إعلان

في ذكرى أحمد عبدالله رُزة: الفتى النحيل في شتاء الغضب

محمود الورداني

في ذكرى أحمد عبدالله رُزة: الفتى النحيل في شتاء الغضب

محمود الورداني
09:03 م الخميس 13 يونيو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

مرّت ذكرى رحيل أحمد عبدالله رُزة (1يناير 1950 – 6 يونيو 2006) في هدوء شديد، ولم يتذكره إلا عدد أقل من القليل على شبكات التواصل الاجتماعي، ومع ذلك فإن الدور الذي لعبه في تاريخ الحركة الطلابية المصرية، بل وفي تاريخ الحركة الوطنية سيظل محفورا ومتألقا رغم السنين.

ولحُسن حظ كاتب هذه السطور أنه كان شاهد عيان على جانب من هذا التاريخ.

لنعود قليلا إلى الوراء منذ قرابة نصف القرن من الزمان وبالتحديد عام 1971عندما كرر أنور السادات في خُطبه ومقابلاته الصحفية وعدا قطعه على نفسه بأن عام 1971 لن يمر إلا بتحرير سيناء إن سلما أو حربا. وكانت البلاد أيامها تنتفض غضبا بسبب مرور أربع سنوات على هزيمة يونيو 1967 واحتلال أرض ثلاث دول عربية.

كانت الجامعات المصرية، وعلى الأخص جامعة القاهرة هي الأكثر غليانا بسبب استمرار الاحتلال من خلال صحافة الحائط والندوات والمؤتمرات الطلابية المنددة باستمرار حالة اللاحرب واللاسلم، وكان الكل يترقب إلى أين سينتهي الوعد الذي كان السادات قد قطعه على نفسه بأن عام 1971 لن يمر إلا بحسم قضية الاحتلال، بل وأطلق بنفسه على عام 1971 عام الحسم!
ومرّت الأيام الأولى من عام 1972 دون أن يحدث أي شيء فاندلع الغضب والاحتجاج والمظاهرات داخل أسوار جامعة القاهرة، وبدأت عدواه في الانتقال إلى سائر الجامعات المصرية، واضطر السادات لإذاعة بيان على الأمة يشير فيه إلى تأجيل عام الحسم بسبب الضباب الذي غطى الفضاء السياسي الدولي، قاصدا بذلك اندلاع الحرب بين الهند وباكستان وانشغال الحليف السوفييتي بتلك الحرب بسبب تأييده للهند.

ولأنني كنت شاهدا على وقائع الغضب وتنامي الاحتجاج فسوف أذكر ما شاهدته. ربما كانت فكرة اللجان الوطنية في كل كلية هي بداية تنظيم ذلك الاحتجاج وتطويره. بدأت الفكرة جماعة "أنصار الثورة الفلسطينية" بكلية الهندسة وأسرة مصر بكلية الآداب، ثم انتقلت إلى سائر الكليات، حيث يتم الانتخاب العلني في مؤتمر يعقد في كل كلية، للجنة تكون مسؤولة أمام الطلاب عن مواجهة ما اعتبروه عبثا ولعبا بالألفاظ فيما يتعلق بقضية كبرى هي قضية الاحتلال الإسرائيلي الجاثم، وتمحور الغضب حول ضرورة تفسير السادات لحنثه بوعده.

وفي المؤتمر الذي كانت جماعة "أنصار الثورة الفلسطينية" قد عقدته لمناقشة الوضع السياسي، أرسل السادات وزير الشباب أحد كمال أبوالمجد ليجيب عن تساؤلات الطلاب وفي محاولة لاحتواء الغضب، غير أن أبوالمجد لم يكن لديه أي إجابة، وأخبر الطلاب في المؤتمر أنه ليس مخولا إلا بنقل أسئلة الطلاب للقيادة السياسية، الأمر الذي أدى إلى مزيد من الغضب، وطالبوه بالرحيل وإرسال السادات بنفسه للإجابة عن تساؤلاتهم، وأضافوا أنهم سيعتصمون في الكلية لحين مثول السادات والإجابة عن تساؤلاتهم.

وفي الوقت الذي كانت الكليات المختلفة تعقد مؤتمراتها لانتخاب كل كلية للجنتها الوطنية المسؤولة عن الحراك السياسي بعد بدء اعتصام كلية الهندسة، بدأت أيضا فكرة انضمام الطلاب من الكليات المختلفة ممن دعوا إلى الاعتصام إلى زملائهم وانتقال الجميع إلى قاعة الاحتفالات الكبرى للجامعة (التي كان اسمها آنذاك قاعة ناصر للاحتفالات الكبرى)، وتحت قبتها عُقد مؤتمر حاشد لكل اللجان الوطنية، وتم انتخاب لجنة وطنية عليا من بينهم، كذلك تم انتخاب أمين للجنة والوطنية العليا.
وهنا برز دور أحمد عبدالله رُزة الذي كان أمينا للجنة الوطنية لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وانتخبه الطلاب أمينا للجنة الوطنية العليا لطلاب جامعة القاهرة، وهي اللجنة التي قادت الاعتصام الذي قامت قوات الأمن بفضه بعد مرور عدة أيام..
سأستكمل لاحقا إذا امتد الأجل الحديث عن الدور الذي لعبه هذا الشاب صغير السن في تاريخ بلادنا..

إعلان