إعلان

نموذج ترامب: فك وتركيب الشخصية

محمد حسن الألفي

نموذج ترامب: فك وتركيب الشخصية

محمد حسن الألفي
09:01 م الأربعاء 22 مايو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

تقريبًا صار هناك نموذج كامل لشخصية الرئيس الأمريكي المثير للجدل والعجب دونالد ترامب، والمعروف أن بناء النماذج يفيد في التنبؤ بما سيحدث من جانب الشخصية، أو من جانب الطبيعة البركانية أو الزلزالية، إذا كان لها نموذج يفك طلاسمها.

وضع نماذج خاصة بشخصية من الشخصيات عملية غاية في التعقيد، تستند في جوهرها إلى دراسة معمقة لسنوات طويلة من عمر الشخص، للتعرف على ظروف النشأة والضغوط والتحديات التي واجهها، وتأثير الثروة أو السلطة أو الفقر أو النساء عليه.

منذ السنة الأولى التي دخل فيها ترامب البيت الأبيض تناولته مصحات نفسية وأطباء نفسيون ومحللون بالفحص والتمحيص، وانتهى كثير منهم إلى أن الشخصية متفجرة بطبيعتها.

تائج الفحوصات السياسية والنفسية تقود في نهاية المطاف إلى بناء نموذج أداء للشخص. وفقا لهذا النموذج، فإن خط الغضب، عند ترامب، يمكن رسمه في الصعود وفي الهبوط، ويمكن معرفة متى يعلو ويتصاعد، ومتى يهبط حتى ينحسر.

العلو والتراجع مرهونان بقبول ترامب نفسه لحالة الرضا التي تحل به إثر التعبير الجامح عن غضبه وثورانه. حاله يشبه حال البركان. يهدأ بعد الفوران. المراكز السياسية البحثية مولعة بهذا النمط عادة من الحكام. يمثل ترامب حالة فريدة لسببين: إنه ليس من زعماء وقادة العالم الثالث الذين كانوا دوما موضع تشريح لهذه المراكز المعلوماتية، والأكاديمية على السواء، بل هو زعيم بارز لأقوى دول العالم. والسبب الثاني أنه نموذج ساطع الأداء، وبلا تعقيدات.

ثوران يعقبه فوران ثم هدوء، ثم موجة غضب تالية لمنطقة تالية، مع استخدام نفس العبارات والكلمات التي تنطوي على تهديدات بالغة الدمار للشخص أو الدولة موضع سخط ترامب.

بالمناسبة، كثيرٌ من المحللين يرون ترامب في تعامله التهديدي التأديبي لإيران استدعى نفس الجمل والعبارات والمصطلحات، في تعالمه الفاشل مع كوريا الشمالية وصواريخها النووية.

ترسانة ترامب مملوءة بمفردات مكررة يمزجها بأسلوب شخصي، فيه من الاستعلاء والتهكم والجبروت ما يتصور أنه يرعب الخصم.

بالطبع كيم جونج أون لم يرتعب، بل أثار إعجاب ترامب فرفع عنه العقوبات، رغم أنف وزير خارجيته وأجهزته الأمنية. في التعامل مع إيران استخدم مفردات: دمار، ضرب، نهاية، انهيار، الشعب الإيراني صعبان علي.

الإيرانيون بطبيعتهم أمة عنيدة، وتحت أيديهم أوراق ضغط مضادة، فإسرائيل كلها رهن صواريخ طهران ما لم تبادر أمريكا بالقضاء على المنصات المتحركة المنتشرة في كل ربوع إيران لتشتيت الضارب وتوزيع جهده. ووفقا لنموذج ترامب، فإن مخزون مفردات التهديد والتسخين آخذ في النفاد، وهو الآن متجه للسحب من مخزون التبريد، فالبيانات الأمريكية الأخيرة أنه تم بحمد الله إحباط ضربات إيرانية محتملة ضد المصالح الأمريكية ومن ثم فلا حاجة لواشنطن لشن حرب على إيران.

تم، إذن، تبريد جبهة طهران واشنطن مؤقتا، لكن النموذج قائم على فكرة ثابتة هي خلق عدو باستمرار، والبحث عنه، ولم يتعب ترامب كثيرا، فقد وجد الفريسة التالية بمكانها المعهود والتهمة جاهزة وملف السوابق متوفر.

التهديد الأمريكي الآن موجه إلى سوريا لضرب الجيش السوري بذريعة لجوء الأسد إلى الحل الكيماوي في إدلب . الرد الانتقامي جاهز ومناسب وسريع.

نفس القاموس وفق النموذج الترامبى .

حافة الهاوية هي التفسير الوحيد لثوران، ثم فوران ثم تراجع ترامب .

التخويف ثم اختلاق عدو.. وكل هذا له هدفان: الأول استنزاف الثروات والأموال العربية لصالح الاقتصاد الأمريكي، ومن ثم إرضاء الناخب لإعادة انتخاب ترامب لدورة تالية، والثاني صرف اهتمام الديمقراطيين عن مطاردته في ملفات الضرائب وغسيل أموال وعمليات مالية مريبة في بنك دويتشه وعرقلة العدالة وفقا لتقرير المحقق الخاص مولر.

من استطاع فك شفرة هذا الرجل النموذج أمن انفجاراته.. تلك هي القضية.

إعلان