إعلان

"سينرجي".. أفسدت سوق الدراما أم أنقذته؟

أحمد الجزار

"سينرجي".. أفسدت سوق الدراما أم أنقذته؟

أحمد الجزار
09:00 م الخميس 30 مايو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

إنتاج شركة "سينرجي" لمعظم مسلسلات رمضان -كلها تقريبًا- مع بعض الاستثناءات البسيطة، أثار العديد من علامات الاستفهام، والاتهامات أحيانًا، الموجهة نحو الاحتكار والسيطرة على سوق الدراما، وتشبيه الشركة بالحوت الذي التهم كل الأسماك الصغيرة ما دام يمتلك القوة والدعم، أبرزها بالتأكيد القنوات الفضائية التي تستحوذ عليها "إعلام المصريين"، والتي تنبثق منها "سينرجي"، كما أنها تعد إحدى شركات الشركة الأم وهي "الشركة المتحدة"، المملوكة للدولة المصرية.

كل هذه المعلومات هي الأكثر تداولا في السوق، ويستخدمها البعض أحيانًا في غير موضعها الصحيح لترويج معلومات بعينها، أو لتضليل الرأي العام، ولكن دعونا نرى نصف الكوب المملوء من الحكاية.

لماذا اضطرت شركة "سينرجي" لإنتاج هذا العدد الضخم من المسلسلات والذي يصل إلى 15 عملًا تقريبًا؟ وما هي استراتيجيتها الجديدة؟ وهل ما فعلته أنقذ السوق أم أفسده؟

الحقيقة من وجهة نظري أن سوق الدراما التليفزيونية في مصر كان متجهًا نحو الفناء، وخلال سنوات معدودة كان سينتهي تمامًا، وستضطر شركات الإنتاج إلى الإغلاق أو وقف نشاطها مؤقتًا أو تخفيضه بصورة كبيرة بسبب عدم توافر السيولة المالية، وإذا راجعنا السوق خلال العشر سنوات الأخيرة وقبل تنفيذ استراتيجية "سينرجي" لوجدنا أن هناك شركات أصبحت غير موجودة تقريبًا، ومنها أفلام محمد فوزي، وكينج توت، الجابري، وفيردي، والباتروس، والشروق، فاين أرت، واَخرى.

توقف شركات الإنتاج ليس له علاقة "بالحوت" القادم، ولكن بسبب الجشع والصراع والعشوائية التي شهدها سوق الدراما، فالمنتج يريد أن يكسب أعلى رقم، والممثل يريد أن يرفع أجره لعنان السماء، والقنوات تمارس عمليات الضرب تحت الحزام بين بعضها للحصول على أقوى المسلسلات وبأي سعر حتى لو كان هذا السعر سيكبدها الكثير من الخسائر، ثم تدخل هذه القنوات في حرب أخرى على الإعلانات لتنزل بها إلى سابع أرض، المحصلة أن معظم القنوات بل كلها تقريبًا تخرج من هذا الموسم خاسرة، وتظل تعاني طوال العام من ويلات هذه الخسارة، حتى تضخمت الديون بصورة غير معقولة وبسبب ذلك اضطرت شركات الإنتاج للإفلاس وكان سيعقبها إغلاق القنوات لا محالة في ظل الحالة العشوائية التي تسيطر على هذا السوق.

وعليكم أن تعلموا أن تكلفة دراما رمضان في 2017 اقتربت من الملياري جنيه، بينما السوق الإعلاني بالكامل في رمضان لم يتجاوز المليار ونصف المليار، خلال العام نفسه، وقد تقلص هذا العائد إلى النصف تقريبًا خلال عامي 2018 و2019 بعد أن انسحب المعلن إلى المنصات الرقمية "الديجيتال"، كما أن أجور النجوم كانت تصل تقريبًا لنصف ميزانية العمل ومنها مسلسلات "محمد رمضان، عادل إمام، الفخراني، يسرا، نيللي كريم، وأحمد السقا، وأحمد مكي "، وبسبب أجور بعض النجوم الخيالية وصلت ميزانية بعض المسلسلات إلى ما يقرب من 100 مليون جنيه.

"سينرجي" أو "الشركة المتحدة" كان عليها وبسرعة طرح استراتيجية جديدة وعاجلة من وجهة نظري طالما تمتلك معظم القنوات لحل الأزمة والإبقاء على هذا الاستثمار الذي يمثل دخلا قوميًا للدولة المصرية، إلى جانب الحفاظ على القوة الناعمة التي تتميز بها بلدنا عن باقي الدول العربية، قبل أن تنهار الصناعة تماما، واعتمدت خطتها على تخفيض الإنتاج لأكثر من النصف، وتقليل الميزانيات بنفس القدر تقريبًا بعد تخفيض ميزانيات النجوم التي تلتهم السواد الأعظم منها، وضبط السوق الإعلاني بين القنوات، تلك الاستراتيجية من وجهة نظري كان لا بد أن تحدث وبشكل سريع، مع فتح سوق جديدة مثل ما حدث مع منصة "watchit" لزيادة الدخل.

خطة "سينرجي" التي قادها المنتج تامر مرسي، تفاعل معها البعض ورفضها البعض الاَخر، والبعض الاَخر هنا ليس مقصودا به فقط شركات الإنتاج التي قررت التوقف لانتظار النتائج، ولكن أيضا النجوم الذين رفضوا التعامل مع هذه المنظومة والجلوس على دكة الاحتياط.

والاَن، وبعد نجاح المرحلة الأولى من الاستراتيجية بتقنين حجم الإنتاج، والميزانيات، والخروج من هذا الموسم بأقل خسائر ممكنة، فعلى الشركة أن تفتح ذراعيها للجميع، دون أي ممارسات احتكارية، وتوفر الفضاء الصحي لكل الشركات والتيارات الفكرية، ودعوة كبار الصناع "مخرجين ومؤلفين ونجوم" لتقديم أعمال تليق باسم ومكانة مصر الفنية، وذلك بعد التراجع الملحوظ في الأفكار.

مصر تخوض حربًا فكرية واقتصادية، والحفاظ على قوتنا الناعمة وتدعيمها أهم أسلحتنا في هذه الحرب، انتبهوا يا سادة.

إعلان