إعلان

حادث الدرب الأحمر (1): موجة إرهاب المدن

د. إيمان رجب

حادث الدرب الأحمر (1): موجة إرهاب المدن

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 04 مارس 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

الحادث الإرهابي الذي نفذ في "الدرب الأحمر" كشف عن استقرار نمط جديد من الإرهاب، شهدناه بصورة متقطعة في الفترات الماضية، وهو ما استقر على تسميته بـ"إرهاب المدن".

ويشير مفهوم إرهاب المدن إلى اتجاه الكيانات والعناصر الإرهابية لتنفيذ عملياتهم في أحياء ومناطق كثيفة السكان، وفي العادة تكون في قلب المدن الحضرية، وينتج عن تلك العمليات سقوط ضحايا مدنيين، أي أن الأمر يتخطى مسألة تنفيذ عملية إرهابية ما، ينتج عنها سقوط ضحايا من الشرطة التي عادة تكون معنية بحفظ الأمن والنظام في هذه المناطق.

وبالنظر إلى حادث الدرب الحمر، نجد أن التفاصيل المعلنة من قبل وزارة الداخلية بخصوص ملابسات تفجير الحسن عبدالله نفسه- تفيد بأنه بعد التحري والتتبع له، بعد محاولته تنفيذ العملية عند جامع الاستقامة بالجيزة، كان تواجد عناصر الأمن بجوار الشقة التي يتخذها مكانا للاختباء والسكن بهدف القبض عليه، وليس بهدف إحباط عملية إرهابية كان يخطط لتنفيذها.

وهذا يفسر التصرف الطبيعي لرجال الأمن الذين حاولوا إيقاف الحسن عبدالله، وهو يستقل دراجته في حارة الدرديري، كما يفسر لماذا لم يكن هناك استعداد من قبل رجال الأمن للتعامل مع المتفجرات التي كان يرتديها الارهابي، والتي في الظروف العادية لا يتم ارتداؤها، إلا إذا كان هناك عملية سيتم تنفيذها، أي أن الحسن عبدالله كان في طريقه لتنفيذ عملية أخرى، حين اعترضه رجال الأمن، وبسبب محاولتهم إيقافه قام بتفجير نفسه.

ويظل السؤال مرتبطًا بأين كان سينفذ عمليته لو كان قد تمكن من الهرب من رجال الأمن؟

بعبارة أخرى، رغم دقة المعلومات التي نجح رجال الأمن في جمعها وتحليلها عن خط سير الإرهابي ومكان اختبائه، فتلك المعلومات لم تشمل العملية الإرهابية التالية التي كان يسعى لتنفيذها في الوقت الذي اعترض فيه رجال الأمن طريقه وهو يقود دراجته.

ومن ناحية أخرى، تفيد روايات السكان المجاورين للشقة التي كان الحسن عبدالله يعيش فيها إلى أن أيًا منهم لم يظن للحظة أنه إرهابي، وذلك رغم أنهم، كما روى بعضهم، "غريب" الأطوار والتصرفات، وهذا يفسر تصريح السيدة حلاوتهم التي أصيبت في هذا الحادث بأنها "لم تتوقع أن منطقة شعبية مثل حارة الدرديري يمكن أن يحدث بها عمليات إرهابية".

وهذا يؤكد أهمية اهتمام جهاز الشرطة برفع وعي الناس حول السلوكيات الاجتماعية للإرهابيين، من خلال تدريبات من نوع معين تنفذها أقسام الشطة ومديريات الأمن كل في محيطة الجغرافي، وذلك حتى يكون لدى المواطنين وعي للإبلاغ عن أي أعمال يشتبه في تطورها إلى عمل إرهابي باستخدام خطوط الهاتف الساخنة التي تخصصها قوات إنفاذ القانون.

وتتزايد أهمية رفع وعي الناس، من خلال تدريبهم، في ظل كون إرهاب المدن بحكم تعريفه ينفذ في مناطق مكتظة بالسكان، ويكون المدنيون أول الضحايا، حيث إن رفع الوعي يسهم في إحباط تنفيذ العمليات الإرهابية، وكذلك في تقليل عدد الضحايا من المدنيين.

إعلان