إعلان

دول هشة أم فاشلة؟  الجزء الثاني

د. غادة موسى

دول هشة أم فاشلة؟ الجزء الثاني

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

09:43 م السبت 04 مايو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تناولت في الجزء الأول من موضوع "دول هشة أم فاشلة" المحاور الخمسة التي تشكل محاور قياس ومن ثم بناء مؤشر الدول الهشة.

وفي هذا الجزء سأتناول هذه المحاور بشكل من التفصيل، بالإضافة إلى تناول وضع مصر في هذا المؤشر منذ صدوره.

كما سبقت الإشارة في الجزء الأول يتم تصميم وكتابة تقرير دولة ما من خلال خمس خطوات، تبدأ بـ:

- تحليل السياق التاريخي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة.

- ثم يعقب ذلك جمع البيانات الكمية، من خلال أجهزة الإحصاء الوطنية للدولة، ومن خلال المنظمات الدولية، وأيضاً عبر استطلاعات الرأي والمقابلات.

- ثم تحليل البيانات الكيفية الواردة في التقارير والأبحاث والدراسات التي تنتجها مراكز الأبحاث الوطنية والمؤسسات الدولية.

- ثم تأتي الخطوة الرابعة لتصنيف ودمج البيانات وفق المحاور الخمسة للتقرير.

- وأخيراً تتم مراجعة التقرير وتحديد الدرجات للمؤشرات الفرعية للمحاور الخمسة.

وجدير بالذكر أن القائمين على المؤشر قاموا بتطوير أداة قياس تُعرف باسم "أداة منظومة تقييم الصراعات "Conflict Assessment System Tool (CAST) كإطار يُمكّن صانعي السياسات ومتخذي القرار من فهم وقياس محددات ومحفزات الصراع والإشكاليات في البيئة الداعمة له.

--------------

وفيما يتعلق بالمؤشرات، فهي تصنف وفق المحاور الخمسة.

فهناك مؤشرات محور التماسك أو التوافق، وتتكون من الأجهزة الأمنية وتشتمل على: الاعتداءات، والتفجيرات، والجرائم، وأعمال العنف، وأعمال الإرهاب، وانتشار الجماعات المسلحة غير النظامية، واستخدام فصائل سياسية لمجموعات مسلحة خاصة والانقلابات وحركات الاحتجاج، بالإضافة إلى إدراك المواطنين وثقتهم بأداء الأجهزة الأمنية.

أما بالنسبة لمؤشر النخب المتصارعة والمنقسمة، فيقصد به تشرذم مؤسسات الدولة وانقسامها على أسس دينية وعرقية وإثنية وسياسية وقبلية وطبقية.

ويعكس هذا المؤشر غياب قيادة شرعية متفق عليها بين الجماعات المختلفة، ويتضمن: النزاعات حول السلطة، والصراع السياسي، والتحولات السياسية.

وبالنسبة لمؤشر مطالب وشكاوى الجماعات المختلفة، فيقصد به الانقسامات الموجودة بين أعضاء المجتمع، وتشمل الانقسامات الاجتماعية والسياسية، بالإضافة إلى قدرة تلك الجماعات على الوصول للخدمات وللموارد.

ويمكن أن تكون لتلك المطالب أو الشكاوى جذور تاريخية أثرت في مكانة جماعة ما وعلى أدوارها في المجتمع على مدار التاريخ، كأن تكون تلك الجماعة مهمشة أو تعرضت للاضطهاد من قبل أجهزة الدولة أو حصلت على ثرواتها بطرق غير شرعية

وبالنظر إلى المحور الاجتماعي، فينقسم إلى مؤشرات الضغط الديمغرافي، ويُقصد به الضغوط التي يمارسها السكان على الدولة، لتوفير الموارد والغذاء والمياه العذبة والخدمات الصحية.

كما يقيس المؤشر نمو السكان والفجوات العمرية والنوعية والخلل في توزيع السكان.

وبعيداً عن الضغوط ذات الطبيعة السكانية يتناول المؤشر الضغوط التي تشكلها الظروف البيئية والكوارث الطبيعية كالزلازل والأعاصير والبراكين على البنية السياسية والاقتصادية.

أما المؤشر الثاني من المؤشرات الاجتماعية، فيقيس اللجوء، والنزوح، والضغوط التي يمكن أن يشكلها اللاجئون على دول اللجوء، من خلال الضغط على الخدمات والبيئة الاقتصادية، فضلاً على المخاطر السياسية وأعمال العنف وانتشار الأوبئة.

أما المؤشر الثالث، فهو مؤشر عرضي يقيس التدخلات الخارجية بأنواعها المختلفة. ويقيس المؤشر أشكال التدخل وتأثيره على توازن القوة أو حل الصراعات.

كما يشمل التدخل الخارجي إقراض الدول والتدخل الإنساني وتدخل قوات حفظ السلام في الدول.

أما بالنسبة لكل من المحورين السياسي والاقتصادي، فيتضمن المحور السياسي مؤشرات شرعية النظام، والخدمات الرئيسية، وحقوق الإنسان، وحكم القانون، في حين يشتمل المحور الاقتصادي على مؤشرات تقيس النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية غير المتوازنة وهجرة العقول.

----------

وبتطبيق تلك المؤشرات على مصر منذ بدء تطبيق المؤشر عام ٢٠٠٦ نلحظ أن ترتيب مصر منذ ٢٠٠٦-٢٠١٩ بين المركزين الـ٣١ والـ٤٩ من إجمالي ١٧٨ دولة يتم تطبيق المؤشر عليها؛ حيث جاءت أفضل دولة في المؤشر عام ٢٠١٩، وهي فنلندا في المركز الأول، أي المركز ١٧٨.

أما بالنسبة للدرجات، فالدرجة الأضعف التي تشير إلى هشاشة الدولة تبلغ ١٢٠ درجة كحد أقصى. وقد حصلت فنلندا كأفضل دولة على ١٧ درجة في مؤشر ٢٠١٩، في حين حصلت مصر على ٨٨ درجة عن نفس العام.

وكانت أفضل درجة حصلت عليها مصر هي ٨٦ عام ٢٠١١.

وتجدر الإشارة إلى أن درجة كل مؤشر من المؤشرات الفرعية يقاس من ١٠ درجات، وحاصل جمع المؤشرات الفرعية الـ١٢ يساوى درجة الدولة في المؤشر.

فكلما انخفضت درجات الدول في المؤشرات الفرعية، أشار ذلك إلى درجات جيدة، ومن ثم ترتيب أعلى.

وفي مؤشر عام ٢٠١٩ كانت أفضل الدرجات على مسطرة المؤشرات الفرعية في الحصول على الخدمات الحكومية ٤.٣ والتنمية الاقتصادية المتوازنة ٥.٧ وهجرة العقول ٥.٣ درجة.

في حين كانت أضعف الدرجات في مؤشرات حقوق الإنسان ١٠ وفي صراع النخب ٩.٣، وفي ارتفاع شكاوى ومطالب الجماعات ٨.٩ درجة.

وكانت أفضل درجة قد حصلت عليها مصر في مؤشر حقوق الإنسان هي ٨ درجات، وكان ذلك عام ٢٠٠٦، وكانت أفضل درجة قد حصلت عليها مصر في مؤشر النخب المتصارعة عام ٢٠٠٦ وهي ٧.٧ درجة.

أما بالنسبة للتنمية الاقتصادية غير المتوازنة، فكانت أسوأ درجة قد حصلت عليها مصر هي ٨ درجات عام ٢٠٠٦.

كما حققت مصر تقدماً ملحوظاً في المحور الخاص بالضغوط السكانية؛ حيث سجل مؤشر مصر أدنى درجاته ٦.٣ مقارنة بعام ٢٠٠٨ بـ ٨ درجات. كما زاد مؤشر هجرة العقول ليسجل ٥.٣ درجة مقارنة بـ٤.٤ درجة عام ٢٠١٦.

وبقراءة سريعة للمحاور التي تسجل فيها مصر مؤشرات ضعيفة، وتحتاج إلى تحسين السياسات المتعلقة بها، نجد ذلك في المحور الخاص بالتماسك والتوافق؛ حيث تتراوح درجات المؤشرات الفرعية فيه بين ٩.٤ و٦ درجات، أي أكثر من خمس درجات، بالإضافة إلى المحور السياسي الذي تتراوح فيه الدرجات بين ١٠ و٤.٣ درجة.

أما بالنسبة للمحورين الاقتصادي والاجتماعي، فعلى الرغم من أن الدرجات في المؤشرات الفرعية للمحورين تتعدى خمس درجات، فمازالت في المجموع أفضل من المحورين السياسي ومحور التماسك والتوافق.

إعلان