إعلان

ليفربول بطلاً

د. جمال عبدالجواد

ليفربول بطلاً

د. جمال عبد الجواد
08:56 م الجمعة 03 يوليو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

مبروك لفريق ليفربول والنجم محمد صلاح الفوز بالدوري الإنجليزي، رغم الهزيمة الثقيلة من فريق السيتي مساء الخميس. متابعة مباريات الكرة الأوروبية تصيبني بالغم لأنني لا أستطيع التوقف عن المقارنة بين ما يحدث عندهم وما يحدث عندنا. فاز ليفربول بالبطولة قبل نهايتها بأسابيع سبعة، ليس لأنه انتصر في مباراة إضافية، ولكن لأن الوصيف وغريمه فريق السيتي خسر مباراته الأخيرة، فمنح اللقب لليفربول مبكرًا. المباراة التالية لليفربول كانت ضد غريمه فريق السيتي وفي عقر داره، وكان على فريق السيتي وفقا للتقاليد أن يقف ممر شرف؛ لتحية الفريق البطل عند نزوله الملعب، وهو ما حدث بالفعل، دون أن "يحرن" أحد، أو يدبدب ويخبط رجليه في الأرض، وهو المشهد الذي كاد يصيبني بسكتة دماغية؛ لأن شيئًا مثل هذا لا يحدث في مصر، فهل تتصور فريق الأهلي ينتظم في ممر شرف للزمالك لو فاز الأخير باللقب، أو أن يقف أعضاء فريق الزمالك يصفقون لفريق الأهلي لو حل الأخير بطلا؟ ربما في المشمش أو في حكايات ألف ليلة وليلة.

في الواقع الذي نعيشه، فإن الفريق الذي خسر الدوري هذا العام، بعد أن فاز به العام السابق، قد يرفض تسليم درع الدوري للفريق الفائز؛ أو يرفض إعادته لاتحاد الكرة لكي يتولى هو تسليمه للفريق الفائز بنفسه؛ أو أنه يظل يماطل في تسليم الدرع لمجرد النكاية وإفساد فرحة الفريق المنافس، وهذه هي أخلاق القبائل، وليست أخلاق المحترفين.

أطقم التحكيم في البطولات الأوروبية هم من المواطنين، الذين يخطئون ويصيبون، لكن أحدًا لا يخرج لتعليق مسؤولية الهزيمة على الحكام. اللاعبون والمدربون في بلاد الخواجات رجال ناضجون يتحملون نتيجة أخطائهم، ولا يبحثون عن شماعات تحكيمية يعلقون عليها فشلهم. ما يحدث عندنا هو أن كل فريق وكل لاعب مصاب بعقدة اضطهاد، ويرى نفسه ضحية لحكام متآمرين ومرتشين، يعملون لصالح الفريق الخصم، وأحلم باليوم الذي تمنع فيه الدولة الاستعانة بالحكام الأجانب لأي مباراة، وإجبار الفرق والمشجعين على القبول بقرارات الحكم المصري، فيما تتم معاقبة الحكم الذي تتكرر أخطاؤه الفادحة المكشوفة بشكل صارم.

هناك محترفون حقيقيون في بلاد الخواجات، يسري ذلك على اللاعبين والمدربين والحكام. ولاء المحترفين هو فقط لمهنتهم، لا لنادٍ ولا مدينةٍ. رحيم سترلينج، نجم فريق السيتي، ونجم ليفربول السابق، سجل هدفين في مرمى فريقه السابق، فلم يتصرف بشماتة لحرق دم جماهير الفريق الذي فرط فيه، ولا اتهمه أحد من جماهير ليفربول بالخيانة وقلة الأصل، وهذه هي أخلاق المحترفين. في غياب ثقافة وأخلاق الاحتراف تسود ثقافة وأخلاق القبائل، التي تكره بعضها بلا سبب، والتي يتضامن أعضاؤها لنصرة الأخ ظالمًا أو مظلومًا.

هناك قواعد تنظم كل شيء في عالم الكرة في بلاد الخواجات، والناس هناك يحترمون هذه القواعد، ولا يطالبون بتغييرها كلما تعارضت مع مصالحهم. لا أحد في بلادي يحترم القواعد، فهي في نظرهم مجرد قيود يتم وضعها للتلاعب بنا لصالح الفريق المنافس. ولأن أحدًا لا يحترم القواعد عندنا، فإن أي أحدٍ يمكنه اختراع أي قاعدة، ومحاولة فرضها علينا.

أحب فريقي ليفربول ومانشستر سيتي، وأعرف اسم وصورة كل لاعب في الفريق، وأعرف الكثير عن المدربين يورجن كلوب وبيب جوارديولا، لكنني لا أعرف شيئًا عن رئيس هذا النادي أو ذاك، ولا أذكر أنني رأيت صورة أو اسم أي منهما في أي مكان. ولأن الجهد والمتعة والفضل كله يعود للاعبين والمدرب، فإن رئيس ليفربول لم يخرج علينا لاقتسام الفرحة والفضل مع لاعبيه ومدربهم، فهذا يومهم، ولا يحق لأحدٍ أن يشاركهم فيه.

هذه هي أخلاق المحترفين، وحتى تحل هذه الأخلاق في بلادي فقد قررت إعلان فريق كفر البطيخ الذي أتشرف بتشجيعه أحسن نادٍ في المجموعة الشمسية، وسوف أعلق لافتة بهذا المعنى على باب النادي، وعلى عربات السرفيس التي تجوب شوارع قريتنا، وعلى المتضرر أن يلجأ للقضاء.

إعلان