إعلان

بالقرب من إبراهيم أصلان

محمود الورداني

بالقرب من إبراهيم أصلان

محمود الورداني
09:00 م الخميس 07 مارس 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

ملأ إبراهيم أصلان (3 مارس 1935 – 7 يناير 2012) حياتنا بهجة وسعادة، وأضاف للوجدان المصري بلا أي مبالغة، وخلّدت أعماله القصصية والروائية، على الرغم من قلة عددها، الروح الشعبية في مصر. أكتب هذه السطور في ذكرى ميلاده التي حلّت منذ أيام قليلة، ولحُسن حظي اقتربت كثيرا من أصلان منذ ستينيات القرن الماضي، وتشرفت بصداقته أعوامًا طويلة.
لفت الأنظار إليه بقوة عندما أصدرت مجلة "جاليري 68" عام 1968 ملفًا خاصًا عنه تضمن عددًا من القصص ودراستين عن أعماله، وما لبث أن أصدر في العام التالي مجموعته القصصية الأولى "بحيرة المساء" التي كشفت عن كاتب كبير، وصوت بالغ الخصوصية، ثم توقف عن الكتابة لما يزيد على خمسة عشر عامًا.
طوال تلك السنوات التي توقف فيها عن الكتابة، لم تتوقف الدراسات النقدية عن أعماله من جانب كبار النقاد العرب وليس المصريين فقط. بقيت تلك المجموعة طويلا وستبقى؛ لأنها إضافة حقيقية لفن القصة القصيرة، باعتمادها على الاستبعاد ثم المزيد من الاستبعاد. لا تتورط كتابة أصلان مطلقاً في العاطفية أو الغنائية، والنبرة التي يكتب بها تبدو محايدة باردة، لكنها تمور بالحرارة وتضج بالحياة.
وعندما أصدر روايته الأولى "مالك الحزين"، تلقفها الفنان الكبير داود عبدالسيد، وكتب لها السيناريو والحوار وأخرجها ولاقت نجاحًا غير مسبوق، وما زال فيلم الكيت كات من أعذب الأفلام التي قدمتها السينما المصرية. واصل أصلان رحلته ليصدر رواياته ومجموعاته القصصية ونصوصه الأخرى، إلى ما بعد رحيله، فروايته الأخيرة "صديق قديم جدا" نُشرت عام 2015، وكان قد انتهى منها قبل أن يغادر.
من أبرز أعماله أيضا "وردية ليل" وحكايات من فضل الله عثمان و"عصافير النيل" التي أخرجها للسينما الصديق مجدي أحمد علي و"حجرتان وصالة" و"شيء من هذا القبيل" و"انطباعات صغيرة حول حادث كبير"، والأخير يتضمن نصوصًا كتبها قبل رحيله مباشرة نبعت من ثورة 25 يناير، التي قُدّر له أن يشهد عامها الأول، ولطالما التقيته في ميدان التحرير يسير ببطء وقد ارتسمت الدهشة العذبة على ملامحه.
أصلان أيضا ابن حي إمبابة الذي كتب عنه أغلب أعماله. وفي كتابه "شيء من هذا القبيل"، يجد القارئ نصا يتتبع فيه مصائر بعض الشخصيات الحقيقية التي اعتمد عليها في كتابة روايته "مالك الحزين"، والتي يعرفها المشاهد على نطاق واسع بعد مشاهدة الفيلم، مثل الشيخ حسني والهرم بائع المخدرات وفاطمة ويوسف وتاجر الطيور وغيرهم.
في هذا الكتاب على سبيل المثال هناك درس أدبي وفني بالغ الأهمية. درس للكاتب قبل أن يكون للقارئ. كتب أصلان أن شخوص الرواية لها أساس من الواقع وملامح أناس عرفتهم وعشت بينهم ويضيف: "وليس معنى ذلك أن كاتبا يمكنه أن ينقل رجلا من الشارع إلى الورق؛ لأن هذا غير ممكن عمليًا، كما أن أحدًا لا يستطيع أن يخترع إنسانًا، كل ما يستطيعه هو أن يتكئ على ملمح أو آخر يعينه على البدء، أما الشخصية فهي لا تتكون أبدًا إلا عبر ردود أفعالها ثم أفعالها تجاه ما يصادفها داخل النص من مواقف وأحوال -ويضيف أيضا- هكذا تتضح ملامحها وتنمو كائنًا لم يكن حتى في الحسبان، وتبتعد الشقة بينها وبين الأصل الذي اعتمدت عليه. لقد صار شخصًا آخر لا ينطق إلا بلسانه".
وأخيرا.. "كل سنة وأنت طيب يا أبوخليل..

إعلان