إعلان

مسجد السلطان ''الحنفي''.. سبيل الفقراء إلى الله

06:16 م الثلاثاء 01 يوليو 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاءالفولي:

بعد خروجه على المعاش اختلفت عاداته كثيرًا، أضحى الخروج إلى المسجد يوميًا في أوقات الصلاة أمرًا واقعًا، بطيئًا يتحرك ''يحيي متولي'' من منزله، بجسد نحيل، وجه مبتسم، جلباب مخطط وطاقية بيضاء تُغطي الرأس إلى مسجد ''السلطان الحنفي'' الكائن بالسيدة زينب.

دون كلمات كثيرة يدلف من باب أمامي حجري الملمس، يُلقي السلام على ''سيد'' و''محمد حسين'' خادما المسجد، يسير خطوات قليلة، قبل أن يتخذ اتجاه اليمين حيث مقام ''السلطان حنفي''، النور الأخضر المنبعث في جنبات المكان يُضفي السكون عليه.

ضوء النهار يتسلل من نافذة جانبية متسعة، صوت القاريء محمود خليل الحصري ينبعث من مكان ما خارج المسجد، يتلو القرءان وخلفه الأطفال يرددون، بيد مرتعشة يتناول ''متولي'' المُصحف الموضوع على رف جانب المقام، ثم يبدأ طقوسه اليومية في الصلاة.


منذ ما يقارب السبعمائة عام قرر ''شمس الدين محمد بن علي الحنفي'' إنشاء مسجد، له ثلاث أبواب أكبرها المفتوح على الشارع، كسبيل فتح مسجده أمام الفقراء يستظلون به للطعام والشراب، وكذلك للعلم، كان مُفسر للقرآن الكريم وأحد أولياء الطريقة الشاذلية، قريبًا من منزله كان المسجد، بنى فيه قبرًا لزوج ابنته ''عمر الركن'' في الغرفة المقابلة لقبره، من نسل الصحابي ''أبو بكر الصديق'' جاء ''الحنفي''، أما لقب السلطان، فلم يُطلق عليه لجاه، إنما لأن أحد السلاطين لم يستطع أن يأمره، بل كانوا يتقرّبون إليه بالهدايا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

أمام باب المسجد المُتسع جلس ''سيد'' و''حسين'' يقصان على السائلين تفاصيل المسجد ووصفه، وجودهما به منذ أكثر من عامين وضعهما في موضع العارف بتاريخ المكان لدرجة كبيرة، عقب المرور من الباب الأمامي تُصبح ساحة الجامع في الواجهة، مقام السلطان لليمين، المسجد المرتفع سقفه، يمتلأ بأعمدة لها سمت مميز، قباب كثيرة يتدلى من معظمها ''نجف''، سجاد أحمر افترش أرضية المكان، نوافذ طويلة تتخللها تعرقات خشبية، لم يخلُ المشهد من أحدهم يصلي تحية المسجد، آخر أحضر مُصحفًا بالحامل، جلس على مقعد خشبي يقرأ فيه، ثالث غلبه تعب الصيام؛ فنام مغطيًا رأسه بذراعه، لا يُغلق المسجد بين الصلوات كبعض الجوامع الأثرية الأخرى، ولا يقتصر زواره على آل السيدة زينب فقط.


''أصله قريب من البيت''، يقولها عم ''متولي'' ضاحكًا، بفم خالٍ من الأسنان، لا يحضر إلى المسجد لذلك السبب فقط، حالة من الراحة لا يستطيع تفسيرها تغشاه بمجرد أن يضع القدم الأولى فيه، الطقوس الخاصة بالرجل الستيني لم تبرحه منذ خمسين عامًا عندما أتى إليه في المرة الأولى، لا بد أن يمر على المقام أولًا، يمسح بيديه على النحاس الذي يكسوه، ينظر بطرف عينيه إلى بيت الشعر المكتوب ''يا نسل صديق النبي من انتمى لك..لا يضام ودام في عيش الرغد''، قبل أن يذهب إلى اتجاه القبلة ليصلي، فُيصبح ظهره إلى المقام، ما إن يسأله أحدهم عن الجامع، حتى تعلو حالة الشغف وجهه الأسمر، يطلب من القادم أن يذهب معه إلى اللوحة الموجودة خلف المقام، والتي كُتب فوقها معلومات تاريخية عن حياة صاحب المسجد، يشير إليها ''ده الشيخ الحنفي..ليه كرامات وبركة بتخليني أحب آجي هنا أكتر''.


دراويش السلطان الحنفي، تعودوا الوضوء من ماءه، بئر لا يظهر للناظرين، يتواجد في أرضية المسجد المغطاه بالسجاد، لم تنضب ماءه منذ 700 عام، حتى أن كثير ممن يذهبون للجامع، يظنون أن لذلك علاقة بكرامات الشيخ وشفاء بعض الأمراض، منذ عدة سنوات قامت وزارة الأوقاف بتغطية البئر بغطاء من الألومنيوم.

''إحنا بيجيلنا هنا ناس من كل المحافظات عشان يشربوا منه''، قالها ''سيد'' بينما تفتح يداه الغطاء، ولا يتوقف الأمر على ذلك فبعض الأجانب المسلمين يأتون لإلقاء نظرة ''يوم الجمعة الناس الماليزيين بيبقوا ماليين المسجد هنا''. 900 متر هي مساحة المسجد، له ساحة خارجية بها الميضأة –مكان الوضوء-، أما موقعه فيتواجد بشارع الأمة الواصل بين شارعي بورسعيد وقصر العيني بحي السيدة زينب، وقد تم تجديده في رمضان العام 1237 ه، حال عهد ''محمد علي باشا''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان