إعلان

ملاحظات على حركة مصر خارجياً!

عصام شيحة

ملاحظات على حركة مصر خارجياً!

عصام شيحة
08:06 م الثلاثاء 29 سبتمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

لا شك أن المتابع لحركة الدولة المصرية على المستويين الإقليمي والدولي يلاحظ بوضوح أن الدبلوماسية المصرية التقليدية، مُمثلة في وزارة الخارجية المصرية، تعمل في إطار منظومة متكاملة مع بقية الجهات المنوط بها المساهمة في تنفيذ السياسة الخارجية المصرية، وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة.

والواقع أن للدبلوماسية المصرية ثوابت راسخة تشكلت وتراكمت عبر عمرها الطويل، مُستلهمة قيمها ومبادئها من الشخصية المصرية الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، تطور من نفسها بما يتواكب مع مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، دون أن تفقد ثوابتها أبداً.

من بين هذه الثوابت أن مصر دائماً مع الشرعية الدولية، ولم يعرف المجتمع الدولي مصر في يوم من الأيام خارجة عن قواعد ومبادئ القانون الدولي، ولا على الأعراف الدولية المتعارف عليها. ويمكن ملاحظة ذلك الأمر في الملف الليبي الذي تحركت فيه مصر مدفوعة بحتمية الدفاع عن أمنها القومي في مفهومه الواسع؛ إذ لم يعد الأمن القومي يرتبط بالحدود الجغرافية، بل إن المجال الحيوي للأمن القومي المصري قد يستلزم الذهاب بعيداً لاقتناص ما به من فرص، ومجابهة ما فيه من تحديات.

الملاحظة الثانية، أن مصر وهي تلتزم بالشرعية الدولية لا تملك حق التنازل عن حقوقها التاريخية والثابتة، مثلما أن جنوح مصر للسلم لا يعني أبداً تراخيها في مواجهة أعدائها. ومرة أخرى تبرز الأزمة الليبية كمثال لذلك؛ إذ انتهجت مصر سياسة الخطوط الحمراء، ووضعت خطاً أحمر على الأرض في ليبيا، سرت ـ الجفرة، وأوضحت للعالم بكل ثقة أنها ستتدخل عسكرياً إذا ما تم تجاوز هذا الخط، الذي تراه مصر منتهى المناوشات العسكرية التي تخوضها تركيا في ليبيا. وبالفعل أثمرت سياسة مصر الحازمة والحاسمة فكان تراجع الموقف التركي بشكل لافت مؤكداً قوة مصر العسكرية، ومشروعية موقفها السياسي من الأزمة. حتى أن عدداً من القادة الأتراك صرحوا: "نحترم الجيش المصري، ولا نستهدف محاربته في ليبيا"!، رغم أن العالم كله شهد حشوداً تركية في ليبيا باتجاه الخط الأحمر الذي حددته مصر، ولاح للكل أن الحرب باتت وشيكة، لكنها سياسة أردوغان "أقصى ضغط ممكن" التي تفهمتها مصر جيداً واستوعبتها في حجمها الصحيح.

الملاحظة الثالثة يمكن رصدها من ملاحظة أن الرئيس عبدالفتاح السيسي هو أكثر الرؤساء المصريين حرصاً على التواصل مع المجتمع الدولي من خلال المنظمة الأم، الأمم المتحدة، حتى أصبح صوته على موعد دائم كل عام مع بدء الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة؛ ومن ثم لم يتخلف عاماً منذ تقلده منصب الرئاسة عام 2014 وحتى الدورة الأخيرة التي ألقى فيها سيادته كلمته عبر تقنية "الفيديو كونفرانس". إذ يعبر ذلك بالتأكيد عن قناعة مصر بأهمية تناغمها مع قيم ومبادئ المجتمع الدولي، استناداً إلى فكرة أن دولة تبني وتلتزم بالشرعية الدولية في كل مواقفها، لا يمكن أن تكون في حالة عداء مع المجتمع الدولي، ولا أن تصطدم بمؤسساته الدولية المعنية بترسيخ أواصر التعاون والصداقة بين الشعوب سعياً إلى إحلال السلم والأمن الدوليين كهدف أسمى لا يصح تحييده أمام أي مصالح خاصة بدولة أو أخرى.

الملاحظة الرابعة، أن مركزية القضية الفلسطينية في الضمير الوطني المصري لا ينالها أدني شك، وتأييد مصر للخطوات التي اتخذتها دولة الإمارات وتلتها البحرين، بالتطبيع الكامل مع إسرائيل، لا يُعد تغيراً أو تراجعاً عن ثوابت مصر. ومن هنا أكد الرئيس السيسي مؤخراً في كلمته أمام الأمم المتحدة: "إذا كنا ننشد حقا تنفيذ القرارات الدولية.. وتحقيق السلام والأمن الدائمين فى منطقة الشرق الأوسط فليس أحق بالاهتمام من قضية فلسطين التى ما زال شعبها يتطلع لأبسط الحقوق الإنسانية وهو العيش فى دولته المستقلة جنبا إلى جنب مع باقى دول المنطقة".

وللحديث بقية بإذن الله.

إعلان