إعلان

''ثورة الجياع''.. اندلعت بمصر الفرعونية وكادت تنتصر في عهد ''السادات

12:40 م الثلاثاء 08 يوليو 2014

''ثورة الجياع''.. اندلعت بمصر الفرعونية وكادت تنتص

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:

''نحن جوعى''، ملابس مهلهلة، وجوه مكفهرة، كلمات خرجت بأسى، ينتظرون لقيمات معدودة تُلقيها لهم حاشية الملك ووزارءه مقابل ساعات عمل طوال، لم تتواجد العملات بعد، أسماك وحبوب وقمح كانت هي البديل، يقتات عليها العمال أثناء حكم الملك رمسيس الثالث الذي يتبع الأسرة العشرين، لم تكن نداءات الُعمال كلمات خاوية، فمحاولات الحاشية لم تفلح في تهدئتهم، اندلعت احتجاجات، لم تتوقف حتى انهارت مصر.

''الجوع كافر'' جملة لا تحمل مبالغة، إذا تمكن من أحدهم يقلبه وحشًا لا يبتغي إلا ما يسد به رمقه، بين رفع الدعم عن البنزين وارتفاع السلع الغذائية بالتتابع يتردد مصطلح ''ثورة الجياع''، يتخذه البعض هزوًا بينما يراه آخرون ذو دلالة عما يمكن حدوثه، لكن العارفين بالتاريخ يعلمون أنه قديم حال الدولة المصرية نفسها، وأن حدوثه يعني أن على الدولة السلام.

''بردية هاريس'' هي ما اكتشفه العالم الذي تحمل اسمه، وجد فيها تفاصيل حوادث عديدة تتعلق بـ''ثورة جياع''، بين فترة وأخرى كانت اضطرابات تهز الدولة المصرية القديمة نتيجة انصراف الحكام عن رعيتهم، على حد قول الدكتور ''عبد الحليم نور الدين'' رئيس اتحاد الأثريين المصريين، أول تلك الثورات هي ما أسماها علماء التاريخ بـ''الثورة الاجتماعية''؛ وقد خرجت ضد حكم الملك ''ببي الثاني'' الذي حكم مصر أكثر من تسعين عامًا عاث فيها فسادًا، لم يعد الناس يجدون قوت اليوم واختفى حد الكفاف، كان ذلك في نهاية عهد الأسرة السادسة ''والثورات وقتها كانت بتستمر سنوات أحيانًا''.

قررت حكومة المهندس إبراهيم محلب الجمعة الماضية رفع الدعم عن أسعار البنزين والسولار، لم تكن تلك المرة الأولى عقب ثورة يناير 2011، ففي عهد الرئيس السابق، محمد مرسي، رفعت حكومة هشام قنديل أسعار البنزين، لكنها اختصت الفئات الأعلى منه، كبنزين 95 و92 و90، وفي أوائل يونيو من عام 2013، كانت أزمة نقص السولار طاحنة، مما نتج عنه ارتفاع أجرة وسائل النقل وحدوث معوقات في عمل المخابز، وارتفاع سعر السلع الغذائية والخضروات والفاكهة.

''للأسف الحكام مبيتعلموش ولذلك في عهد مصر القديمة اتكررت الثورات أكتر من مرة''، فعندما يأس العمال الجوعى بعهد رمسيس الثالث من الحصول على مستحقاتهم لم يبق سوى التخريب ''اجتاحوا مخازن الحبوب الملكية عشان يأكلوا منها''، والتي تواجدت وقتها في الأقصر عاصمة الدولة ''وبسبب الفوضى اللي حصلت مصر اُحتلت من الفرس والرومان واليونان والآشوريين لأنها كانت ضعيفة''. تكررت هذه المأساة مرة أخرى في عهد الأسرة الثانية عشر وملوكها ''الحكام حينها اهتموا بالتصارع على الكرسي دون الالتفات لشئون الناس''، وعقب سقوط الدولة احتل الهكسوس مصر لمدة مئة عام، مباديء وتقاليد لم يراعيها بعض حكام مصر القديمة، فأهلكهم جوع الناس حكمهم قبل أن يهلك الفقراء أنفسهم.

لا تبتعد الأمثلة في تاريخ مصر الحديث عن فكرة ثورة الجياع، وإن كانت لا ترقى لذلك الحد، فما حدث من تظاهرات في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات يومي 18 و19 يناير عام 1977 بسبب رفع أسعار السلع الغذائية بعد رفع الدعم عنها، وخروج الناس بالآلاف ينادون ''سيد مرعي يا سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه'' قد يكون شرارة لتلك الثورة، حيث سُميت حينها بانتفاضة الخبز، بينما أطلق عليها السادات ''انتفاضة الحرامية''، انتهت بالقبض على كثير من المتظاهرين وإيداعهم السجون، وقد اندلعت أحداث عنف من حرق لأقسام الشرطة وأبنية الخدمة العامة إبان التظاهرات ''كان رفع الدعم بسبب سياسة الانفتاح الاقتصادي التي اتبعها السادات منذ عام 1974''، قال المؤرخ ''عاصم الدسوقي''، موضحًا أن الحكومة لم تتعلم من الدرس في تلك الفترة سوى أنها ما عادت تُفصح عن كل شيء يتغير في السوق المصرية.

ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، لا يُمكن تصنيفها بثورة جياع على حد قول المؤرخ، إلا أن أحد أهدافها الكبرى كان العدالة الاجتماعية وتوفر المعيشة الجيدة للمواطنين ''لكن يبدو أن الحكومات لا تتعلم''.

''توقع الثورات مش أمر سهل''، قال عمر الشنيطي أستاذ الاقتصاد، موضحًا أن ثورة يناير لم يتوقع أحد حدوثها حتى ليلتها، بالإضافة إلى أن قيام ثورة بهذا الحجم سيترتب عليه اضطرابات اقتصادية عظيمة ''لأن الناس وقتها هيبقى هدفها تهد وتاخد فقط''، رغم ذلك يرى دكتور الاقتصاد أن الحالة المادية المتردية لكثير من المصريين الآن لم تصل بعد لمرحلة الثورة، كما ان هناك اعتبارات سياسية تمنع ذلك، فوجود رئيس جديد يجعل البعض يودون إعطائه فرصة للإصلاح قبل التحرك.

كما قال إن الدعم يجب أن يستتبعه شبكة احجتماعية محكمة تضمن عدم استغلال المواطن وهو ما لم يحدث، ولذلك فمع استمرار الخطوات غير المحسوبة التي تتخذها الحكومة قد يصل الحال بالناس يومًا إلى طريق مسدود، يدفعهم فيه الجوع إلى النزول للشارع للاعتراض.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان