إعلان

حازم دياب.. لقد عبرت

علاء الغطريفي رئيس التحرير التنفيذي لمؤسسة أونا

حازم دياب.. لقد عبرت

علاء الغطريفي
08:08 م الخميس 06 ديسمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

يعيش كفيلسوف، الأفكار تلاحقه، روح هائمة تتلبّسه، يبحث دوماً عن "ما بعد"، فكانت حياته دائماً "ما بعد"، ما بعد الكتابة، ما بعد الإنجاز، ما بعد العلم، يكتب فيفتح القوس مراراً وتكراراً عن "ما بعد".. يكتب عن مرضه فيسأل عن "ما بعد" ، يكتب عن حبّه فيسأل عن "ما بعد" ، يكتب عن طفولته ويسأل عن "ما بعد"، يكتب عن الأبوة فيحكى عن "ما بعد"، يكتب عن الصعيد فيروي عن "ما بعد "..!

في قطعه الأخيرة كتب عما بعد، تشعر أنه ساعٍ إلى النهاية ليعبر، ينشد الختام لينهي أسئلته، يتعجّـل فرحة الإجابة، يبتغي اكتمال الرحلة، هاجسه المغادرة، الرحلة ليست رحلة دنيا، بل رحلة أخرى..!

رحلة يراها بنظرية العوالم المتوازية، فقد كان يعيش عالمنا رغم أنه لم يعش فيه قط، كان يعيش في تلك الأخرى، باحثاً عن الخلاص ، النقاء، الخير، الراحة، بدا لكل من التقاه هكذا، يرى الكون بعين أكبر مما نتخيلها.

عين المرتحل، عين الزائر، إذا التقيته في عمل أو شارع أو مناسبة يلتقيك بوجه باسم لا يكترث.. يقيناً لم يكن عالمنا أبداً عالمه.

حازم

حازم.. زائر يمر على كل شىء بروح المستغني، فما نهتم به لم يهتم به قط، فحتى تفاصيل الحياة أصبحت لديه طاقة حكمة وتصور فلسفي وأجراس للعبور، حياة "لها ما لها"، وعندما تصبح "عليها ما عليها"، يظهر المتبتل، القانع، العابر على كل الأشياء، الراغب في الاكتمال، ليس هنا بل هناك، لا ينشغل باستحقاق الحياة بقدر ما تهيئه للقادم، القادم "ما بعد" قصة الحضور المؤقت.

إحساس المهاجر غالب، ينتقل معه من عالم إلى عالم: الصعيد، القاهرة، لا فارق، فالمدن والأماكن لديه عارية، عارية من الجدوى ، الغاية كانت أكبر، الغاية.. العبور، حازم يريد أن يعبر فوق كل شيء وعلى أى شيء، لم تكن دنيانا دنيا، صاغ عزلته قبل أن تصوغها الظروف.

يحلّق مثلما يفعل المتصوّفون، يبحث عن جبل يعصمه من القُبح، يسلك مسالكهم، رغم أنه لم يكن يوماً منهم، كان مهاجراً مثلهم، كان مغادراً مثلهم.

حضور مؤقت ظنناه هكذا، وأدركناه مبكراً، كان بعيداً رغم أن الناس حوله.

معتزل، زاهد، ذات توّحدت مع الغاية، غاية العبور من الدنيا، العبور إلى الأسئلة الكبيرة، قالها "كان عزوفي الاجتماعي يخيّم على الإحساس بالوحدة" لم أرها وحدةً، بل قراراً، قرار المغادر، الذي كان يبتغي بداية رحلة.. رحلة المغادر.

المغادر يواجه الموت بالقلم، يواجه الموت بالحكي، يواجه الموت بالقراءة، يواجه الموت بالأسئلة، يواجه الموت بإيمان النهاية ويقين البداية، حازم لقد بدأ.. حازم لقد عبر.. حازم لقد عبرت.. هكذا نظنّـك أخي..!!

إعلان