إعلان

أوروبا في 2019.. انكفاء بريطانيا وفرنسا وألمانيا نحو الداخل

أوروبا في 2019.. انكفاء بريطانيا وفرنسا وألمانيا نحو الداخل

محمد جمعة
09:00 م الأربعاء 12 ديسمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

من الواضح أن كتلة الاتحاد الأوروبي ستواجه خلال العام 2019 الكثير من الأسئلة المصيرية المربكة، التي ستمتد من انكفاء ألمانيا وفرنسا إلى الداخل بسبب عمق الأزمات الاقتصادية والسياسية المستمرة في البلدين. مرورا بمصير علاقتها بالمملكة المتحدة بعد خروجها من كتلة الاتحاد في فبراير القادم، ووصولا إلى علاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

فمن ناحية ستغرق فرنسا، على الأرجح، خلال العام القادم في قضاياها المحلية، الأمر الذي سيحد من تأثيرها على شؤون القارة الأوروبية. كذلك ستنزاح الاتجاهات السياسية الرئيسية في ألمانيا أكثر نحو اليمين واليسار، بينما سيتم تفريغ الوسط الأكثر اعتدالا. كما أن الصراع داخل الحكومة هناك سيقلل من فعاليتها وقد يفضي إلى انتخابات مبكرة. ومن شأن إجراء تصويت جديد في هذه الظروف أن يفرز برلمانا منقسما ويؤدي إلى تعقيد محادثات تشكيل حكومة ائتلافية، مما سيؤدي إلى مزيد من تقليص الدور القيادي لبرلين في الاتحاد الأوروبي.

بالتأكيد هذا الانكفاء نحو الداخل من قبل كلٍ من برلين وباريس سيؤثر سلبًا على قضايا تهم الاتحاد مثل التطلع إلى فتح أسواق تصديرية جديدة في آسيا. أو إكمال المفاوضات مع كتلة ميركوسور في أمريكا الجنوبية، أو حتى المحادثات مع أستراليا ونيوزيلندا.

أما على صعيد العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، فمن المتوقع ألا يوقع الاتحاد اتفاقية تجارة حرة شاملة مع الولايات المتحدة في عام 2019، ولكنه سيكون مستعدًا لمناقشة اتفاق أكثر تواضعاً يشمل السلع الصناعية. وستكون بروكسل أيضًا منفتحة على الحديث عن إزالة بعض الحواجز غير الجمركية أمام التجارة. كذلك ستحاول الكتلة إقناع الولايات المتحدة بالتراجع عن فرض تعريفات أعلى على السيارات المنتجة في الاتحاد الأوروبي. فإذا رفض البيت الأبيض واتجه إلى رفع التعريفات الجمركية، سيكون على الاتحاد الرد بتدابير مضادة. وفي الوقت نفسه، سيحاول الاتحاد إبقاء الولايات المتحدة منخرطة في محافل دولية متعددة الأطراف مثل منظمة التجارة العالمية، وسيتعاون مع البيت الأبيض في ضغوطه على الصين بالنظر إلى قضايا مثل دعم الدولة وقيود الاستثمار الأجنبي.

من جهة أخرى، ستنظر بروكسل إلى بكين بوصفها قوة موازنة للولايات المتحدة. لكن الاقتصادات الكبيرة مثل ألمانيا وفرنسا ستقاوم اختراق الصين لأوروبا -خاصة في المجالات الحساسة مثل التكنولوجيا والبنية الأساسية - في حين سترحب الدول الصغيرة بالاستثمار الصيني كفرصة لتعزيز اقتصاداتها.

وفي الوقت الذي توجد فيه الكثير من المثيرات للاضطراب حول مسألة "البريكست"، تشير توقعات مراكز بحثية مرموقة إلى أن لندن وبروكسل ستعملان على تقليل الآثار الاقتصادية لخروج المملكة المتحدة من كتلة الاتحاد الأوروبي. وسيكون الخيار الأول في لندن هو المغادرة باتفاق خروج شامل، ولكن قد يتطلب الأمر أكثر من تصويت واحد لإقناع البرلمان البريطاني بالموافقة عليه. فإذا صدق المشرّعون البريطانيون على هذه الصفقة، ستظل المملكة المتحدة في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي خلال العام 2019. ولكن حتى إذا رفض البرلمان الصفقة، ستستمر لندن وبروكسل في التفاوض للوصول إلى اتفاقيات مؤقتة، لاحتواء الاضطرابات الاقتصادية قدر الإمكان. ويمكن أن تشمل هذه التدابير تمديد فترة التفاوض بموجب المادة 50، لتأخير خروج بريطانيا من الاتحاد. ومع ذلك، فإن استخدام حق النقض البرلماني البريطاني سيلقي بعوائق لوجيستية أمام العلاقة الثنائية على كافة الأصعدة، ويدفعها نحو الفوضى.

باختصار، عام 2019 يحمل الكثير من العقبات التي تخصم من رصيد القوة الشاملة للاتحاد الأوروبي باعتباره أحد أهم القوى الرئيسية التي تؤثر على العالم.

ولا شك أن السؤال الرئيسي الذي تثيره هذه التطورات، هو محاولة التعرف على حدود التأثيرات المتوقعة لها على عالمنا العربي الذى يمر كذلك بمرحلة حرجة من تاريخه.

إعلان