إعلان

مصير داعش في قارة إفريقيا

مصير داعش في قارة إفريقيا

محمد جمعة
09:01 م الأربعاء 29 أغسطس 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

عندما بايع تنظيم "جند الخلافة" في الجزائر "داعش" في سبتمبر 2014، وُلِدَ أول فرع تابع لداعش في أفريقيا. وبعد شهر واحد من هذه البيعة، أي في أكتوبر، بايع مجلس شورى شباب الإسلام في مدينة درنة الليبية "داعش".

بعد ذلك ظهرت خلايا داعشية أخرى في القارة الأفريقية... من نيجيريا إلى الصومال، ومن تونس إلى مصر، ومن الجزائر إلى الصحراء، بين عامي 2014 و2016. وإذا كان ظهور هذه الخلايا بحد ذاته قد تسبب في إثارة المخاوف، إلا أنها حظيت باهتمام أكبر في أعقاب انهيار "الخلافة" في سوريا والعراق أواخر عام 2017، بعد تحرير الموصل.

وفي سياق الإشارة إلى الأرقام والإحصائيات، تفيد بعض التقديرات التي نطمئن – نسبيا – إلى دقتها، بأن هناك ما يقرب من (6000) من مقاتلي داعش منتشرين عبر تسع خلايا داخل القارة، وتختلف هذه الخلايا فيما بينها، بشكل كبير، من حيث الحجم. أكبرها بالطبع، ولاية غرب أفريقيا (مجموعة البرناوي) حيث يقدر عدد عناصرها بنحو 3500 مقاتل.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن " أبوبكر شيكاو" زعيم تنظيم " بوكو حرام" كان قد أعلن في مارس 2015، مبايعته لأبى بكر البغدادي. وبعد خمسة أيام من بيعة شيكاو، اعترف البغدادي بالبيعة. وهكذا تحول اسم تنظيم "بوكو حرام" إلى "ولاية الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا". لكن مع أغسطس 2016، بات التوتر في العلاقة بين "ولاية غرب أفريقيا" و"داعش" في المركز واضحًا، حيث أعلن "داعش المركز" أنه أحلّ محل شيكاو، أبومصعب البرناوي، ابن مؤسس بوكو حرام، محمد يوسف. لكن "شيكاو" رفض فكرة استبداله. وهكذا، اليوم، يقود البرناوي "ولاية غرب أفريقيا" ويعمل في المقام الأول في منطقة حوض بحيرة تشاد. أما شيكاو، الذي تعمل مجموعته بدلا من ذلك تحت اسم "بوكو حرام" المعروف دوليا، فتعمل بالقرب من غابة سامبيسا في الجنوب.

وبحسب تقدير لوزارة الدفاع الأمريكية، صادر في أبريل 2018، يبلغ عدد المقاتلين في فصيل البرناوي حوالي 3500 مقاتل. وإذا أضفنا فصيل شيكاو، فإن هذا سيضيف 1500 مقاتل آخر (وفقًا لنفس المصدر) وهذا معناه أن العدد سيرتفع إلى 5000 مقاتل. وعليه فإن فصيل البرناوي منذ يوليو 2018 وحتى الآن، يعتبر أكبر تجمع داعشي في أفريقيا، ويساوى تقريبا ثلاثة أضعاف عدد المقاتلين في ثاني أكبر " ولاية" تابعة لداعش في أفريقيا، أي في سيناء (من 1000 – 1200 عنصر). وأكثر من جميع مقاتلي خلايا الدواعش الأخرى في أفريقيا مجتمعة... أي في خلايا داعش في: ليبيا وتونس والجزائر، الصومال، وكينيا وتنزانيا، وأوغندا.

*والمفارقة هنا أن داعش ليبيا لا يتجاوز عدده الآن– في أفضل الأحوال – 500 عنصر، هذا على الرغم من أن المراقبين كانوا يخشون من أن تصبح ليبيا إحدى أكثر الوجهات جاذبية للمقاتلين الفارين من الهزيمة في سوريا والعراق. وبناء على ذلك يمكننا أن نستخلص أن أكبر ثلاث خلايا لداعش (غرب إفريقيا، سيناء، ليبيا) تمثل حوالي 87٪ من إجمالي المقاتلين الذين ينتمون إلى خلايا داعش في أفريقيا (5250 من أصل 6000 مقاتل).

*تبقى بعد ذلك الإشارة إلى خلايا داعش في كل من: منطقة الصحراء الكبرى، تونس والجزائر، والصومال، وكينيا وتنزانيا وأوغندا.

فيما يتعلق بمنطقة الصحراء الكبرى، تشير التقديرات الأكثر دقة إلى أن داعش لديه حتى أواخر يوليو 2018، ما يقرب من 425 مقاتلا فقط. وهناك خلية أخرى أصغر هى داعش في تونس، والتي ظهرت إلى حيز الوجود عندما بايعت جماعة تُدعى جند الخلافة، قيادة داعش المركزية في إعلان لم يعترف به الأخير. وبينما تختلف التقديرات الدقيقة حول حجمها، يبقى الإجماع على أن الجماعة صغيرة. وبحسب تقييم بعض الخبراء فإن عدد المقاتلين يتراوح بين 90 و100 مقاتل. ولا شك أن صغر حجم الجماعة هناك هو أمر جدير بالملاحظة بشكل خاص بالنظر إلى أن تونس كانت إحدى أكثر بلدان المنطقة تصديرا للمقاتلين الأجانب في سورية والعراق.

أما عن الجزائر، فكما هو معروف كانت "ولاية الجزائر" أول خلية تنشأ لداعش في قارة إفريقيا، ولكنها كانت أيضاً الخلية التي تلاشت بسرعة، رغم أنها كانت قد تصدرت عناوين الصحف العالمية بعد قتلها عام 2014 للمتجول الفرنسي هيرفي جوردل، الذي قُبِضَ عليه وقُطِع رأسه في شريط فيديو انتقاما بسبب الضربات الجوية التي شنتها فرنسا في العراق.

*وعن خلايا داعش في شرق إفريقيا، يمكن الإشارة إلى أن تنظيم داعش ظهر في الصومال في أكتوبر 2015، عندما أعلن العضو السابق في حركة الشباب عبدالقادر مؤمن بيعته لداعش. وعلى الرغم من أن هذه البيعة لم يتم الاعتراف بها رسمياً على الإطلاق، إلا أن داعش في الصومال زادت من وتيرتها العملياتية طوال عام 2018: فوفقًا للبيانات الصادرة عن بعض المصادر الغربية، فإنه وحتى 25 يوليو 2018، كان داعش في الصومال قد ادعى تنفيذ 67 هجومًا، على الرغم من أنه لا يزال لا يملك القدرة على تحدي حركة الشباب ومناوأتها سيطرتها على "التيار الجهادي" في الصومال. وعندما نأتي إلى مسألة أعداد مقاتلي داعش في الصومال، يمكن القول بأن متوسط عدد عناصر تنظيم داعش في الصومال يبلغ حوالي 150 مقاتلا. والملاحظ هنا أنه وفي أبريل 2016، بايع تجمع يُطلِقَ على نفسه اسم الدولة الإسلامية في الصومال، كينيا، تنزانيا، وأوغندا، أو جبهة شرق أفريقيا، البغدادي. لكن وكما هو الحال بالنسبة لولاية الجزائر، يبدو أن هذا التجمع له وجود اسمي أكثر من وجوده الفعلي. فخلافا لهجوم بارز في يونيو 2016 على قافلة تابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي، كان العنف الذي يمارسه التجمع محدودا. وحاليا، ليس من الواضح تماما إذا ما كانت هذه الخلية الداعشية لا تزال موجودة بالفعل أم لا؟.

والخلاصة ( بناء على كل ما سبق) يبقى السؤال: ما الذي يحمله المستقبل لوجود مقاتلي داعش في أفريقيا؟ صحيح أن الإجابات هنا لا تزال غير حاسمة، لكن مع ذلك يمكن القول بأن أيا من خلايا داعش الأفريقية لن تنمو بشكل كبير:

- فولاية غرب أفريقيا تقف الآن لتتكبد الخسائر بشكل متزايد مع تكتيكات مكافحة الإرهاب الأكثر فاعلية التي تقوم بها الحكومة النيجيرية وقوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات. كذلك فإن تكتيكات الدولة المصرية لمكافحة الإرهاب ضد "ولاية سيناء" من المرجح أن تفضي إلى ثني الآخرين عن الانضمام إلى "ولاية سيناء".

أما في ليبيا، فتقف الجغرافيا ووجود تنظيمات متنافسة متناحرة حواجز لا يمكن لداعش أن يتجاوزها ليتوسع.

لكن بالمقابل تبدو الفرص الأكبر للنمو متاحة لدى الخلايا الأصغر في أفريقيا جنوب الصحراء: أي جماعة داعش في الصحراء الكبرى وداعش في الصومال. حيث أثبتت كل من الجماعتين السابقتين أنهما قادرتان على العنف الحقيقي. فبأقل من 200 مقاتل، احتل تنظيم داعش في الصومال مدينة قندالا الساحلية الصومالية لمدة تقرب من شهرين من أكتوبر إلى ديسمبر 2016، بينما كانت حفنة عناصر من تنظيم داعش في الصحراء الكبرى مسؤولة عن مقتل أربعة من عناصر الخدمة الأمريكية، في كمين تونجو تونجو في أكتوبر 2017، ما يمثل أكبر خسارة عسكرية أمريكية في أفريقيا جنوب الصحراء منذ الهجوم على بلاك هوك عام 1993. ومع ذلك، وفي الوقت الذي قد تنمو فيه هاتان الجماعتان، فمن غير المرجح أن يصل عدد عناصرها إلى عدد عناصر "ولاية غرب أفريقيا" أو "ولاية سيناء".

إعلان