إعلان

من مقاومة الإنجليز إلى النمل الأبيض.. حكاية "طابية الدراويش" في الوادي الجديد

03:03 م الخميس 18 أبريل 2024

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الوادي الجديد – محمد الباريسي:

تعتبر منطقة طابية الدراويش مكانًا فريدًا يجمع بين الثقافة والتاريخ والطبيعة، مما يجعلها وجهة مثالية للزوار الباحثين عن تجربة سياحية مميزة في قلب الوادي الجديد.

تقع طابية الدراويش على بعد 20 كم جنوب واحة باريس بالصحراء الغربية، وهي الناجية من 5 طوابي بُنيت خلال القرن التاسع عشر فترة حكم الخديو توفيق، على يد اليوزباشي خليل حمدي أفندي، حكمدار واحة باريس، وذلك لحماية الواحة وطريق درب الأربعين من الغارات التي شنها المهديون (الدراويش) من السودان على واحة باريس ووصلوا إليها في أول أغسطس 1893 وعنهم أخذت الطابية اسمها.

تضم منطقة طابية الدراويش العديد من المعالم السياحية التي تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم، من أهم هذه المعالم، عين طابية: وهي نبع ماء طبيعي غني بالمعادن، جبل طابية وهو جبل شاهق يطل على المنطقة، واحة طابية وهي واحة صغيرة خضراء مليئة بأشجار النخيل، مغارة طابية وهي مغارة طبيعية كبيرة مليئة بالرسومات والنقوش الصخرية.

يقول محسن عبد المنعم الصايغ، مدير الهيئة المصرية للتنشيط السياحي بالوادي الجديد، أن الطابية كانت تستخدم فيما مضى لصد هجمات الغزاة الجنوبيين حيث كانت الواحات تمثل أهمية قصوى لكونها خط الدفاع الأول عن مصر القديمة لتعرضها لهجمات النوبيين من الجنوب بربر جنوب الصحراء الكبرى من الغرب، وكان الفراعنة يهتمون بهدوء المنطقة واستقرارها وتظهر آثارهم في عدة مناطق بالخارجة والداخلة، كذلك اهتم بالمنطقة الفرس والرومان وجعلوها سلة غذاء الإمبراطورية الرومانية والعالم أجمع.

وأكد محسن، أن الطابية الخامسة -والباقية بشكل كامل- تقع جنوب قرية المكس القبلي على بعد 20 كم جنوب مدينة باريس، شيدت في القرن التاسع عشر الميلادي، شيدها الحاكم العسكري اليوزباشي خليل حمدي أفندي، حكمدار، قومندان واحة باريس، الطابية الباقية شيدت على مسقط مربع من أسفل يضيق كلما اتجهنا إلى أعلى، تبلغ مساحتها من أسفل حوالي (5×5م) ومن أعلى حوالي 3×3 مترًا، ويصل ارتفاعها إلى حوالي 10 أمتار، ويبلغ إجمالي مساحتها 47.60 مترًا مربعًا.

وأوضح محسن، أن الطابية الباقية مبنية على مصطبتين من الطوب يبلغ ارتفاع السفلى منها 50 مترًا وطولها حوالي 33.80 مترًا، وبعرض يصل إلى 22.60 مترًا، والمصطبة العليا تبلغ نفس ارتفاع السفلى، ولكنها أقل منها في المساحة، ويمكن الوصول إليها من خلال درجين سلم بكل منهما درجتي سلم في الجزء الشمالي الغربي من المصطبة الأولى.

أكد رشاد كرار حسب، أحد جامعي التراث والتاريخ الواحاتي ومشايخ واحة باريس، أن الطابية سميت بطابية الدراويش نسبة إلى دراويش السودان الذين كانوا يغيرون بين الحين والآخر على أهل الواحة ليسلبوا ويسرقوا خيراتها.

أضاف "كرار" لــ"مصراوي" أنها شيدت الطابية من الطوب اللبن، أما عن طرق التسقيف فقد سقف كلًا الطابقين بسقف استخدمت فيه الأعتاب الخشبية من أخشاب الجريد محمولة على جذوع النخيل وأفلاق الدوم في التسقيف، ما كان له أسوأ الأثر على مبنى الطابية من حيث تأثير حشرة النمل الأبيض "القرضة".

وتابع أن الطوابي أحد أهم المعالم التاريخية لواحة باريس، والتي استخدمت في العصر الحديث من خلال الحكومة الملكية المصرية في مقاومة الثورات التي قاومت الإنجليز، والقادمة من شمال السودان من أشهرها ثورة عبدالله التعايشي.

وأشار خبير التراث الواحاتي إلى أن هذه المنطقة أثرية مهمة في الواحة تحوي الكثير من الأسرار والتراث والآثار إلا أنها لم تدرج على برامج زيارات الوفود السياحية للوادي الجديد، إضافة إلى عدم وجود دعاية إعلامية قوية تعرف الناس التاريخ والتراث عن منطقة الواحات.

فيما أكد منصور عثمان، خبير الآثار الإسلامية بالوادي الجديد، لمصراوي، أن مساحة منطقة الطابية حاليا حوالي 5 أفدنة، جرى تسجيلها كمنطقة أثرية بالقرار رقم 573 لسنة 2000 وفي عام 1893م، الموافق 1310هـ قامت قوة من "الدراويش" لاستكشاف الطريق الموصل بين مصر والسودان عن طريق واحة باريس من جهة، ومن جهة أخرى للبحث في إمكان إيجاد قاعدة عسكرية لهم في هذه الواحة، تصلح لاتخاذها لمهاجمة القطر المصري متى أرادوا القيام بذلك، وفي اليوم الأول من شهر أغسطس سنة 1893م وصلت طلائعهم إلى بلدة باريس.

وأوضح منصور، أن الطابية مبنية على مستويَين الطابق الأرضي والطابق الأول، واتصلت بها بعض الوحدات المعمارية، وأُلحقت بها من الخارج، وتضمنت هذه الملحقات حجرتين مستطيلتين واحدة منهما، وهي الأكبر في المساحة، متاخمة للقطاع الشمالي الغربي من الواجهة الشمالية للطابية، بينما تقع الحجرة الأخرى متاخمة للقطاع الشمالي الغربي للواجهة الغربية للطابية.

كما لفت إلى أن ملحقات الطابية عبارة عن حجرتين مستطيلتين أُضيفتا لاحقًا لها، أكبرهما يبلغ طولها 6.10 أمتار وعرضها 3.60 أمتار، مسقوفة بأفلاق الدوم، وعيدان وسعف النخيل، وبالنسبة للحجرة الصغرى فطولها 1.50م وعرضها 1.30م مغطاة بسقف يُشبه سقف الحجرة السابقة، وهذه الملحقات ربما كانت تُستخدم كمستودع للأسلحة أو كثكنات لجنود الطابية.

فيديو قد يعجبك: