إعلان

لماذا لا تستطيع روسيا الانسحاب من سوريا؟

06:23 م الجمعة 05 مايو 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - سامي مجدي:

اعتبر مركز "ستراتفور" الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والأمنية إن ما جرى في محادثات السلام السورية في العاصمة الكازاخية، استانة، (يومي الأربعاء والخميس)، يعكس الصعوبات التي تواجهها روسيا وكيف أنه من غير المرجح أن ينجح الكرملين في خططه لخروج سلس من سوريا بعد أكثر من عام ونصف من التدخل لصالح حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.

واتفق مسؤولون من روسيا وإيران وتركيا الخميس في محادثات العاصمة الكازاخية، على إنشاء أربع "مناطق وقف التصعيد" في سوريا، في محاولة للحد من العنف بالبلد العربي الذي يتمرغ في الحرب منذ أكثر من ست سنوات.

وأشار المركز في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني الخميس إلى مناقشة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقاء مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في منتجع سوتشي على ساحل البحر الأسود، استراتيجية خروج محتملة من سوريا.

وقال المركز المعني بالشؤون الاستخباراتية إن اجتماع استانة يعزز حاجة روسيا الملحة لإخراج نفسها من الوضع الذي انغمست فيه.

يشير "ستراتفور" إلى أن التدخل الروسي في سوريا في 2015، وإيران لدعم القوات الموالية للأسد، نجح من نواح عدة؛ من ناحية أدى إلى استقرار ساحات القتال لصالح القوات السورية التي بات لها اليد الطولى في الحرب. علاوة على ذلك لم يؤمن لها تدخلها قاعدة في البلاد فحسب، بل كان بمثابة فرصة لإظهار المعدات العسكرية الروسية وتجربتها في ساحات القتال.

أخيرا، زاد هذا التدخل من الثقل الجيو-سياسي لروسيا، ما جعل من الكرملين لاعبا رئيسيا في المنطقة، حسب المركز الأمريكي.

وكان قرار روسيا المفاجئ بالتدخل العسكري في سوريا، في سبتمبر 2015، بمثابة نقلة حاسمة في الحرب الشرسة الدائرة في سوريا. وأنقذ الدعم العسكري والسياسي والمعنوي الذي قدمته لدمشق على الأقل القوات السورية المستنزفة من الانهيار على خطوط المواجهة جراء الضغط الشديد من طيف من جماعات المعارضة المسلحة التي كانت لها الغلبة في أغلب ساحات القتال ضد القوات الحكومية حتى قبل القرار الروسي.

غير أن روسيا، التي لعبت دورا رئيسيا في النزاع، تسعى الآن لسحب نفسها من ساحات القتال في الوقت المناسب. وبالنظر إلى كل المكاسب التي حصدتها من تدخلها في الأزمة السورية، تتفهم موسكو أيضا التكاليف الباهظة - والأمر الأكثر أهمية، احتمالية أن تتبدد المزايا التي راكمتها مع الوقت، خاصة إذا استمرت الحرب دون نهاية تبدو في الأفق.

يقول المركز إن علاقات موسكو مع داعمي مقاتلي المعارضة المهمين مثل تركيا ومجلس التعاون الخليجي (ست دول) تعرضت لهزة، خاصة مع تكثيف روسيا دعمها لدمشق. بالإضافة إلى ذلك، كان لهذا الدعم ثمنا سددته روسيا بالدماء ومن خزانتها؛ وقد ارتفع معدل الخسائر العسكرية الروسية في الأشهر الأخيرة خاصة مع زيادة انخراط الجنود على الأرض.

الأمر الذي ربما يكون أكثر أهمية - بحسب "ستراتفور" - هو أن موسكو على دراية بأنها طالما بقت عالقة في سوريا، طالما باتت أقل قدرة على التوصل إلى اتفاق يخدم مصالحها. وقد حاولت روسيا لفترة طويلة استخدام موضعها في النزاع كوسيلة لاستخلاص تنازلات أكبر من الولايات المتحدة وأوروبا، حتى تجبرهم على الجلوس على طاولة التفاوض.

لكن الأحداث يمكنها أن تكشف بسرعة حدود التأثير الروسي في البلاد، تلك الحدود أظهرها الهجوم المزعوم بالأسلحة الكيماوية في خان شيخون. في غضون ذلك، يواجه الجنود الروس قوات معارضة عاقدة العزم على مواصلة القتال. وتتعرض موسكو لنفس المعضلات التي واجهتها الولايات المتحدة في العقد الماضي في العراق وأفغانستان.

وقال المركز إن موسكو في محاولة منها لتجنب سيناريو السقوط في المستنقع السوري، غيرت موقفها العام الماضي. وظهرت أدلة على ذلك لأول مرة في محادثات مع الولايات المتحدة ومرة أخرى، عندما سعت موسكو للاستفادة من الانفراجة مع تركيا، واتجهت نحو حل سياسي تفاوضي مدعوم بمبادرات لوقف إطلاق النار.

بيد أن تركيا - بحسب "ستراتفور" - لم تكن مستعدة ولم تتمكن من إقناع الطيف المتشدد بشكل متزايد من المعارضة لتقديم التنازلات التي طلبتها روسيا. وفي كل مرة يعمل الانخراط الروسي المكثف في النزاع على تقويض محاولات وساطة أنقرة.

علاوة على ذلك، لا تزال الحكومة السورية وإيران تتشككان في المبادرات والدوافع الروسية، وأثبتا أنهما أكثر استعدادا للسعي وراء حل عسكري للنزاع الأمر الأكثر أهمية بالنسبة للمصالح الأساسية لدمشق وطهران.

يقول مركز "ستراتفور" إن الحقيقة هي أن الحل السياسي التفاوضي للنزاع السوري غير مرجح على نحو متزايد الآن، مقارنة بما كان عليه الوضع عندما بدأت روسيا في اتخاذ خطوات مترددة نحو خروجها. فالعنف المتزايد قوض أي إيمان في فعالية الهدنات الكثيرة التي تم إعلانها - والتي اعتبرت أساسا هاما لمزيد من المفاوضات.

وأضاف المركز أن فصائل المعارضة ازدادت تشددا مع الوقت، ما يدل على مرونة ملحوظة وسط قوة نيرانية ساحقة من قوات الحكومة وحلفائهم. ويبدو على نحو متزايد أن المعارضة - حتى لو عادت عسكريا - فمن المرجح أن تلجأ إلى تكتيكات التمرد والعصابات أكثر من إلقاء سلحهم.

في نفس الوقت، ضعفت قدرة روسيا على لعب دور الوساطة جراء الحملة الجوية الشديدة على بلدات وقرى المعارضة - الأمر الذي أبرزته المعارضة المسلحة أثناء خروجها من محادثات أستانة يوم الخميس.

يقول المركز إن روسيا إلى جانب إيران وجدتا نفسيهما عالقتين في نزاع دائم لا خروج سهل منه. حتى مع مواصلة موسكو التفكير في هروبها، فأي تسوية تفاوضية لابد أن تخدم مصالح الكرملين بأفضل قدر، وهو هدف ثبت بشكل متزايد أن تحقيقه صعب.

وفي ظل عدم قدرة موسكو على التخلي الكامل عن دمشق وعدم استعدادها للتخلي عن مصالحها في سوريا، يمكن للدور الروسي أن يضر بمحاولتها لتحسين علاقاتها الهامة مع دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا وتركيا، أكثر من المساعدة في ذلك.

ومع ختام لقاء الرئيسين الروسي والتركي في سوشي الخميس، لا يزال هناك تساؤلا أمام الكرملين: ما هي النهاية القابلة للتطبيق؟، بحسب "ستراتفور".

للاطلاع على الموضوع الأصلي... اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: