إعلان

الخليج وحرب الظل المشتعل!

محمد حسن الألفي

الخليج وحرب الظل المشتعل!

محمد حسن الألفي
09:02 م الثلاثاء 25 يونيو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

يمكنك أن تضحك كثيرًا وعميقًا، لحد القهقهة، إذا تابعت باهتمام وتأمل فصول العرض المسرحي الواقعي الافتراضي، الذي تدور أحداثه بلا انقطاع، طوال الأربع والعشرين ساعة، بين ترامب وإيران. نقول بين ترامب تخصيصا، ولا نقول الولايات المتحدة بكونجرسها وهيئاتها المعلوماتية وأجهزة وزارة الخارجية.

لماذا؟

لأن هذا النوع من الدراما السياسية، بما فيها الشق الخاص باستعراض البوارج والقاذفات والحاسبات، هو ما يتسق كلية مع نوع عقلية ترامب ونفسيته وطريقته المولعة بالظهور كمحرك رئيسٍ للأحداث في الكون. هكذا هو الرجل.

ونلاحظ أنه ابتعد عن طريق منافسه في الجموح والجنون (كيم جونج أون) زعيم كوريا الشمالية؛ لأنه وجد أن الأخير بهيئته وهدوئه أكثر جذبًا للإعلام منه، بل إن ترامب أبدى إعجابه به.

ليست المسألة في حقيقة الأمر إعجابا، بل خشية من امتلاك كوريا الشمالية سلاح الردع النووي الباليستي. كذلك الأمر مع إيران. هو يعرف أن إيران إن دخلت حربا، فلن تتوقف، وأمريكا إن ضربت طهران، فإسرائيل أدنى إلى الصواريخ الإيرانية من واشنطن.

فما البديل؟

ما يقطع به خبراء ومحللون دوليون ومصريون كثر أنه لن تكون حرب بينهما- هو أمر صحيح إلى حد كبير؛ لأن العرض الحالي بين الدولتين يشبع احتياجات ترامب النفسية تماما، بل يستجيب لنصائح خبرائه بعدم الذهاب إلى مستنقع آسن في الشرق الأوسط، يجعل ظهره مشبوحًا لطعنات الديمقراطيين؛ بينا هو مقبل على انتخابات رئاسية جديدة.

يكتفي ترامب ورفيقاه الشبيهان به (جون بولتون- مستشاره المتشدد للأمن القومي، ومايك بومبيو- ميكرفونه الأمين في الخارجية الأمريكية) بما يمكن وصفه بحرب الظل!

هي ليست بالحرب الباردة، لكنها الحرب الرمادية، لا تطلق فيها رصاصة، بل تطلق فيها العقيرة. التهديد بالضرب يذهب لحد استعمال ألفاظ يجرمها القانون الجنائي الدولي. يستخدم ترامب عبارات: المحو. الإبادة. الإزالة الكاملة. تدمير إيران.

وبمجرد النطق بهذه العبارات المنتمية للخطاب التتاري في العصور السالفة، يسارع إلى عرض صفقة المباهج التي يمكن أن تجنيها إيران لو انصاعت، وهرولت خاضعة إلى طاولة المفاوضات.

التاريخ يقول إن المهزوم لا يفاوض، بل يتلقى الشروط من المنتصر. في هذا السياق؛ فإن ترامب وشريكيه في العزف الإعلامي الذي لا يكل، ولا يمل يعلنون طوال الوقت أنه لا يريد الحرب، وإيران تقول إنها لا تريد الحرب، والاتحاد الأوروبي يقول إنه لا يريد الحرب!

حسنا الكل لا يريد الحرب. هذه إذن حرب مرفوضة، لكنها قد تقع عن غير قصد، كما حذر رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون.

إسرائيل وحدها من يريد الحرب. أو على الأقل الحصول على الضوء الأخضر لضرب المواقع النووية الإيرانية ومنصات الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية المحتملة والموجهة بالقطع إلى الخليج وإلى مدن إسرائيل الرئيسية.

في صراع حرب الظل لا تجد روسيا غضاضة في المشاركة، فقد أعلنت أنها وشركاءها لن يتركوا إيران تواجه وحدها العقوبات الأمريكية الأخيرة. عقوبات طالت المرشد الأعلى على خامنئي، وطالت جواد ظريف، وزير الخارجية، وطالت ثمانية من قادة الحرس الثوري الإيراني- ذراع الفوضى النشطة في المنطقة، وطالت شركاء (الصين وكوريا الشمالية).

روسيا نفسها تلقت تجديدا للعقوبات ضدها قبل أسبوع من الاتحاد الأوروبي !

حرب الظل هدفها إجبار إيران على الحضور والتفاوض مع إشهار السكين فوق عنقها طوال الوقت، لكن لن تهوي السكين أبدًا. كل الأطراف يعلمون هذه الحقيقة. لكن العائد الاقتصادي من إبقاء مسرح العمليات ساخنا لا يمكن تخيله، فالاقتصاد الأمريكي يتحسن، وابتزاز الخليج مستمر، بل ابتزاز الصين واليابان حليفتي أمريكا مستمر: "تريد حمايتي لناقلات نفطك في هرمز"؟ ادفع !

صديق ترامب الوحيد هو مصلحة أمريكا. رب ترامب الوحيد هو الدولار. هذا طبيعي وواجبه!

مشهد عبثي بامتياز، لا يمكن فهمه ومتابعته باستمتاع وترقب، إلا إذا أرجعنا كل تفصيلة منه إلى نجم المسلسل، دونالد ترمب، باشا أمريكا والعالم .

تفرجوا واستمتعوا... لكن النار وشيكة.

إعلان