموقف ويتداخل وربما تلاشي العسكري بلا حول ولا قوة بين السيارات محاولاً إنهاء الموقف، لكن على بعد أمتار قليلة من إشارة التقاطع مع عباس العقاد، تتولى جميع المركبات بأنواعها فك الاشتباك الذي يحدث، فلا إشارة توجد ولا عسكري، ولا فاصل يحدد الوجهة، فقط تقاطع مستقل بذاته.

يعمل محمد عبد السميع حارس لعقار مواجه للمفرق الخالي من أيه إشارة، ينظر بحزن لتكدس لا ينقطع مع محاولة السيارات الدوران لأي من الطريقين فلزامًا المرور من الطريق المتوسط للشارع ''أكتر من 10 حوادث لغاية دلوقتي'' حسب الرجل الأربعيني شاهدهم منذ افتتاح الطريق الثالث.

سيارات مهشمة نتيجة الاصطدام أكثر ما رآه ''عبد السميع'' متذكرًا حادث الأسبوع الماضي ''طلعنا واحد مزنوق من الدركسيون''، وآخر حدث بعد افتتاح الطريق بيوم واحد إذ انفزع الرجل ''لقيت أتوبيس خبط عربية وجرها معاه لمسافة''، كل يوم يمسح حارس العقار الطريق بعينيه بين الحين والآخر، تمتم شفتاه بالدعاء ليمر اليوم دون حادث جديد، فيما تسكن نفسه أمنية أن ينغلق ذلك المفرق أو يقف عكسري مرور ينظم الطريق حال الإشارات.

شاب ثلاثيني يعبر الطريق، سبقه صديقه بعدة خطوات وفي غفلة صدمته حافلة نقل عام ليلقى مصرعه على الطريق؛ حادث مروع شهده عاطف فوزي صاحب محل كهرباء بشارع مصطفى النحاس، قبل أسبوع وقع الحادث فأضحى جزء من حديث الأصدقاء الثلاث الذين يجلسون في مواجهة الطريق الجديد.

''عمر ما كان في حوادث هنا'' يقولها ''فوزي'' ويؤكدها الصديقان نجاح صابر وناصر فاروق، فالأخبار سريعًا ما تتناقل بالشارع عن وقوع أكثر من حادث في اليوم الواحد، لكن ذلك لا يمنع اقتناعهم أن تلك الوقائع فردية لا شأن للطريق الجديد بها ''عشان أحنا مبنحبش النظام'' حسب قول ''فاروق'' مؤكدين في الوقت ذاته، تجاوز بعض السيارات والدراجات البخارية بعبورها في الطريق الجديد المخصص فقط للأتوبيسات.

وبينما يتحدث الرفاق الثلاثة قاطعهم هاني مجدي الذي يعمل مع ''صابر'' في محل قطع غيار السيارات قائلا ''ده طريق موت جديد'' معتبرًا أن تحويل الطريق لسير الحافلات فقط خطأ ''المفروض الأتوبيس يبقى على الأطراف مش في النص والناس تعدي عشان تلحقه''، متذكرًا الفتى الذي أصيب رأسه نتيجة سقوطه على الأرض بعد أن حاولت إحدى السيارات تفاديه، وغيرها من الحوادث التي أسفرت عن مقتل أشخاص على حد قوله.

العابرون والمقيمون في شارع مصطفى النحاس لا يريدون سوى طريق ميسر لا زحام به ولا حوادث، فقط حل خالي من المشاكل.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: