إعلان

"الشباب المجاهدين" الصومالية من "شرف الجهاد" إلى "لعنة الإرهاب"

04:59 م الإثنين 23 سبتمبر 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

مقديشو- (الأناضول):

فتية ضاقت بهم الأرض من كابوس الاحتلال، فامتشقوا السلاح وجاهدوا "لتحرير الوطن" تحت مظلة حركة أطلقوا عليها اسم "الشباب المجاهدين" الصومالية لكنهم سرعان ما وجدوا أنفسهم أمام مستعمر آخر لم يغزو الأرض والعرض، لكنه غزا أفكارهم وهو "التطرف" الذي تمكن منهم، وسيطر عليهم حتى صاروا أدوات لـ"الإرهاب" فضاعت هوية المستعمر والمحتل، وصارت لعنة "الإرهاب" تطاردهم.

ففي منتصف عام 2004 تأسست "الشباب المجاهدين" كحركة مقاومة للاحتلال الإثيوبي في الصومال، حيث ضمت تحت أجنحتها عدداً من القيادين البارزين في اتحاد المحاكم الإسلامية، إلى جانب آلاف من مقاتلي المحاكم الذين استولوا على أكثرية أراضي الجنوب الصومالي في النصف الثاني من العام 2006.

إلا أن هزيمة المحاكم أمام مسلحي الحكومة الصومالية المؤقتة المدعومة من طرف الجيش الإثيوبي، وتحالفها مع المعارضة الصومالية في مؤتمر "أسمرة" المنعقد في سبتمبر 2007، كانت سبباً وراء انشقاق حركة الشباب الصومالية عن المحاكم، وتبنيها بشكل كامل وصريح فكر تنظيم القاعدة الذي يكفر الآخر ويؤمن بالعمل المسلح نهجا للتغيير، مبررة ذلك بأن "قيادات المحاكم تحالفت مع علمانيين وقوميين".

وفي عام 2008 اشتد عود "الشباب المجاهدين" وأصبحت تغير على المراكز العسكرية التابعة للحكومة الصومالية ليل نهار، وباتت فيما بعد حركة تصفها الولايات المتحدة الأمريكية والغرب بـ"الإرهابية" وخاصة بعد تصاعد عملياتها العسكرية ضد القوات الأجنبية التي وصلت البلاد في مارس عام 2007 لتوفير دعم عسكري وسياسي للحكومة الصومالية التي استعانت بالقوات الإثيوبية لمواجهة الحركات المسلحة .

وفي مارس من العام ذاته، نفذت سفينة بحرية هجوماً على منزل في مدينة "طوسمريب" (وسط الصومال) كان يقيم فيه زعيم حركة الشباب معلم عيرو، والذي كان مطلوباً أمريكياً على خلفية تنفيذ "هجمات إرهابية" ضد السفارة الأمريكية في العاصمة الكينية نيروبي عام 1998 .

غير أن مقتل "عيرو" لم يترك تأثيراً بالغاً في جسد حركة "الشباب" بل ازدادت الحركة حماساً وقوة في مواجهة خصمها العسكري، وامتد نفوذها حتى سقطت مدينة "كسمايو" جنوب الصومال في يدها نهاية عام 2009، ودحرت منها مليشيات "بري هيرالي" (أحد زعماء الحرب الأهلية، وينتمي إلى القبائل القاطنة في محافظات جوبا، كما تولى منصب وزير الدفاع في حكومة الرئيس الصومالي الراحل عبدالله يوسف أحمد) وأصبحت الحركة تتمتع بمنافذ اقتصادية تدر من ورائها أموالاً كبيرة لتحريك مقاتليها ضد أهداف عسكرية أخرى في البلاد .

وفي مطلع عام 2009 وبعد انتخاب شريف شيخ أحمد، رئيساً للصومال في مؤتمر جيبوتي، أعلنت حركة الشباب الصومالية عن رفضها لما تمخض عن المؤتمر، وتوعدت بتصعيد عسكري ضد الحكومة الجديدة .

وفي منتصف عام 2009 اندلعت اشتباكات عنيفة بين مقاتلي المحاكم الإسلامية الذين كانوا يسيطرون على أجزاء شاسعة من مقديشو ومسلحي حركة الشباب الصومالية، ما أدى إلى انسحاب مسلحي اتحاد المحاكم الإسلامية من مراكزهم العسكرية أمام مقاتلي حركة الشباب، واستولت الحركة على أجزاء كبيرة من مقديشو، وأصبحت الحكومة الانتقالية التي يرأسها شريف أحمد تواجه حلفاء الأمس الذين كانوا يقاتلون ضد الوجود الاثيوبي في البلاد .

وفي يونيو عام 2009 نفذت عناصر من حركة الشباب هجوماً انتحارياً على فندق كان يقيم فيه وزير الأمن القومي، عمر حاشي أدم، إلى جانب السفير الصومالي لدى إثيوبياً، ما أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصاً بينهم الوزير "حاشي" وإصابة 100 آخرين بجروح.

وقد شكل هذا الانفجار الذي أودى بحياة وزير الأمن القومي صدمة قوية بالنسبة للحكومة الصومالية ومكسباً عسكرياً جديداً لحركة الشباب الصومالية.

وفي ديسمبر عام 2009 قتلت حركة الشباب 3 من وزراء الحكومة الصومالية وذلك في انفجار انتحاري استهدف فندق كان يحتفل فيه خريجون من جامعة "بنادر" الصومالية فضلاً عن مقتل عدد من الطلبة وأساتذة جامعيين .

إلا أن حركة الشباب لم تتبن هذا الهجوم على ما يبدو لبشاعته، ونفى المتحدث الرسمي باسم الحركة آنذاك تورطهم في هذا الحادث، غير أن جماعات من داخل حركة تبنت الهجوم .

وفي عام 2010 تصاعدت العمليات العسكرية التي كانت تشنها "الشباب المجاهدين" حتى استولت في نهاية الأمر على أكثر من 11 إقليماً في جنوب ووسط البلاد .

وفي يوليو من عام 2010 نفذت حركة الشباب الصومالية هجومين مزدوجين على مقهى كان يضم عدداً من مشاهدي فعاليات كأس العالم لكرة القدم، ما أسفر عن مقتل 74 شخصاً وإصابة العشرات بجروح مختلفة .

وكان الحزب الإسلامي بزعامة حسن طاهر أويس (الأب الروحي للسلفية الجهادية في الصومال) يتقاسم مع الشباب المجاهدين في السيطرة على بعض الأقاليم والمدن التي تقع في جنوب البلاد، غير أن حركة الشباب وجهت سلاحها ضد الحزب الإسلامي من أجل التفرد في السيطرة على المدن الصومالية بالكامل .

وفي أواخر عام 2010 انضمت قيادات الحزب الإسلامي إلى حركة الشباب الصومالية بعد صراع مرير بين الجانبين سقطت خلاله قيادات عسكرية ومقاتلين عسكريين من كلا الطرفين، ووصفت الحركة هذا العام بـ"عام الجماعة".

وفي أواخر عام 2011 أجبرت القوات الأفريقية حركة الشباب على الخروج من العاصمة مقديشو بعد معارك عنيفة استغرقت عدة شهور، تمكنت خلالها الحكومة الصومالية من السيطرة على العاصمة بشكل كامل قبل حلول عام 2012 .

وفي مطلع عام 2012 شنت حركة الشباب الصومالية هجوماً انتحارياً على مجمع يضم عدداً من الوزراء في قلب مقديشو، ما أسفر عن مقتل العشرات من الصوماليين معظم طلاب كانوا ينهون إجراءاتهم للسفر إلى تركيا بعد حصولهم على منح دراسية هناك.

وبعد تشكيل الحكومة الصومالية في سبتمبر عام 2012 ضعفت قوة حركة الشباب، وتمكنت القوات الصومالية من دحر نفوذ الحركة نسبيا، واستولت على مدن عديدة مثل "كسمايو".

غير أن خطر حركة الشباب لم ينته بشكل كامل، حيث نفذت الحركة هجوماً على مجمع المحاكم في مقديشو في أبريل/نيسان من العام الجاري، ما أسفر عن مقتل 20 صومالياً، بينهم محاميين وعدد من القوات الصومالية .

وفي يونيو/حزيران من العام الحالي شهد مجمع الأمم المتحدة هجوماً انتحارياً أودى بحياة عدد من العمال الأممين، وإصابة قرابة 20 مدنياً آخرين بجروح متفاوتة .

وتوالت هجمات الشباب المجاهدين الانتحارية على كثير من المراكز والمقار الحكومية في مقديشو، حيث تشهد الأخيرة بين الحين والآخر هجمات انتحارية واغتيالات تطال رموز الحكومة الصومالية آخرها الهجوم الذي استهدف نائباً في البرلمان الصومالي.

إلا أن تقارير صحفية غربية، وصفت هجوم السبت، الذي نفذه مسلحون تابعون للحركة على مركز "ويست غيت" التجاري في العاصمة الكينية نيروبي، والذي أسفر حتى اللحظة عن مقتل 69 شخصاً، وإصابة 175 آخرين، بأنه "مؤشر لصعود نجم الحركة " ومرحلة جديدة لاتساع مداها،وأنها "قادرة على إشعال الفوضى خارج حدود البلاد" بعد أن عانت من انتكاسات كبيرة فى الصومال.

وعلى الصعيد المحلي في البلاد، رأى محللون في حديث للأناضول، أن هجوم نيروبي هو إثبات لقدرة الحركة على شن هجمات رغم إجبارها على الانسحاب من عدة مدن بالصومال وكذلك الخلافات الأخيرة التي تعصف بقياداتها.

وتوصف حركة الشباب الصومالية المرتبطة بتنظيم القاعدة، بأنها حركة سلفية جهادية تتبنى العنف منهجا للتغيير الراديكالي، حيث تفرض نموذجا متشدداً باسم الدين الإسلامي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بما في ذلك على سبيل المثال رجم النسوة المتهمات بالزنا حتى الموت - دون استيفاء الشروط الشرعية لاثبات جريمة الزنا وتطبيق الحد الشرعي.

وتهدف من وراء عملياتها التي تنفذها في أرجاء الصومال إلى إقامة دولة إسلامية، كما تصف الحركة في بياناتها التي تنشرها على شبكة الإنترنت، الحكومة الصومالية المؤقتة با"لمرتدة".

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان