إعلان

هنا دمشق

هنا دمشق

أشرف جهاد
09:00 م السبت 14 أبريل 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

هذا المقال كان معداً للنشر قبل الضرب.. لا يزال صالحاً حياً لذا لن أعدل فيه، فقط سأغير النهاية وأستبدلها بفقرة يتيمة عن نجاة دمشق اليوم. وانتظار عدوان آخر على عاصمة عربية جديدة.

1-

دمشق تنتظر الذبح
وفي عواصم العرب أفراح وصمت ولا مبالاة
وانتظار للحرب...
دمشق تنتظر الذبح
وبعضنا منتشٍ أعد كل شيء
المحمصات واللب.. ليستمتع بالمعركة

2-

"(القاهرة- التاسع من أبريل 2003)..
لن أنسى هذا اليوم. لم أنم فيه سوى ساعات قليلة، كنت أتابع أخبار الحرب الأمريكية على العراق. قبل نومي تحدثت القنوات الإخبارية عن مقاومة بغداد للاحتلال، عن المقاومة التي يواجهها الجيش الأمريكي وأعوانه في صحراء العراق. وبعد النوم، شريط أحمر مكتوبا عليه "سقوط بغداد".

وبدأت التأويلات: خدعة حربية، يقولها أحد المحللين، ليرد آخر أنتم تمنون أنفسكم. في السابعة صباحاً، لململت نفسي، وتحديت صدمتي للذهاب للجامعة، كنت في الواقع أتحدى الخبر، وأمنّي نفسي بأن بغداد لم تسقط، فليسقط صدام، وكل الحكام، لكن أن تسقط بغداد، أو القاهرة أو الرياض، ألف لا.

في الشارع فشل التحدي، شوارع مصر كانت حزينة، الناس على رؤوسهم الطير، الصمت مطبق... الوجوم علا الوجوه. وكأن الذي سقط العروبة."

كان هذا اقتباسًا بتصرف من مذكرات كتبتها في 2003، وتوقفت عن الكتابة لأنها بدت لي فيما بعد حبل مشنقة من الذكريات.

3-
(إمارة أم القيوين - الإمارات يناير 2010)

يبكي زميل عراقي بسبب الاشتراطات التي باتت تطبقها دول الخليج على الوافدين العراقيين، يقول بغضب: "قبل ما نقع، كان الخليج كله يتمنى نيجيه".
يحكي لي صديق مصري عنه وقت الحرب على بغداد، قال: "قبل القبض على صدام حسين كان يقسم لنا أن أبو عدي يخدع الأمريكان وأنه سيعود للظهور ويهزمهم، لكنه بعد القبض عليه شمت فيه قائلا الديكتاتور سقط، وقرر العودة للعراق".

لم يتحمل الزميل البقاء في بلده، عاد وحكى لنا "بغداد تغيرت، الموت بات في كل مكان لا توجد خدمات ولا حتى المياه، الكل بات يقتل الكل".
لم يترحم الزميل الشيعي على عهد صدام، إلا بعد أن صعبت دول الخليج شروط دخول العراقيين أراضيها، قال لي "الله يرحم أيام أبو عدي".

*
تخلص العراقيون من "صدام"، أسقط الأمريكان "الديكتاتور"، ثم احتلوهم، وتركوهم بعد أخذ الثمن، وفضلوا الاحتلال عن بُعد. وسقط العراق في يد داعش، وقتل العراقيون من جديد. وخرج داعش وبقيت حرب العراق الأهلية تتحين الفرصة.

4-
بسم الله الرحمن الرحيم
(قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ) (النمل- 34) صدق الله العظيم
يقول الطبري في تفسيره لهذه الآية:
يقول تعالى ذكره: قالت صاحبة سبأ للملأ من قومها، إذ عرضوا عليها أنفسهم لقتال سليمان، إن أمرتهم بذلك: (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً ) عنوة وغلبة ( أفْسَدُوها ) يقول: خرّبوها (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً) وذلك باستعبادهم الأحرار، واسترقاقهم إياهم؛ وتناهى الخبر منها عن الملوك في هذا الموضع فقال الله: (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ).

5-
(القاهرة – التاسع من إبريل 2018)
يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيسة وزراء بريطانبا تيريزا ماي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غاضبون جدا من بشار الأسد لأنه قتل شعبه بالكيماوي في مدينة دوما بالغوطة الشرقية.

واضح أن الغضب والخوف على المدنيين السوريين أعمى ترامب، فعاد في قراره بالانسحاب من سوريا خلال ساعات فقط، وقرر ضرب النظام السوري حتى قبل فتح تحقيق دولي فيما حدث. كذلك فعلت ماي التي لن تنتظر موافقة من البرلمان البريطاني على ضرب سوريا. فيما قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التحرك بعيدا عن الأمم المتحدة.

في 18 تغريدة نشرها على صفحته على "تويتر" ما بين عامي 2013 و2014، تحدث ترامب عن رفضه توجيه أي ضربة لسوريا وحث أمريكا على عدم التدخل في الأزمة، قائلا: "السيد الرئيس باراك أوباما، لا تهاجم سوريا. ليس هناك أية إيجابيات في ذلك هناك فقط سلبيات مذهلة. احتفظوا بالبارود ليوم آخر!"، وأكد "إنها لن تجلب سوى المتاعب لأمريكا".

هذا اليوم الآخر حدده ترامب في تغريدة لاحقة، عندما قال في 2013: "نحن بحاجة إلى البقاء بعيدا عن سوريا، هؤلاء المتمردون سيئون مثل نظام الدولة الحالي هناك، ماذا سوف نتلقى بالمقابل، سننفق مليارات الدولارات وحياة موتانا؟ صفر".
فهل تغير شيء ما جعل الحرب جاذبة، حتى مع المقامرة بالتحول لحرب عالمية ثالثة؟
ربما علينا أن نبحث من الآن عما تغير، قبل أن نستيقظ على سقوط دمشق وتحول سوريا لـ"عراق جديد".

6-
لماذا نُشيطن الغرب؟ ألا يمكن أن يكونوا تراجعوا عن مواقفهم وقرروا الحرب بعد مقتل المدنيين؟

قبل أيام، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية فيديو لجنود الاحتلال يقنصون فلسطينيا أعزل، وسط ضحكات ومراهنات على اصطياد الشباب.
قبلها، قتل الاحتلال صحفيا يرتدي سترة مكتوباً عليها صحافة، وبعدها قتلوا شابة فلسطينية فقط لأنها حملت علم فلسطين.
على مدى الأيام الماضية سقط مئات الشهداء والمصابين في فلسطين. لم يهتم الغرب لهم، ولن يهتموا.

*
على مدى 7 سنوات، قتل آلاف السوريين وأصيب عشرات الآلاف، وشرد الملايين. الكل وجه السلاح لصدور المدنيين، فرقاء الداخل والخارج، القاتلون بالوكالة والقاتلون عن أنفسهم، ترى ماذا تغير لتصبح جريمة دوما - التي لم ينته التحقيق فيها بعد- أمر مختلف؟

7-

في سوريا، أرض لم تطلها الحرب، ربما يتغير الوضع قريبا وتصلها القنابل بطائرات "التحالف الدولي الجديد".. التحالف نفسه بقيادة أمريكا الذي أسقط بغداد. في العراق كان الهدف النفط، في سوريا هناك ما يماثل النفط.

في أبريل، سقطت بغداد بمباركة عرب، وفي أبريل، هددت دمشق بمباركة عرب.
واضحٌ أن اتفاقا سياسيا عسكريا ما أنقذ سوريا من ضربات غاشمة في اللحظات الأخيرة، واكتفى العدوان الثلاثي (الأمريكي- البريطاني- الفرنسي) بضربة مفرغة الشكل والمضمون لحفظ ماء الوجه.

روسيا وحدها نجحت في إنقاذ سوريا من مصير العراق وليبيا فيما بعد. هذه حقيقة مؤسفة جديدة تضاف إلى مسلسل العروبة المأساوي.
لا عزاء للعرب الذين أعدوا عدتهم واستلوا أسلحتهم لمشاركة واشنطن حربها على طريقة الضباع التي تنتظر ما يتركه السباع. هؤلاء الذين خذلتهم أمريكا مجددا، عندما أعادت حسبتها بعد موقف روسيا القوي.

هنا دمشق..
هل رأيتم السوريين الذين خرجوا في شوارع دمشق اليوم للاحتجاج على الضربة الغربية لبلدهم؟
حسنا، ربما في الحقيقة هؤلاء يحتفلون بنجاتهم من الموت بقصف طائرات العدوان الثلاثي، ومباركة بعض العرب. ربما إذا تغير الوضع، ووجد الغرب الفرصة سانحة لتكرار مشهد بغداد كان هؤلاء الآن في عداد الموتى أو المصابين أو المشردين. وربما كانت العواصم العربية التي صفقت للعدوان تستعد الآن لمنع دخول النازحين السوريين إلى أراضيها.
نجت دمشق اليوم من مصير بغداد باتفاق روسي مع أمريكا.. وسقطت العروبة مرة أخرى اليوم كما سقطت مع بغداد وقبلها بيروت 82.

إعلان