إعلان

الإيكونوميست ترصد قصة صعود وهبوط اللهجة العامية المصرية

12:26 م الخميس 01 فبراير 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- هشام عبد الخالق:

تحت عنوان "صعود وهبوط اللهجة المصرية"، نشرت مجلة الإيكونوميست البريطانية تقريراً في ضوء معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي وصفته المجلة بأنه أكبر تجمع من نوعه في الوطن العربي حيث يلتقي القراء والكتاب من مختلف أنحاء المنطقة لتبادل ومناقشة شعار المهرجان هذا العام: "القوة الناعمة.. كيف؟" في إشارة إلى الدور المنوط بالثقافة والفنون والإعلام في تدعيم جسور التواصل بين الشعوب والدول - وهو سؤال جيد خاصةً للمصريين، بحسب الإيكونوميست.

قالت المجلة إن اللهجة المصرية المميزة في المنطقة لبعض الموقت تراجعت في الفترة الحالية بسبب حالة الاضطراب التي يشهدها الشرق الأوسط حاليًا، ومن ثم تراجع تأثير مصر على المنطقة ككل.

تُعد اللغة العربية إحدى عائلات اللغات وليست لغة مفردة، الكتابة والتعليم بالعربية يكون واحدًا في أماكن كثيرة، ولكن النطق يختلف من منطقة لأخرى، وهذه اللهجات التي تفصل بينها مسافة كافية ليست مفهومة للطرفين، وتختلف في كل شيء بداية من القواعد النحوية حتى علامات الترقيم، وفقا للمجلة.

تقول الإيكونوميست إن اللهجة المصرية كأغلب اللهجات العامية في اللغة العربية، اكتسبت كلماتها من التاريخ المحلي؛ فإذا جلست في أحد المقاهي بوسط القاهرة، تجد العامل يحييك قائلًا "باشا"، - وهي كلمة مأخوذة من كلمة Pasha التركية والغزو العثماني، وعندما تسأل عن "الفاتورة" أو تشتري "جوانتي" فأنت تستخدم الإيطالية، والتي تركها الإيطاليون بعد أن عاشوا في مصر لأكثر من قرن، وتنتشر كلمات من اليونانية أيضًا مثل "الترابيزة".

ووفقا للتقرير، تربى كثير في العالم العربي منذ أربعينات القرن الماضي على استخدام اللهجة المصرية، وفي الخمسينيات كانت السينما المصرية ثالث أكبر سينما في العالم بسبب تمويلها الحكومي، واستطاعت نجمات مثل فاتن حمامة وهند رستم أن يجعلن الجماهير من طرابلس حتى دمشق يضحكون ويبكون، وكانت الموسيقى المصرية مشهورة للغاية لدرجة أن أصحاب المحلات كانوا يغلقونها ليستمعوا إلى أم كلثوم، وكانت أغان كثيرة تمس موضوعات وطنية مثل محاربة الاستعمار، الذي ضرب جميع أنحاء العالم العربي.

أضافت المجلة أن مساعدة القومية العربية في انتشار اللهجة المصرية، لم يكن مفاجئًا لأحد، فبعد الانتصار على العدوان الثلاثي على قناة السويس عام 1956، حاول الرئيس - آنذاك - جمال عبد الناصر، أن يُروج للقيادة المصرية فأرسل المُدرسين إلى الجزائر لتدريس العربية، خوفًا من أن يهجر الجزائريون اللغة ويتجهوا للغة الفرنسية، وكان يتم تعليهم العربية الفصحى كتابة، ولكن نطقًا كانت اللهجة المصرية هي المسيطرة.

أشارت المجلة إلى أن جمال عبد الناصر نفسه عُرف بلغته القوية وخطاباته الرنانة على إذاعة صوت العرب التي تبث من القاهرة، وقاد حركة القومية العربية التي كانت تهدف لإنهاء الخلافات بين العرب، واستخدم ناصر في خطاباته اللهجة المصرية لتوصيل أفكاره، وعندما مات في 1970، كان الخطاب المصري هو الأكثر فهمًا بين الدول العربية، من المحيط إلى الخليج.

ويفتخر المصريون، بحسب الإيكونوميست، بلهجتهم حتى الآن، وبينما تستخدم الصحافة العربية الفصحى نجد أن المناقشات والمناوشات السياسية تكون بالعامية، وقد يكون تفسير هذا هو التعليم، فبوجود المدارس الكئيبة ونسبة الأمية التي تصل إلى 24 في المئة، يجد القاهريون صعوبة في استعمال العربية الفصحى، لدرجة أن بعض اللغويين يقترحون تعليم اللهجة المصرية في المدرسة لتحسين المستويات الضعيفة.

واستطرد التقرير: ليست هذه القصة كاملة، فحتى المصريون المتعلمون تعليمًا جيدًا يستخدمون اللهجة العامية في المناقشات، على عكس أقرانهم في دول الخليج أو المغرب مثلًا، وكذلك الكتاب في بعض الأحيان يستخدمون العامية، ومنهم على سبيل المثال الشاعر أحمد فؤاد نجم الذي كان يستخدم اللهجة المصرية في قصائده التي انتقد فيها السياسيين خلال فترتي الستينيات والسبعينيات، ويتبعه بعض المعاصرين في ذلك، مثل الشاعر تميم البرغوثي، والكاتبة إيناس حليم التي استخدمت اللهجة المصرية في مجموعة قصصية قصيرة بعنوان "تحت السرير".

قالت الإيكونوميست إن الإنترنت وفر فرصًا أكثر للمصريين لاستكشاف حبهم للهجة العامية، فغادة عبد العال، الدكتورة والكاتبة، بدأت في نشر مقتطفات عن حبها للحياة، مستخدمة في ذلك لهجة عامية سهلة، ثم اتجهت بعد ذلك لنشر قصصها في كتاب ثم برنامج تليفزيوني.

وأضافت أن الأمر لا يقتصر على الكتابات فقط، بل اتسعت اللهجة المصرية المشتقة من اللغة العربية لتشمل موقع ويكيبيديا الشهير، فأصبح هناك اختيار للهجة المصرية في الخيارات الخاصة باللغة، وهذا أمر مميز حول اللغة العربية، ومثير للجدل في أحيان أخرى لأولئك من يعتقدون أن ذلك سيؤدي إلى تشتت العرب سواء كان بقصد أو غير قصد.

ويختتم التقرير بالقول: "على الرغم من أن السينما والأغاني المصرية - التي يستمع إليها باقي الشعوب العربية - لم تختفِ تمامًا في الوقت الحالي، إلا أنهم تراجعوا بشكل ملحوظ، ففي 2013 أعد مهرجان دبي السينمائي الدولي قائمة من أكثر الأفلام العربية تميزًا، كان بها 100 فيلم من جميع أنحاء الوطن العربي، وحصدت السينما المصرية في العصر الذهبي - فترة السبعينيات - 35 فيلماً، أما في العصور الحديثة فلم يكن هناك سوى 3 أفلام فقط، ويقول بعض رواد السينما إن هذا بسبب تفضيل السينما المصرية في الوقت الحالي للمحتوى الذي يعتمد على النساء والكوميدية أكثر من المحتوى الذي يحتوي على الحبكة الدرامية".

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان