إعلان

بالصور.. ''مصراوي'' يحاور الطفل الفلسطيني الذي قهر جبروت الاحتلال بـ''ريشة''

06:52 م الأربعاء 27 أغسطس 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- إشراق أحمد:

قصف آخر، لا جديد على الأرض المحتلة، لكن عند ''محمد محمود قريقع'' كان الأمر مختلف، صوت القذائف يدب بأذنيه، خشية طفل بعمر خمس سنوات، غير أن رؤية الحياة بمنزله في غزة سبقت القصف، التقط بأنامله ورقة بيضاء، لم يبرحها إلا برسم، عرضه على شقيقه الكبير ''مالك'' -الذي يحترف الرسم، سيدة تبكي مشهرة يدها اليمنى بجوارها كلمة ''كفى'' كان محتوى الورقة، تلك اللحظة باتت ميلاد فنان جديد لآل ''قريقع''، لم يكف الصغير من حينها عن حمل الألوان بلسان حال رسمته الأولى ''كفى للظلم.. للاستحقار.. للاستعباد''.

حال أطفال فلسطين، رجال هم في جسد صغار؛ بابتسامة لا تفارق الوجه، ألوان لا تغادر الجيب، وعزيمة أهل ''الشجاعية'' يواصل ''محمد'' الرسم، على أي شيء ولكل شيء، من ورقة إلى جدارية، لا يمنعه عتمة انقطاع الكهرباء، قسوة رؤية الدماء، ولا دوي صواريخ الـ''ف16''، على حاله يعكف، يأوى إلى ركنه الأمين؛ غرفة بسطح المنزل هي مرسمه، بل حياته، لا ينقطع عنها يومًا، وإن لم تتح له الفرصة نتيجة القصف، فورقة وقلم يملأ بحبره البياض لونًا مغايرًا يكفيان.

قبل أسبوع من الحرب الأخيرة على قطاع غزة أتم ''محمد'' عامه الـ13، كان احتفاله بين لوحاته، من مناظر طبيعية، وجوه أهل فلسطين وأخرى تنصب أفكارها على القضية، لكن مع 19 يوليو الماضي ترك كل شيء خلفه، ونزح مع الأهل إلى وسط غزة فرارًا من القصف، ورغم انهيار موطنه، وإلحاق الضرر بمرسمه، غير أنه مع أول لحظات آمنة، انتزع الألوان من جيبه وعلى كرتون وجده أخذ يرسم، لترتسم البسمة على وجهه، بنفسه يردد ''ونحن نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلاً''، فرحًا كما يفعل رفاق الوطن ''الطفل الفلسطيني لما يتصاب بيفرح.. صار شيء عادي''.

ما يضيقه طيلة أيام الحرب التي يجدها أشد ما شهده عن سابقها، غير نفاذ الأوراق فيُحرم لساعات من الرسم، خاصة تلك المرة، إذ أخرجت منه أشياء لم يتوقعها، ففي الوقت الذي لا يرسم فيه يواصل الكتابة على موقع التواصل الاجتماعي ما بين نشر رسوماته، والكتابة عما يجول بخاطره الذي لا ينقطع فيه عن تفاؤله وأمله، غير أنه لم يجد سوى طفلين نائمين بتعليق ''لقد ناما في غزة واستيقظوا في الجنة'' للتعبير عن استهداف الاحتلال للأطفال بهذه الحرب.

معارض عديدة شارك بها ''بيكاسو فلسطين'' – كما يطلق عليه- لا يتذكر عددها لكثرتها، فالابن الأوسط بين خمسة أشقاء يرسم بمعدل لوحتين في اليوم، وإن كان للمعارض داخل غزة ذكرى في نفس ''محمد'' فما هو خارج الحدود التي وضعها الاحتلال أعظم الأثر، ففي كل مرة ينضم لمعرض تسبقه لوحاته دونه، ويبات يتلمس رد الفعل عما صنعته يده عن بعد ''السنة اللي فاتت اتمنعت أدخل الضفة بسبب دوافع أمنية'' يقولها الصبي الذي لم يغضب حينها، إذ وجد في ذلك خير أكثر ''الاحتلال هو اللي منعني فلما أكتب على الفيسبوك هيك ده أفضل من أني أروح وارسم''.

القضية الفلسطينية شاغل ابن الـ13 عامًا، في أكثر اللحظات التي يراوده فيها التعب ''افتكر أني فلسطيني من غزة من حي الشجاعية''، وهذا ما رافقه في رحلته الأخيرة من معبر رفح من أجل حلم سعى إليه من شهر يناير الماضي، لكن أن تكون ''غزاوي'' فلابد من ثمن يُدفع سواء كنت صغيرًا أو كبيرًا، أربعة أيام قضاها ''محمد'' بمطار القاهرة من أجل الوصول إلى تونس للمشاركة في الدورة الـ27 لمهرجان المحرس للفنون التشكيلية، رغم أن المسافة لا تتجاوز الساعات.

سبق أن جاء ''محمد'' إلى مصر، العام الماضي مكث قرابة الأسبوع قبل السفر إلى لبنان للمشاركة في معرض أيضًا ''السنة اللي فاتت عدينا بكرامتنا لكن المرة دي ترحيل ترانزيت'' هكذا الفرق بين المرتين، ومن أجل ذلك لمس حاجة الفلسطينيين لمتنفس خارجي يقاوم حصار الاحتلال بالداخل يتمثل في معبر ومطار.

من قلب الوجع تعلم ''بيكاسو'' أن يخلق الفرحة، ''ما في هدنة'' يؤمن الصغير لذلك مع القصف، يهم بجمع أطفال عائلته مَن هم أصغر منه، في حجرة يحضر الألوان، وكذلك فعل بعد نزوحه إلى مجمع الشفاء الطبي، ظل يرسم على وجوههم تارة، ويجلب لهم الأوراق ليفعلوا كما اعتاد منذ الصغر ''كنت برسم عشان أتسلى''، فاتخذها وسيلة دفع معنوي لهم ''عشان ينسوا الحرب''، فإن كان للمحتل سلاح، يقابله سلاح المجاهدين ''أنا سلاحي الفرشة والألوان''، بها يطمح ''العالم كله يعرف أن إحنا مش إرهابيين.. إسرائيل هى الإرهابية تريد أرض بدون شعب لشعب بلا أرض''، لا شهرة يرغب بها ''محمد'' رغم معرفة موطنه به بل ''حتى تُعرف فلسطين بأن لها أبناء صالحين''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: