إعلان

رجل البيت القوي !

رجل البيت القوي !

محمد حسن الألفي
09:00 م الثلاثاء 04 ديسمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

أشعر باعتزاز بالغ بجيش مصر، كلما راجعت تاريخ تأسيس الجيوش في العالم. فالجيش المصري أول جيش نظامي في تاريخ البشرية. وهو أول جيش عرف الجندية، أي تجنيد أبناء الشعب للدفاع عن حدود الوطن. كان ذلك قبل ٣٢٠٠ سنة، بعد نجاح الملك مينا في توحيد البلاد شمالا وجنوبا. قبلها كانت مصر أقاليم ولكل إقليم جيش .

أشعر باعتزاز بالغ وفخر، حين آمن محمد علي باشا -من قولة بشمال اليونان-، بأبناء الفلاحين، وأسس جيش مصر الحديث. استغنى عن الأكراد والألبان والشركس والمماليك، وأرسل أبناء الفلاحين لأول مدرسة حربية أنشأها في أسوان.

الجيش المصري الحديث مؤسس على المدرسة العسكرية المصرية. درّبه وعلمه الكولونيل جوزيف سيف الشهير بسليمان بك الفرنساوي. اكتسح الجيش المصري - المدرب على أحدث نظم القتال، والمجهز بالذخيرة والعتاد والسفن الحربية، صنعت في القلعة ورملة بولاق وترسانة الإسكندرية-، أقول اكتسح الوهابيين في الحجاز، وضم السودان، واحتل الشام، وحارب عن السلطان العثماني حرب المورة في اليونان، وهدد إسطنبول ذاتها. تحالفت عليه القوى الأوروبية وحطمت الأسطول البحري المصري، لكنها أورثته عرش مصر له ولأبنائه من بعده.

في أدبيات المؤرخين العسكريين الأوروبيين عن تلك الفترة التي بزغت فيها القوة العسكرية المصرية كقوة عالمية بكل مقاييس عصرها، سيملؤك الفخر، وتهتز وجدا وهم يصفون في كتبهم شجاعة الجندي المصري وذكاءه وقدرته على القتال لساعات طويلة صابرا. بلغ عدد أفراد الجيش المصري أكثر من مائتي ألف جندي وضابط مصري من أبناء الفلاحين والأفندية، وأظن أن نواة الوطنية المصرية المتوحدة حول بلدها زرعت في تلك المرحلة المبكرة.

لقد استغني محمد علي عن الشركس والأكراد والألبان وغيرهم من المرتزقة؛ لأنهم ليسوا من أبناء البلد، وحين قاوم الفلاحون تجنيدهم في بداية الأمر، لأنه أخذهم بعيدا عن الزراعة، لم يلبثوا أن تبينت لهم منافع وعقائد الاندماج في جيش نظامي، يحفظ للجندي كرامته ويصقله وفق أحدث أساليب التسليح والتدريب .

وباعتباري من الجيل الذي فتح عينيه على أسطورة القاهر والظافر والقادر، وموعدنا قريب في تل أبيب، وسنلقي اليهود في البحر، وباعتباري كنت كأي صبي مصري يفرح بالعروض العسكرية لجيش تحت قيادة عبد الحكيم عامر، فإني إذ أراجع، واقرأ أحس بالألم للخديعة عن أسلحة لم تكن لها وجود أصلا!

جيشنا في حرب أكتوبر هو ثاني جيش مصري في تاريخ مصر الحديث، يعتمد الأساليب الحديثة في التدريب، والتطوير، وهو الجيش الذي استأنف انتصارات أجداده في حروب اليونان والشام وتركيا.

وجيشنا الذي حقق النصر رغم نقص التسليح هو ذاته الجيش الذي حفظ الوطن في مواجهة مؤامرة الخامس والعشرين من يناير قبل سبع سنوات.

نحن اليوم القوة العاشرة على مقياس القدرات العسكرية للجيوش.

نحن الأقوى عربيًا وإفريقيا وإقليميا.

في عز الانهيار العام للمؤسسات، كان الجيش هو النواة الصلبة التي لا تنكسر؛ لأنها من صلب موروث منذ آلاف السنين.

هذا الجيش هو دولة، والدولة هي جيش، لأنه جيش مؤلف من أبناء الشعب، وفينا اعتزاز عريق بجيشنا، ونعتبره شرفنا ورجل البيت القوي .

تدفقت كل هذه الخواطر التاريخية؛ إذ أتابع أول معرض للصناعات العسكرية في مصر (إيديكس ٢٠١٨).

اشتركت فيه 376 شركة سلاح مصرية وعربية وعالمية، وتحضره ٤١ دولة، ورؤساء أركان ووزراء دفاع .

أنت تتسلح وفق عقيدة قتالية، أساسها أن القوة تجلب السلام، وأن الضعف يغري بالعدوان.

عقلية تسويق المعرض وكلمات وزير الدفاع نجحت في تقديم مصر عالميا إلى سوق السلاح باعتبارها قوة رشيدة تؤمن بالسلاح من أجل السلام.

وفيما قدمت مصانعنا، ويقدم علماؤنا من تطويرات وابتكارات ومنتجات وذخائر وطائرات، تبدو مدارس محمد علي باشا في ربوع القاهرة والجيزة وأسوان والصعيد، ومن بعدها مصانع الإنتاج الحربي في حلوان، كأنها كانت المنبع والروح التي منحت المعرض ورجاله تلك الثقة البالغة .

إعلان