إعلان

فن الحزن المصري الحديث

د. أحمد عمر

فن الحزن المصري الحديث

د. أحمد عبدالعال عمر
09:00 م الأحد 24 مارس 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

الحياة فن، ويجب على المصريين استحداث فن جديد من فنون الحياة، يمكن أن نُطلق عليه "فن السرور"؛ لأن كمية السرور في مصر قليلة، مثل كمية الحب تمامًا، على الرغم من أننا لا تنقصنا الوسائل في بلادنا لكي نكون سعداء ومسرورين؛ فجوّنا جميل، وخيراتنا كثيرة، وتكاليف الحياة عندنا هينة، ووسائل العيش يسيرة.

هذا بعض ما كتبه الراحل الأستاذ أحمد أمين في مقال له نشر بمجلة "الثقافة" قبل أكثر من ثمانين عامًا، يدعو فيه المصريين لتعلم فن الفرح والسرور مثل الغربيين؛ لأن الحياة فن، والسرور فن يمكن تعلمه، ومَن عرف كيف يستعمل هذا الفن استفاد منه، وحظِي بالسرور، ومن لم يعرف استغلاله، فسيكون الحزن والشقاء نصيبه من الحياة.

وقد أثار هذا المقال، بعد نشره، جدلًا راقيًا وطريفًا بين القراء والمتابعين، وتصدى لمناقشته والرد عليه الدكتور طه حسين والشيخ عبد العزيز البشري في مقالين لاحقين؛ فكتب الدكتور طه حسين في البداية مقالًا اتسم بعذوبة شديدة، وخفة دم منقطعة النظير، مُشيدًا بفكرة الأستاذ أحمد أمين، ولكنه شكك بعد ذلك في إمكانية تحقيقها في البيئة المصرية.

وقد وجد الدكتور طه حسين أن الأسهل في الحالة المصرية هو الدعوة إلى إنشاء "فن الحزن"، لأننا لن نحتاج في إنشائه لمشقة أو جهد، كما لن نحتاج إلى لجان ومتخصصين من علماء النفس أو الاجتماع، وكل ما سوف نحتاج إليه هو النظر في الشأن المصري العام، ثم نعود إلى أنفسنا لنفكر فيما رأينا. وهو يضمن لنا أننا سوف نجد في هذا التفكير مصادر حزن لا تنقضي، وألم لا يزول.

وهي بالطبع وجهة نظر لها ما يُبررها، فقد كانت الحالة المصرية وشؤونها العامة على مدار التاريخ مثيرة للهم والحزن، وهو هم وحزن وطني عام، يقع فيه كل من يرفض تردي وقبح وظلم الأمر الواقع، ويشغل نفسه بعد ذلك بكيفية التغيير والإصلاح وتحسين شروط الحياة في مصر.

وبعد نشر مقال الدكتور طه حسين، تصدى الشيخ عبد العزيز البشري لمناقشة المقالين السابقين، في مقال لاحق عليهما بعنوان "فن الحزن"، نُشر لاحقًا في كتاب "قطوف البشري" الذي جمع فيه ما كتبه من مقالات في الصحف والمجلات.

إعلان