إعلان

عضوية وراءها قصة

الكاتب الصحفي سليمان جودة

عضوية وراءها قصة

سليمان جودة
07:37 م الأحد 10 مارس 2024

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

دخلت السويد حلف شمال الأطلنطي الشهير بحلف الناتو فأصبحت الدولة رقم ٣٢ ، وقال أولف كريسترسون ، رئيس حكومتها ، إن دخول بلاده عضواً في الحلف هو انتصار للحرية .

ولا يعرف المتابع للقصة من أولها ، ما هي بالضبط هذه الحرية التي انتصرت بالتحاق السويد في عضوية الحلف ، ولكن يبدو أن فرحة رئيس الوزراء السويدي العارمة بهذه الخطوة ، قد جعلته يقول كلاماً لا يمكن فهم معناه على وجه التحديد .

وعندما أقول إن الالتحاق السويدي له قصة ، فأنا أريد تذكير المتابعين بأن الأمر وراءه قصة بالفعل ، وهي قصة بدأت في مرحلة ما بعد العملية العسكرية التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا ٢٤ فبراير ٢٠٢٢ .

بعدها بدأت دول أعضاء في الإتحاد الأوربي ، وليست أعضاء في الحلف ، تشعر بالقلق على نفسها ، وكانت السويد في المقدمة من هذه الدول ، ومعها كانت فنلندا سواء بسواء ، وبدأت الدولتان تدقان باب الناتو ، ولكن لأن الالتحاق له قواعده وإجراءاته، فقد كان لا بد من المرور بها ومراعاتها ، وقد التحقت فنلندا في وقت مبكر ، لولا أن السويد كان عليها أن تنتظر .

وقد راحت تنتظر طويلاً ، لا لشيء ، إلا لأن تركيا عضو الحلف اعترضت ، وكان اعتراضها في البداية راجعاً الى أن السويد تؤوي عدداً من قيادات الحزب الكردي الذي يناصب الأتراك العداء ، وكانت أنقرة ترى أن على الحكومة السويدية أن تتخذ اجراءات محددة تجاه تلك القيادات الكردية ، إذا كانت حقاً تريد الالتحاق بالحلف .

ولم يكن أمام الحكومة في استوكهولم إلا أن تمتثل ، وقد استجابت لما طلبته منها تركيا فعلاً ، حتى إذا استوفت ما دعاها إليه الأتراك ، تبين أنهم يريدون شيئاً آخر ، وقد كان هذا الشيء الآخر من الولايات المتحدة الأمريكية هذه المرة .

ذلك أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كان يفاوض واشنطون في مرحلة سابقة للحصول على عدد من الطائرات إف ١٦ ، ولكنه بعد أن قطع خطوات في تفاوضه ذهب فحصل على نظام صاروخي دفاعي من روسيا ، فلم تملك الولايات المتحدة إلا أن توقف تفاوضها معه على الطائرات ، لأنها هي وروسيا لا تجتمعان ، والرئيس التركي يعرف ذلك .

وقد أسرّها في نفسه فيما يبدو ، وراح يبحث عن فرصة يجدد فيها حاجته من الولايات المتحدة ، التي كانت حريصة جداً على إلحاق السويد بالناتو ، فتمسك إردوغان بصفقة الطائرات في مقابل الموافقة على العضوية السويدية ، ولكن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن دعته في المقابل أيضاً الى التخلي عن النظام الدفاعي الروسي فوعدها بذلك .

ولكن لأن إدارة بايدن كانت في عجلة من أمرها في موضوع العضوية السويدية ، فلقد وافقت سريعاً على صفقة الطائرات ، ولم تنتظر حتى يتخلى هو عن النظام الدفاعي الروسي ، فكان أن مرّت عضوية السويد في البرلمان التركي بسرعة البرق !

وهكذا .. فإن هذه العضوية كانت حافلة بالتفاصيل ، بمثل ما كانت حافلة بالتوافقات والصفقات بين أطرافها ، وكانت عضوية فريدة من نوعها بين بقية العضويات في الحلف منذ نشأته في ١٩٤٩ ليواجه حلف وارسو ، الذي كان قد انحل بانهيار الإتحاد السوڤييتي في ١٩٩١ .

ولكن يبدو أن الروس قلقون للغاية من هذه العضوية، وهو قلق مرشح لأن يجعل ما بعد عضوية السويد قصة ، تماماً كما كان ما سبقها قصة أخرى .

إعلان