إعلان

 ما بين تثبيت الدولة واستعادة المكانة

ما بين تثبيت الدولة واستعادة المكانة

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:19 م الإثنين 19 نوفمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

إن عملية تثبيت الدولة التي هي أولوية فترة الولاية الثانية للرئيس السيسي كما تحدث عن ذلك أثناء الندوة التثقيفية 29 ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي ضرورة من أجل استعادة "مكانة" الدولة بعد ما تعرضت له من تراجع حقيقي على المستويين الإقليمي والدولي، ليس نتيجة ما يحاك ضدها من مؤامرات وإنما أيضًا بسبب تراجع قدرتها على التحرك النشط القادر على أن يحدث تغييرا حقيقيا.

وتفترض عملية تثبيت الدولة كما تُفهم من كلام الرئيس في مناسبات عدة، والتي كان آخرها حديثه أثناء المولد النبوي الشريف، أن تستعيد الدولة بمؤسساتها الوظائف التي يتعين عليها القيام بها والتي تعرضت للاهتزاز خلال السنوات الماضية، سواء في تلبية احتياجات المواطن المصري على تنوعها، سواء كان طفل أو امرأة أو من ذوي الاحتياجات الخاصة أو من كبار السن، وهو ما يتعين أن تقوم به الوزارات المختلفة خاصة الخدمية، أو إعادة بناء الإنسان ماديًا وفكريًا وهنا يأتي الاهتمام بالأجيال الحديثة، أو تحقيق الأمن والاستقرار من خلال مكافحة الإرهاب والتطرف وغيرهما من التهديدات والذي هو وظيفة المؤسسات الأمنية.

وتعد عملية التحول التي يشهدها الجيش المصري منذ عام 2012 سواء فيما يتعلق بنوعية التسليح أو نوعية التدريب الخاص بالقوات أو فيما يتعلق بمستوى توظيف التكنولوجيا الحديثة في عملية تطوير الجيش، من أكثر مظاهر عملية تثبيت الدولة وضوحًا للعيان، حيث يظل الجيش في عقيدة الشعب المصري هو العمود الفقري للدولة، واستمراره وبقاؤه جنبًا إلى جنب مع مؤسسات الدولة المدنية باعتباره الحامي الرئيس لها ضرورة للحفاظ على بقاء الدولة ككيان.

وحديث الرئيس في ذكرى المولد النبوي عن ضرورة أن تطرح مصر مسارًا مختلفًا في فهم صحيح الدين، أي أن تقدم نموذجًا للإسلام المعتدل، يؤكد ضرورة وجود مكون فكري/ديني لعملية تثبيت الدولة يكون مناسبًا لظروف الحياة بتطوراتها وتعقيداتها المختلفة. وطرح هذا البعد مهم جدًا ولكنه يتطلب أن يكمله بعد سياسي يتم العمل على تطويره خلال الفترة المقبلة.

وهناك بعد ثالث لعملية التثبيت هذه وهو مرتبط بالأشخاص ونوعية من يتم التعويل عليهم في تلك العملية بمراحلها المختلفة والذين بإمكانهم أن يتسببوا في إنجاح عملية تثبيت الدولة أو إفشالها كما حدث في العديد من الدول حولنا.

ومستوى التأهيل العلمي والعملي لهؤلاء مسألة جوهرية وكذلك درجة نزاهتهم وولائهم للدولة ككيان وكفكرة. بعبارة أخرى، من المهم أن تحتل مصالح الدولة لدى هؤلاء الأولوية على المصالح الشخصية، وهو ما يستدعي بالتبعية تغيير أسلوب تقييم أدائهم ليكون مرتبطا بمدى خدمته للمصالح العامة للدولة، وليس مصلحته الشخصية المرتبطة باستمراره في منصبه أو وظيفته، وطالما كانت الدولة قادرة على تبني إجراءات تصحيحية تضمن استبعاد أصحاب المصالح الشخصية كلما كانت أكثر قدرة على استعادة هيبتها بين الناس.

إعلان