إعلان

كل سنة وأنتِ طيبة يا دكتورة رضوى

محمود الورداني

كل سنة وأنتِ طيبة يا دكتورة رضوى

محمود الورداني
09:00 م الخميس 30 مايو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

في مثل هذه الأيام من العام الماضي، احتفلت شركة جوجل لمحركات البحث بذكرى ميلاد الكاتبة والأستاذة الجامعية والناقدة الأدبية د. رضوى عاشور، في لفتة نادرة الحدوث للشخصيات العربية عموما، وتعكس مدى تأثيرها وتقدير الثقافة العالمية لها.

بين 26 مايو 1946 و30 نوفمبر 2014 عاشت د. رضوى عاشور وأنجزت إنجازا لافتا في عدد من الحقول والميادين، ورحلت عن عدد معتبر من الأعمال الروائية والقصصية والنقدية، وتاريخ حافل في تدريس الأدب الإنجليزي في كلية الآداب بجامعة عين شمس والإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه، إلى جانب نشاطها عضوًا مؤسسًا في لجنة الدفاع عن الثقافة القومية التي تصدت للتطبيع الثقافي مع إسرائيل في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وأخيرا نشاطها في جماعة 9 مارس لاستقلال الجامعات التي لعبت دورا أساسيا في الحراك السياسي عشية ثورة 2011 .

وفي ذكرى ميلادها قدّم زوجها الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي وابنهما الشاعر تميم البرغوثي لدار الشروق كتابا جديدا يضم عددا من المقالات والدراسات التي لم يسبق لها الصدور في كتاب، وسوف يصدر قريبا ليؤكد حضورها الدائم والمتجدد.

وكانت قد حصلت مبكرا على الماجستير عام 1972 ثم الدكتوراه عام 1975 من الولايات المتحدة، وأصدرت عن تلك التجربة أول كتبها وهو "الرحلة، ثم توالت أعمالها الروائية والقصصية التي عكست عالما بالغ التنوع والثراء مثل" خديجة وسوسن" و"سراج" و"أطياف" و"قطعة من أوروبا" و"فرج" و"الطنطورية" إلى جانب ثلاثيتها الروائية "غرناطة" التي نالت عنها جائزة أحسن رواية في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 1994.

ورغم من هذا الإنتاج الإبداعي الثري، فإنها استطاعت أن تنتزع وقتا وجهدا لتُبلي بلاء أكثر من حسن في عملها أستاذةً جامعيةً، وتولت الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه وتخرج على يديها أجيال من الباحثين والدارسين. وأن تنتزع وقتا للعمل العام، فشاركت في تأسيس لجنة الدفاع عن الثقافة القومية بعد إبرام معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية. عام 1978 ونجحت في عرقلة قطار التطبيع الثقافي مع إسرائيل. وأن تجد وقتا كذلك للمشاركة النشطة الواسعة في حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات التي ضمت أساتذة الجامعات المصرية.

ووسط كل هذا الخضم من النشاط والعمل المتواصل هاجمها ورم لعين في رأسها أنهكها وأنهكته وقاومته بشراسة على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة من حياتها، وأجرت بسببه عددا من أخطر العمليات الجراحية وأطولها زمنًا. وفي إحدى أكثر السير الذاتية العربية عذوبة وصدقا، سجلّت رحلتها الأسطورية في مواجهة الورم. السيرة صدرت في جزءين. الأول صدر في حياتها عام 2013 وهو"أثقل من رضوى"، والثاني "الصرخة" نُشر عام 2015 بعد رحيلها وقبل أن تنهيه.

قدّمت رضوى عاشور في هذه السيرة شهادة فريدة على ثورة 25 يناير مضفورة مع سنوات طفولتها، ثم دراستها وارتباطها بالشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، ورحلتها الشاقة الضارية في مواجهة الورم.

وإذا كان الورم هزم جسدها بالموت، فإن إنتاجها الإبداعي الذي يقطر صلابة وصدقا سيظل باقيا للأجيال القادمة.. كل سنة وأنتِ طيبة يا دكتورة رضوى..

إعلان