إعلان

هل ستعود الجماهير لملاعب الكرة فعلا؟

هل ستعود الجماهير لملاعب الكرة فعلا؟

د. جمال عبد الجواد
09:01 م الجمعة 07 سبتمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

ننتظر قرار عودة الجماهير لملاعب الكرة بين أسبوع وآخر، فالأوضاع تبدو مناسبة، وأسباب القلق لم تعد قائمة. لكن أين هي تلك الجماهير التي ستعود لملاعب الكرة؟

لدينا في الدوري العام ثمانية عشر ناديا، لكن لا يوجد بين هذه الأندية سوى خمسة أندية جماهيرية، لها مشجعين مخلصين، يحضرون المباريات، ويسافرون وراء فريقهم المحبوب عندما يلعب خارج مدينته. أتحدث عن الأندية الخمسة صاحبة الجماهير، وهي أندية الأهلي والزمالك والمصري والإسماعيلي والاتحاد السكندري. باقي وأغلب أندية الدوري العام هي أندية بلا جماهير؛ فهي إما أندية شركات وهيئات اقتصادية: إنبي والمقاصة وبتروجت والمقاولون؛ أو أندية هيئات حكومية: الجيش والإنتاج الحربي وحرس الحدود والداخلية؛ أو أندية استثمار: بيراميدز ووادي دجلة، والجونة ونجوم المستقبل؛ بالإضافة إلى نادي سموحة الذي تحتار في تصنيفه، فهل هو نادي جماهيري يمثل حي سموحة الراقي الذي يوجد فيه النادي؟ أم أنه نادي استثماري، نظرا لأن فريق سموحة لم يصل للدوري الممتاز، ولم يؤد فيه أداء رائعا إلا مع تولي رجل الأعمال الناجح فرج عامر رئاسة النادي.

أندية الدوري الثمانية عشر تلعب تسع مباريات أسبوعيا، وفي أفضل الظروف فإن الجماهير لن تحضر سوى خمس فقط من بين المباريات التسعة، وهي المباريات التي تكون الأندية الجماهيرية طرفا فيها. قد ينخفض عدد المباريات الجماهيرية الخمسة إلى ثلاث فقط إذا صادف وكانت الأندية الجماهيرية تلاعب بعضها البعض، وبعملية حسابية بسيطة فإن الجماهير لن تكون معنية بحضور سوى أربع فقط في المتوسط من مباريات الدوري التسعة الأسبوعية، وهذا هو ما نسميه ببجاحة عودة الجماهير للملاعب.

وجود أغلبية من الأندية غير الجماهيرية في دوري كرة القدم يثبت أنه يمكنك أن تنفق على تكوين وتدريب وتجهيز فريق لكرة القدم، وتتحمل كل التكلفة الكبيرة للمشاركة في الدوري، وتظل قادرا على تحقيق أرباح كبيرة كافية لمواصلة الاستثمار في بيزنس الكرة، بدلا من الانتقال لبيزنس العقارات والقرى السياحية المزدهر.

عوائد البث التليفزيوني والإعلانات المطبوعة على ملابس اللاعبين، وربما الاتجار في اللاعبين، هي مصادر دخل الأندية غير الجماهيرية، وفي حالة عودة الجماهير للملاعب سيضاف إلى ذلك ما يدفعه الجمهور مقابل حضور المباريات عندما تكون المباراة ضد فريق صاحب شعبية. بيع منتجات الأندية غير الشعبية لا يدر أي دخل، فمن يهتم بشراء كوب عليه شعار نادي الإنتاج الحربي، أو فانلة لاعب الهجوم في فريق وادي دجلة.

الأندية غير الجماهيرية تحقق أرباحها اعتمادا على ما تجلبه الفرق الجماهيرية من اهتمام جماهيري بمباريات الكرة، فلولا الأهلي والزمالك وباقي فصيلة الأندية الجماهيري، لما اهتم الناس بمشاهدة المباريات، ولما كان للإعلانات في ملاعب الكرة، وأثناء بث مبارياتها، أو على ملابس اللاعبين أي قيمة.

لماذا لا تفكر الأندية غير الجماهيرية في نموذج اقتصادي مختلف عبر تحويل نفسها إلى أندية جماهيرية، فتربح أكثر، وتتحسن أحوال رياضة كرة القدم. لماذا لا يختار نادي بتروجت مدينة بنها مقرا له، فيلعب مبارياته على استاد بنها الرئيسي، ويغير اسمه ليصبح بنها جيت؛ ثم يبدأ في تغيير صورة النادي من نادي شركة إلى نادي مدينة، فيروج لنفسه بين أبناء المدنية، في مراكز الشباب والمدارس والجامعات، ويركز على اختيار اللاعبين الناشئين من بين أبناء المدينة والمناطق المحيطة بها، ويقدم تذاكر مجانية للمباريات لبعض الوقت، وينظم احتفالات وأحداث يخدم فيها المجتمع المحلي، فيساهم في تحسين جودة الحياة في المدينة عبر إضافة أنشطة جديدة لم تكن متاحة من قبل. بعد موسمين أو ثلاثة ستتغير هوية النادي من نادي طفيلي يعيش على جماهير الأندية الشعبية، إلى نادي جماهيري، تدر عليه التذاكر دخلا، وله جمهور يتابع مبارياته، ويشترى منتجاته، ويكشف لنا قاعدة من مواهب اللاعبين المحليين الذين لا تصل لهم الأندية الكبرى إلا نادرا.

ما أدعو إليه هو شيء شبيه بالنموذج الذي قدمه في الماضي نادي غزل المحلة، عندما كان نادي الشركة هو نفسه النادي الشعبي لمدينة المحلة، فلماذا لا يجد كل واحد من الأندية غير الجماهيرية لنفسه موطنا جديدا في واحدة من مدن مصر الكثيرة، فيروج للمدينة باسمه الجديد، ويضيف للمدينة نشاطا جديدا، ويغير هويته من نادي معدوم الجماهير والشعبية إلى نادي يحبه ويهتم به بعض الناس.

إعلان