إعلان

استقالة بوتفليقة: 4 أسئلة تحدد مصير الجزائر

11:26 ص الخميس 04 أبريل 2019

الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هدى الشيمي:

خرج الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة على شعبه، أمس الأربعاء، يطلب منهم الصفح والغفران عن كل تقصير قد يكون ارتكبه إبان فترة حكمه التي بدأت منذ حوالي 20 عاماً، والتي حاول أن يمدها خمس سنوات أخريات، إلا أن الشعب خرج في احتجاجات سلمية رافضاً للعهدة الخامسة.

على مدار ستة أسابيع انطلقت مسيرات شعبية في جميع أنحاء الجزائر، بدأت في 22 فبراير الماضي وتستمر حتى يتم تحقيق مطالب الشعب المتمثلة في محاسبة الفاسدين ورحيل كافة الوجوه الحالية للسلطة، بالإضافة إلى إنتخاب رئيس جديد من جيل الشباب، يساهم في تطوير البلاد وإخراجها من أزمتها الراهنة.

بعد استقالة بوتفليقة أصبحت بلد المليون ونصف مليون شهيد في يد حكومة تصريف أعمال، لحين إجراء انتخابات في غضون ثلاثة أشهر دون أن يكون هناك خليفة واضح في الأفق للرئيس، فيما تدعو المعارضة والشخصيات السياسية البارزة إلى ضرورة استقالة كل الشخصيات التي كانت لها علاقة بالنظام السابق، والتي من بينها عبدالقادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة الذي سيتولى مهام الرئيس لمدة 90 يوما، ونور الدين بدوي رئيس حكومة تصريف الأعمال ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز.

ويرى محللون أن الاختبار التالي للحكام الانتقاليين في الجزائر سيكون غدًا الجمعة، إذ تُنظم الاحتجاجات الأسبوعية الحاشدة، علاوة على أنه حتى هذه اللحظة ليس هناك خليفة واضح في الأفق للرئيس.

وبالنظر إلى ما حدث في الجزائر خلال الأسابيع الماضي، يقول زياد عقل، خبير علم الاجتماع السياسي، ورئيس برنامج دراسات شمال افريقيا في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن البلاد شهدت ما يُسمى في علم الاجتماع السياسي "ثورة ملونة"، هو مصطلح يطلق على الاحتجاجات السلمية والحركات المطلبية أو العصيان المدني في بعض الدول، مثل ما حدث بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في دول شرق أوروبا.

ويرى عقل أن هناك عدة أسئلة ربما تُحدد اجابتها ما ستشهده الجزائر خلال الفترة المُقبلة، والتي نستعرضها فيما يلي:

هل تحدث انشقاقات داخل المؤسسة العسكرية؟

استبعد عبدالكريم قادري، الصحفي الجزائري وأحد المشاركين في الحراك الشعبي منذ بدايته، حدوث أي انقسام في الجيش، وقال لمصراوي: "من المستحيلات السبع أن تحدث أي انشقاقات داخل المؤسسة العسكرية التي هي امتداد طبيعي لجيش التحرير الوطني الذي أخرج فرنسا من الجزائر 1954-1962، وهي من المؤسسات القوية والمتماسكة في الجزائر".

وأضاف: " نعم هناك اختلافات في وجهات النظر، في آليات تطبيق الدستور، في الخيارات، لكن الرأي دائما لأغلبية مكوناتها".

التزمت المؤسسة العسكرية الجزائرية الصمت خلال الاحتجاجات الشعبية، ولكنها بدأت تحركتها المؤيدة للشعب، وقالت مجلة الجيش الجزائري، في افتتاحية عددها الصادر في 8 مارس، بعنوان "تعزيز الرابطة جيش- أمة"، أن للجيش والشعب رؤية واحدة ومصيرا واحدا.

ومارست المؤسسة العسكرية في الجزائر ضغوطاً كبيرة لتحقيق مطالب الشعب واحتواء الأزمة، وطالب قايد صالح بتطبيق المادتين 7 و8 من الدستور اللتين تؤكدان أن "السلطة المطلقة في يد الشعب، وهو من يقرر مصيره بنفسه".

فيما يقول الدكتور محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض بالمغرب، إن هناك احتمالات بتدخل الجيش ومحاولته الالتفاف على الحراك الشعبي، من خلال القيام ببعض الخطوات والمناورات، كاعتقال الرموز المرتبطة بعهد بوتفليقة، والدفع ببعض الوجوه المحسوبة على الحراك لشرعنة وتلميع كافة الإجراءات، حتى يستمر في حكم البلاد من خلف الستار.

هل تشهد الأحداث في الجزائر تدخلاً دولياً؟

أشادت دول العالم بالثورة السلمية الحضارية التي شهدتها الجزائر، وأكدوا دعمهم لعملية الانتقال السلمي للسلطة، ودعو إلى ضرورة حدوث ذلك من خلال عملية سياسية داخلية ودون تدخل خارجي. قال زياد عقل، إن هناك تراجعاً أوروبياً وعالمياً عن مراجعة ما يحدث في الجزائر، لاسيما وأن العالم يوجه أنظاره نحو سوريا وليبيا والمشاكل التي يعاني منها الاتحاد الأوروبي.

بينما يقول قادري، الصحفي الجزائري، إن الأحداث التي تشهدها بلاده تشهد تدخل أجنبي من العديد من الجهات، لكن هذا يتم سرًا وعلى نطاق ضيق جدًا، حتى أن بعض الدولة الكبيرة التي دأبت في التدخل في بعض البلدان علنا لم تشأ أن تبدي رأيها في حراك الجزائر.

ويعتبر قادري أن القضية الجزائرية "مُشكلة عائلية" لا يمكن أن يتدخل فيها أحد، لذا التزمن أمريكا الصمت واكتفت بالحث على الحفاظ على سلمية الاحتجاجات، وقال الرئيس الفرنسي في جلسة مع النخبة المُثقفة في بلاده أن أي تعليق عما يحدث في الجزائر قد يعتبرها مواطنو البلاد تدخلاً في شؤونهم.

من النخب السياسية التي تتزعم المشهد الفترة المُقبلة؟

هناك عنصر هام سيحدد كيف ستسير الأمور في الجزائر في الفترة المُقبلة، وهو حسب عقل من هي النخب السياسية التي ستتزعم المشهد، موضحًا أن هناك تيار ليبرالي، وفي نفس الوقت هناك عناصر إسلامية.

قال الخبير في علم الاجتماع السياسي إن مشكلة المجتمع الجزائري تتمثل في أن النظام السابق خلق فراغًا سياسيًا، كما أنه حتى الآن ليس هناك سياسية مؤسسية أو منظمة تستطيع قيادة الجزائر.

ويُبرر عبد الكريم قادري خلو الحراك الجزائري من أي زعامات، رغم محاولة النظام أن يكون هناك ممثلين عن الحراك، بأن الشعب كان يعرف أن صناعة الزعيم أو ممثل يمكن أن يقزّم الحراك، إذ يصبح بوسع السلطة ان تقوم بوسائلها الخاصة احتواء أي زعيم.

من الأكثر قوة وقدرة على التواصل مع الداخل الجزائري؟

باعتباره مواطن جزائري وأحد المشاركين في الاحتجاجات يقول عبدالكريم قادري إنه حتى هذه اللحظة فإن الشعب هو القوة الوحيدة في الجزائر، بعد أن اضمحلت المعارضات القديمة والتقليدية.

ويؤكد الصحفي الجزائري أن المسؤولين عن الحكم ليس أمامهم خيار أخر سوى الاستجابة لباقي المطالب الشعبية، وهي إيجاد مخرج دستوري لرحيل الحكومة، وتشكيل أخرى بشخصيات ذات كفاءات، والتأسيس لهيئة انتخابات مستقلة، حل المجالس الولاية والمحلية المنتخبة عن طريق التزوير، وإجراء انتخابات نزيه في أقرب وقت، مع ضمان رحيل باقي النظام الفاسد، أو بما بات يعرف في الشارع الجزائري " يتنحاو قاع" يعني يرحلوا كلهم.

فيديو قد يعجبك: