إعلان

هل ينجو مشروع تعمير سيناء هذه المرة؟

حسين عبدالقادر

هل ينجو مشروع تعمير سيناء هذه المرة؟

حسين عبد القادر
09:00 م الإثنين 29 أبريل 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

المقصود بالتساؤل هو هذه المؤامرة التي طالما استهدفت تنمية وتعمير شبه جزيرة سيناء حتى لا تبقى وتظل أرض صحراء خالية من العمار والبشر وهو حالها الذي ظل مئات السنين ما جعلها المعبر السريع للدخول ومهاجمة الدولة المصرية.. وظهرت خطورة ترك سيناء فارغة العمار والسكان في كل ما سبق وقامت به إسرائيل في حروبها مع مصر وتصريحات زعمائها كي تبقى سيناء هكذا مجرد صحراء رغم غناء أرضها بكل أنواع الثروات.. وللحق فإن التاريخ يشير إلى تنبه مصر لأهمية تعمير سيناء في أعقاب العدوان الثلاثي عام 56 حيث قرر جمال عبدالناصر إعداد خطة لتعمير سيناء ولكنها ظلت فكرة دون حتى مجرد بدء التنفيذ حتى وقع المحظور وحدث الاجتياح الإسرائيلي في 67.. وبعد نجاح العبور في 73 قرر السادات إنشاء الجهاز القومي لتنمية وتعمير سيناء ولكن توقفت وتجمدت الفكرة لمدة 20 عاما.. وبعد مجيء مبارك تغير اسم مشروع السادات إلى المشروع القومي لتنمية سيناء وأعدت حكومة الدكتور عاطف صدقي مشروعًا متكاملًا للتنمية يحتوي على 17 مشروعًا تنمويا في مختلف المجالات بتكلفة 300 مليار جنيه. كانت أهم هذه المشروعات حفر ترعة السلام بطول 155 كيلو مترًا واستمر العمل فيها 14عامًا لتنقل المياه الحلوة من غرب القناة لري 400 ألف فدان هي المستهدفة في مشروع التعمير... كان المشروع يقوم على إنشاء خط سكك حديد من الإسماعيلية إلى رفح حيث يعبر قناة السويس عبر كوبري متحرك وتم مد قضبان الخط إلى منتصف بئر العبد أي نحو نصف المسافة وتم إنشاء محطات الخط في الفردان والقنطرة وبالوظة ورمانة وبئر العبد وافتتحه مبارك رسميا بعد الانتهاء من تسيير عدة رحلات تجريبية حتى بئر العبد.. وشهدت هذه الفترة وصول الآلاف من أبناء وادي النيل للعمل في الزراعة على مياه ترعة السلام وحيث جاء الإنتاج مبهرا لخصوبة الأرض البكر. وبعد إنفاق أكثر من 27 مليار جنيه بدأت توجهات خفية يمثلها طابور خامس مجهول لإجهاض المشروع الخطير الذي يحمي العمق الاستراتيجي المصري بدأت عصابات مجهولة في اقتلاع قضبان السكك الحديدية وتوقف العمل في استكمال ترعة السلام حيث نقلت تبعيتها من مشروع تنمية سيناء إلى وزارة الزراعة قبل أن يصدر قرار بإيقاف العمل بها ونقل جميع مخصصاتها إلى مشروع توشكي ويصدر قرارًا بإغلاق محابس المياه عن الأراضي المنزرعة فعلا بحجة الاعتداء على مياه الترعة.

مناسبة كتابة السطور السابقة كانت زيارتي الأسبوع الماضي والتي أتاحت لي مشروعات تنمية سيناء حقيقية على أرض الواقع بداية من الأنفاق الجديدة والتي أوشكت على العمل لتنهي عزلة سيناء عن الوطن الأم فالعبور بالمعدية من شرق القناة لغربها يستغرق الانتظار حتى يأتي دورك في المعدية 3 ساعات على الأقل بينما عبور النفق نحو 6 دقائق تم الانتهاء من اكتمال البنية الأساسية لنحو281 ألف فدان مشروعات صناعية ربما أهمها مجمع الصناعات الثقيلة بالمليز بوسط سيناء وتضم العديد من الصناعات الهامة وأهمها الرخام وغيره هناك شبكات طرق ومزارع سمكية ومستشفيات و3 مطارات ضخمة منها مطار العريش بعد تطويره والعمل يقترب لإنشاء أكبر موانئ البحر المتوسط بالعريش، إجمالي المشروعات تتكلف نحو 275 مليار جنيه. كل هذه المشروعات تجري علي قدم وساق بخلاف مشروع مدينة رفح الجديدة التي سوف تستوعب كل أهالي المدينة النازحين قريبا على مراحل. وذلك في نفس الوقت الذي فيه المواجهة العسكرية مع الإرهاب. ولكن التساؤل الذي يدور في خاطري الآن كيف ننجو بما نعمره الآن؟

فمشروعات التنمية أكبر من مجرد استقدام 4 ملايين مواطن من وادي النيل لخلخلة زحامه وليس مجرد استثمارات نحن فعلا في أمس الحاجة إليها. ولكن الأمر يتعلق بتأمين أخطر عمق استراتيجي لمصر على مر العصور وهو ما يثير قلق الدولة الصهيونية التي لا تُخفى مخاوفها وعداءها لتعمير سيناء. فمن قبل قال موشى ديان بالنص: "إن زراعة سيناء بالصواريخ والدبابات لا يهمنا فما يقلق الدولة العبرية ويهدد بقاءها هو زراعتها بالبشر"، وقال شارون بعد وفاة السادات: "إن تعمير سيناء أخطر على إسرائيل من القنبلة النووية"... كلامهما عن واقع وليس تصريحات في الهواء، ففي 67 اجتاحت الدبابات الإسرائيلية سيناء لتصل إلى شاطئ قناة السويس في 7 ساعات بينما لم تتمكن من دخول العريش التي لا تبعد عن الحدود معها في ذلك الوقت سوي 50 كيلومترا إلا بعد عدة أيام وبعد قصف عنيف ولم يكن ذلك التأخر إلا لوجود سكان في المدينة رغم عدم وجود أسلحة حقيقية لمقاومة المحتل القادم...

نعم أدرك مصداقية القيادة السياسية وثقتي بها في تنفيذ مشروع تنمية سيناء وهو ما لمسته بالفعل على أرض الواقع.. ولكن لا أستطيع أن أتجاهل التآمر الصهيوني علينا.. فهل أدركنا خطورة وأهمية تعمير سيناء؟

إعلان