إعلان

"قمة هلسنكى".. ماذا عن القادم في سوريا؟

محمد جمعة

"قمة هلسنكى".. ماذا عن القادم في سوريا؟

محمد جمعة
09:02 م الأربعاء 18 يوليو 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

على خلفية ما قيل بعد القمة التي انعقدت، أمس، بين الرئيسين الأمريكي "دونالد ترامب" والروسي "فلاديمير بوتن" في "هلسنكي"، بشأن إثارة بعض النقاط المتعلقة بالملف السوري، وأبرزها الوجود العسكري الإيراني على الأراضي السورية، يبدو أن واشنطن تستعد لتطوير استراتيجيتها على صعيد الملف السوري.

فرغم ما تردد، قبل وقت قصير، حول قرب انسحاب الولايات المتحدة من سوريا، نشرت مراكز بحثية قريبة من دوائر صناعة القرار في واشنطن مؤخرا، تقارير تقترح استراتيجية أمريكية جديدة، يتم تنفيذها بالتعاون مع كل من: إسرائيل وتركيا ودول الخليج.

محورا التركيز والاهتمام الأمريكي حاليا في سوريا هما منع إعادة تشكيل "داعش" ككيان إرهابي قائم على الأرض في سوريا، ومواجهة توسع النفوذ الإيراني هناك، بما في ذلك الوجود العسكري والبنى التحتية الإيرانية. وفي سبيل هذا لا مانع- وفقا لوجهة نظر واشنطن- من الضغط قليلا على روسيا كي تتوافق مع متطلبات السياسة الأمريكية هناك. وهنا تتبدى أهمية التواجد العسكري الأمريكي في شرق سوريا ليس فقط من أجل ضمان عدم عودة "داعش" من جديد، ولكن أيضا لمعادلة النفوذ هناك. ففي ظل استمرار سيطرة واشنطن على شمال شرق سوريا (30%، والمنطقة الأغنى بالموارد) تحتفظ واشنطن بنفوذ كبير في مواجهة كل من موسكو وطهران ودمشق.

وفى السياق ذاته، يبدو أن واشنطن لديها تقديرها الخاص بأن فرض عقوبات اقتصادية قاسية على النظام الإيراني لن يكون بحد ذاته كافياً لإجبار طهران على تغيير المسار في سوريا أو في المنطقة. ومن ثم لابد أن يتزامن ذلك مع تكثيف (الضغوط/ التنسيق) مع روسيا، وكذلك استعراض عضلات واشنطن وحلفائها على الساحة السورية وفى مواجهة وحدات الحرس الثوري وأذرعه داخل الساحة السورية .

واشطن تراهن على أن روسيا- على الرغم من الشراكة مع طهران طيلة عقود - لا تدعم بالضرورة طموح النظام الإيراني في الهيمنة على ما يسمى بـ"الهلال الشيعي" الممتد من لبنان وحتى جنوب غرب آسيا. وكذلك لا توافقها رغبتها في فتح جبهات جديدة ضد إسرائيل. كما لا تشارك روسيا بالضرورة هدف تثبيت وجود دائم للميليشيات الإيرانية في سوريا، حيث سيكون لطهران (بدلاً من الأسد) اليد العليا على البلاد.

من ناحية أخرى، يبدو أن واشطن ترى أنه ليس هناك أفضل من إسرائيل لمباشرة ضغوط حقيقية على روسيا للتوافق مع واشنطن في هذا الشأن. ولا يوجد أنسب من "تل أبيب" لدق إسفين بين إيران من جهة، وروسيا والنظام السوري من جهة أخرى؛ إذ ببساطة تستطيع إسرائيل أن تضع روسيا أمام معادلة: إما كبح الموقف الإيراني العدواني أو مواجهة احتمال نشوب حرب بين إسرائيل وإيران وحزب الله على الأراضي السورية- وهو احتمال قد يؤدي إلى تعريض الأصول الروسية في سوريا للخطر.

من ناحية ثالثة، يبدو أن واشنطن ستفعل أكثر نظاما يحد من تحركات إيران العسكرية في سوريا. ويتحقق هذا عبر تطبيق إجراءات منخفضة التكلفة نسبيا، معتدلة المخاطر، ومرتفعة العائد.. قوامها الاحتفاظ بأعداد من القوات الأمريكية في الشمال السوري، وفرض منطقة حظر (ليس حظر طيران وفقط) عبر المنطقة الشمالية التي تسيطر عليها حالياً الولايات المتحدة، وتركيا.

ومع قرب الاتفاق بشأن "منبج"، ستتوافق الولايات المتحدة وتركيا- على الأرجح- على شروط الولايات المتحدة للرقابة على شمال شرق سوريا، ليصبح إجمالي ما تسيطر عليه القوات التركية والقوات الأمريكية حوالي 40٪ من الأراضي السورية.

وسيكون للاتفاق مع "أنقرة" مغزى إضافيٌ يتمثل في إخراج الأتراك من عملية أستانا التي بدأها "فلاديمير بوتين" لمساعدة روسيا وإيران على تحديد شروط مستقبل سوريا.

ومن ناحية رابعة، يبدو أن إدارة ترامب- على طريقتها المعهودة- ترى أن هذا هو الوقت المناسب لكي توضح- بصراحة- لحليفتيها في الخليج (السعودية والإمارات) وجوب تقديم الدعم المالي السخي لتنفيذ الاستراتيجية الأمريكية هناك.

إذن في ضوء كل ذلك، يمكن القول إن واشنطن ستمزج خلال الفترة القليلة القادمة ما بين العقوبات على إيران، ودبلوماسية استعراض عضلات الحلفاء الإقليميين (تركيا وإسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة)، وأيضا القيود المفروضة على التحركات الإيرانية العسكرية داخل سوريا.

إعلان