إعلان

إسرائيل وعملية "درع الشمال"

إسرائيل وعملية "درع الشمال"

محمد جمعة
09:00 م الأربعاء 05 ديسمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

منذ ليلة أول أمس، يباشر الجيش الإسرائيلي إجراءاته العسكرية على طول خط الحدود مع لبنان، في سياق عملية عسكرية وأمنية أطلق عليها " درع الشمال" تستهدف إزالة كل الأنفاق التي حفرتها هناك عناصر حزب الله.

الرواية الإسرائيلية (التي تم تعزيزها بالصور والفيديوهات المسجلة) تقول إن معظم عمليات الحفر انطلقت من أسفل مصنع لبناني في منطقة "كفر كلا" لتواصل بعد ذلك طريقها إلى داخل إسرائيل، خاصة عند قرية ميتولا الإسرائيلية الواقعة غرب مرتفعات الجولان. فيما تشير المعلومات والملابسات المحيطة بالإجراءات التي يباشرها الجيش الإسرائيلي، إلى أن الأخير أعد جيدًا لهذه العملية منذ الشهر الماضي. ولعل هذا يقدم تفسيرًا إضافيا لعدم قيام إسرائيل بشن عملية أكثر شمولية في غزة، حيث أن القادة هناك لم يرغبوا في خوض حرب على جبهتين.

أيضا من الناحية السياسية، قد تكون الحسابات قد أخذت بعين الاعتبار قرار أفيجدور ليبرمان الأخير بالاستقالة من منصبه كوزير للدفاع. إذ كان ليبرمان يدفع باتجاه إعطاء الأولوية للتهديد في غزة على التهديد من لبنان، لكنه ربما يكون قد استقال بعد خسارته لهذا الجدل داخل اجتماعات المجلس الأمني المصغر "الكابنت" .

في سياق الوقوف على الدلالات العسكرية والأمنية لعملية "درع الشمال"، فإن النشاط العسكري المتزايد على طول الحدود يعكس مدى التصميم الإسرائيلي على استمرار جهودها لإضعاف حزب الله، والحد من قدرته على ضرب إسرائيل أو مهاجمتها في المستقبل.

لكن هذا لا ينفى بالمقابل أن إسرائيل غير معنية بالتصعيد في هذه الآونة، ولهذا أوعزت لسفرائها في الخارج بإيصال رسالة إلى كل العواصم الدولية الهامة مفادها بأن تل أبيب تباشر عملية دفاعية فقط، وأنها ليست معنية بتفجير الأوضاع أو تصعيدها.

ولا شك أن صمت حزب الله حتى الآن (إلى جانب الرسالة الإسرائيلية) يعكس كيف أن الطرفين يحرصان على منع انزلاق النشاط الحدودي إلى صراع عسكري أكبر، وأنهما يمارسان حذرا شديدا لتجنب التصعيد غير المنضبط.

أما قرار إسرائيل بحشد قوات الاحتياط والوحدات المدفعية جزئيا، مع تحذيرها المزارعين في الشمال من الاقتراب من الحدود، فليست أكثر من مجرد إجراءات احترازية ليس إلا، في حين أن قرار التعبئة الكاملة الذى لم يصدر حتى الآن (ولن يصدر) هو الذى يمكنه أن يوحى بأن ثمة نوايا للتصعيد في الأفق.

إذن ليست هناك - على الأرجح - معارك عسكرية في الميدان، لكن هناك بالتأكيد معارك دبلوماسية وسياسية بين الطرفين. وفى هذا السياق يمكننا أن نلاحظ تصريحات رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (الذي يحرص على التنسيق مع حزب الله) التي زعم فيها افتعال نتنياهو للأزمة للتغطية على أزماته الداخلية. لكن بالمقابل من ذلك نستطيع أن نلاحظ أيضا كيف نجحت إسرائيل - حتى الآن - في تسجيل بعض النقاط في مرمى حزب الله، على هذا الصعيد.

حيث قدمت تل أبيب تسجيلا لأحد الأنفاق القادمة من "كفر كلا" اللبنانية، وبذلك أظهرت حزب الله في صورة الطرف المنتهك لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذى صدر في أعقاب حرب عام2006 بين الطرفين. وعقد ضباط الجيش الإسرائيلي اجتماعا مع ممثلين عن كل من، الجيش اللبناني، وقوات يونيفيل الدولية. وقد شاهد الجميع كيف عزز الطرفان الأخيران من دورياتهما في منطقة الحدود، عقب انتهاء الاجتماع بممثلي الجيش الإسرائيلي، على النحو الذي يرسم صورة ذهنية بوجاهة المزاعم الإسرائيلية، ويعزز الانطباع العام بأن حزب الله قد أخفى أشياء عن قوات يونيفيل، أقدم على مباشرتها حتى من وراء ظهر الجيش اللبناني!!

أما على الصعيد الدولي، فقد طالبت إسرائيل بمناقشة الموضوع في مجلس الأمن الدولي. وقبل ذلك كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتمع مع ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في بروكسل، قبل ساعات قليلة فقط من إعلان إسرائيل عن انطلاق العملية. وحضر اللقاء رئيس الموساد والسكرتير العسكري الإسرائيلي ورئيس مجلس الأمن القومي في البلاد، والذي ركز في المقام الأول على الأنشطة الإقليمية الإيرانية، وتحديداً تلك الأنشطة في لبنان، مثل التعزيزات على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية. ويشير توقيت هذا الاجتماع إلى أن ثمة نوايا لاتخاذ إجراءات ملموسة أكثر، حتى لو كان التصعيد العسكري بعيدا أو غير مرجح. من أهمها لفت الانتباه للقرار الدولي 1701 وذلك في سياق: إما ممارسة الضغط على حزب الله لكي ينصاع لمتطلبات إسرائيل الأمنية وخطوطها الحمراء على هذا الصعيد. أو إعداد نتنياهو لملف سياسي يمكنه أن يشكل الغطاء الدولي المناسب، حين تأتي ساعة الصفر لأي عملية عسكرية إسرائيلية قادمة.

إعلان