إعلان

عقوبة العناق ومكافأة الاختناق

أمينة خيري

عقوبة العناق ومكافأة الاختناق

أمينة خيري
10:32 م الإثنين 14 يناير 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

قبل أن يتدخل فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ويدعو مجلس التأديب الأعلى للطلاب في جامعة الأزهر لإعادة النظر في معاقبة طالبة أزهرية، أشار نص أحد الأخبار الأكثر تداولاً على مواقع خبرية بريطانية وأمريكية وفرنسية وألمانية وغيرها أن جامعة الأزهر المصرية قررت فصل طالبة بعد ما انتشر مقطع فيديو لطالب يحتضنها في حرم جامعة المنصورة في دلتا مصر.

وصرح المتحدث باسم الجامعة الدكتور أحمد زارع في تصريحات عديدة أن مجلسًا تأديبيًا قرر فصل الطالبة التي تدرس في كلية اللغة العربية فرع جامعة الأزهر بالمنصورة، وذلك عقب خضوعها لتحقيق في ضوء فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر الطالبة وقد فوجئت بالطالب يقدم لها ورودًا، ثم احتضنها. وقال المتحدث إن جامعة الأزهر مؤسسة دينية وتعليمية، وأن ما فعلته الطالبة يتنافى مع أخلاقيات الجامعة وأخلاقيات المجتمع وتقاليده.

تقاليد المجتمع نفسه وأخلاقياته تم التطرق إليها هذا الأسبوع في المواقع نفسها، ولكن هذه المرة من صعيد مصر وتحديدًا المنيا. ويشير الخبر التالي الأكثر قراءة إلى أن متشددين ومتطرفين أجبروا أقباطا مصريين في إحدى قرى المنيا على التوقف عن الصلاة في منشية الزعفرانة. ويشير الخبر إلى أن منع المسيحيين من الصلاة في قرى عديدة في الصعيد وعلى رأسها المنيا صار أمرًا معتادًا.

وتدعي هذه الأخبار أن قوات الأمن تضطر إلى إرضاء المتطرفين حقنًا لدماء المواجهات. وأحيانًا تصعد هذه المنصات الإعلامية ذات الشهرة والانتشار، والتي تحظى بمصداقية كبيرة في دول الغرب وتشير إلى أن أطرافًا في الدولة المصرية تتضامن ولو نفسيًا مع هؤلاء المتطرفين، ربما لهوى في نفوسهم أو قناعة بمواقفهم!

ويذهب الأمر بعدد من هذه المواقع والصحف والبرامج إلى القول بأن التطرف والتشدد ورفض الآخر بات سمة من سمات الحياة في أرجاء كثيرة في مصر، لا سيما تلك الموجودة في محافظات جرت العادة على وأد الفتنة بها عبر دفنها وهي مشتعلة، أو حلها بمجالس عرفية عادة ما تنتصر للمعتدي وتظلم المعتدى عليه مستفيدة من موقفه الأضعف لأقليته العددية.

وبالطبع فإن كل ذي عينين وأذنين وقلب وعقل يعي تمامًا أن رأس الدولة تحاول مرارًا وتكرارًا، وتبذل جهودًا بعضها واضح وضوح الشمس والبعض الآخر محسوس بالمعايشة لزحزحة التطرف من على عرشه وحلحلة الجمود الديني الذي ضربنا من جذوره. إلا أن ما خرب عبر سنوات طويلة وضربه السوس بسكون الدولة عليه وفتح الأبواب أمام ملوك التطرف "نهارًا جهارًا ينخرون في عظام البنيان المصري لا ينصلح بين يوم وليلة. لكن ما يمكن أن ينصلح بين يوم وليلة هو قبضة الدولة المطبقة للقانون والناصرة للمظلوم والمعاقبة للمعتدي، دون التدخل في قضايا عقائدية أو مسائل طائفية.

ولكن والحق يقال أن الأصدقاء والزملاء من أبناء المهنة في الخارج، لا سيما تلك الدول التي تتربص بنا حينًا وتبحث عن معلومة منزهة عن الالتفاف والقيل والقال و"حساسيات" التعامل مع المتطرفين/ المتدينين، وما يسميه البعض بـ"الطبطبة" على المتشددين حين يربطون ربطًا ذا مغزى بين خبرين هما الأكثر قراءة فإن الأمر يكون محرجًا جدًا.

الخبران المتلازمان هذه الآونة "فصل طالبة في الأزهر بسبب حضن طالب لها حيث إنها خالفت قيم الأزهر الأصيلة وأخلاقيات الدين الملتزمة وتقاليد حرم جامعة الأزهر التي تأبى انتهاك ما يصح والسماح لتصرفات غوغائية مثيرة للاستهجان" و"متشددون يجبرون أقباطا مصريين على التوقف عن الصلاة لأن صلاتهم تجرح مشاعرهم وقوات الأمن تمنع المصلين من الصلاة درءًا للمواجهات" يثيران علامات التعجب لدى الأصدقاء هناك في بلاد بعيدة.

فكيف لي أن أشرح أو أبرر هذا الالتزام الكبير بالتقاليد والحرص على صورة الدين لدرجة تفصل طالبة بسبب الحضن المفاجئ (مع العلم أن الحاضن لم يفصل) وفي الوقت نفسه عدم تطبيق هذا الالتزام أو المطالبة بهذا الحرص فيما يفعله متطرفون في مواطنين آخرين يفترض إنهم يتمتعون بالحقوق نفسها والواجبات ذاتها؟! إنها عقوبة العناق ومكافأة الاختناق.

 

إعلان