إعلان

علاقة مصر بـ"لولوش والأوسكار وألمانيا".. ثم كيف يفكر مجتمعنا؟!

علاقة مصر بـ"لولوش والأوسكار وألمانيا".. ثم كيف يفكر مجتمعنا؟!

د. أمل الجمل
09:00 م السبت 27 أكتوبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

في عام ٢٠١٠، كنت أبحث عن مجموعة من الأفلام العالمية على أقراص "دي في دي" المشهورة بتوافرها في دمشق، أثناء ذلك سألت عن أفلام لمخرجين إسرائيليين، فسألني بدهشة صديق من الشام: "أمركم غريب أنتم- المصريين.. لديكم اتفاقية تطبيع مع إسرائيل، والدولة تقيم علاقات معها، ولديكم علم إسرائيل يرفرف فوق أراضيكم، لكنكم ترفضون عروض أفلامها بمهرجاناتكم.. وأنتِ الآن تبحثين عن أفلام مخرجيها! فكيف يستقيم هذا؟".

أجبته: "لأن موقف الدولة شيء والموقف الشعبي وموقف المثقفين شيء آخر. أما أنا، فأشاهد أفلامهم لأعرف ماذا يقولون، لأتابع، فأميز مَنْ منهم ينتقد مجتمعه، ويناصر القضية، فيمكن التواصل معه وإضاءة أعماله والتضامن معه، ومعرفة مَنْ منهم يُزيّف التاريخ.

وشخصياً ليس لديّ مانع في الدخول في نقاش وجدل مع صُناع تلك السينما. لست من أنصار مقاطعتهم خارج أراضينا، لذلك أُقيم معهم حوارًا إذا أُتيحت الفرصة في المهرجانات الدولية".

لذلك، أيضاً، قد يشعر إنسانٌ ما بالتناقض- البالغ حد الشيزوفرينيا- عندما يُعيد تأمل أزمة تكريم المخرج الفرنسي كلود لولوش من مهرجان القاهرة السينمائي، ثم تراجعه عن هذا القرار، ليس فقط لأن الموقف الرسمي للدولة هو التطبيع، بكل الوسائل؛ فهناك اتفاقية منذ ١٩٧٨، بل هناك اتفاقيات لاحقة، وفيه زيارات متبادلة لمسؤولين كبار، فيه تبادل تجاري وزراعي، حتي المقابر يغزوها أنواع الصبَّار الإسرائيلي، لا يقتصر الأمر على وجود السفارة الإسرائيلية على أراضينا وعلمها الذي يرفرف هفهافاً، لكن السفير الإسرائيلي ذاته يحضر بعض الفعاليات في بلادنا، ومع ذلك فإن مهرجان القاهرة السينمائي الذي تنظمه، وتنفق عليه وزارة الثقافة التي هي أحد منابر وأذرع الدولة- مُطالب بعدم اتباع سياسة الدولة واتفاقيتها في هذا الشأن، فيخضع لتجييش المثقفين، ويتراجع عن تكريم لولوش؛ لأن بعض أعماله ومواقفه مناهضٌ للقضية الفلسطينية ومنحاز وداعم لإسرائيل!

طيب، جميل هذا التأثير للمثقفين على كيان مهم تابع لوزارة الثقافة، بل أراه جميلًا وعظيمًا جدا وسلوكًا مثيرًا ومُنبتًا للأمل.

لكن السؤال الذي يؤرقني، ويشغلني الآن: أين كان هذا التأثير الساحر لهؤلاء المثقفين والسينمائيين وقت أزمة فيلم "آخر أيام المدينة"؟!

التجييش الغائب

أليس هذا تناقضًأ آخر فجًا؟! أقصد ذلك التجييش اللافت الذي نجح فيه مفجرو الأزمة بشكل لم يحدث، عندما مُنع فيلم تامر السعيد "آخر أيام المدينة" من العرض بالمهرجان عام ٢٠١٦، رغم أنه كان من الواضح جدا أن "رقابة ما" كانت وراء منع الفيلم.

صحيح عدد منهم وقّع على البيان، لكن السينمائيين والمثقفين لم يقفزوا على أطراف أناملهم، ولم يشهد الأمر مثل هذا التجييش الحادث إزاء "لولوش"، مما يجعلني أتساءل: هل منع فيلم مصري على مستوي راقٍ، مما أهّله لأن يطوف مهرجانات العالم- أقل أهمية من مناصرة ودعم القضية الفلسطينية؟!

للتوضيح؛ أنا لا أفاضل ولكني أستنكر. لأنه بديهي ألا يقل التجييش مع واقعة منع الفيلم المصري عن الموقف المشابه مع القضية الفلسطينية، مهما كان الناس مختلفين أو متحفظين على شخصية مخرج الفيلم، كما قيل وقتها في الكواليس.

المهنية التي تقتضي النزاهة، والموضوعية، وكذلك الموقف من حرية التعبير- يحتمان التضامن مع الفيلم لإطلاق سراحه، مهما كنت مختلفًا مع صانعه، أو تشعر بالغيرة إزاءه، أو حتى لا تُعجبك شخصيته.

وبالمناسبة لايزال الفيلم ممنوعًا حتى الآن، لكن كثيرًا من السينمائيين والمثقفين الذين رفعوا يدهم، أو بالأحرى غسلوا أيديهم من دمائه ادّعوا أنهم "لم يفهموا القضية، ولا يعرفون تفاصيلها، وبالتالي هم- على حد زعمهم- غير قادرين علي اتخاذ موقف".

وفي تقديري الشخصي أن ذلك الادعاء كان تمييعًا للموقف، ومرواغة دبلوماسية مكشوفة لتبرير عدم التضامن مع الفيلم، لأنه،ببساطة، كانت هناك شروحات منتشرة في أماكن وصفحات عدد من أهل المهنة المتضامنين مع الفيلم. ومَنْ كان يرغب حقيقة في المعرفة لاتخاذ موقف كان سيعرف، وسيجد طريقة للفهم.

قراءات

الآن، من بين ما نُشر بشأن أزمة "لولوش" مع مهرجان القاهرة لفت نظري ما كتبه الزميلان أسامة عبدالفتاح بجريدة القاهرة العدد ٩٥٣، بتاريخ ٢٣ أكتوبر ٢٠١٨، في صدر الصفحة الأولى، ودعوته لضرورة التكاتف لإنجاح مهرجان القاهرة، وكذلك ما كتبه الزميل محمد قناوي في عدد أخبار اليوم بتاريخ ٢٠ أكتوبر.

فالأخير طرح عدة تساؤلات أتوقف أمام اثنين منها؛ لعلاقتهما الوثيقة ببعضهما البعض، أولهما: "عن الشخصية التي فجرت أزمة (لولوش) ومدى الخلاف بينها وبين محمد حفظي رئيس مهرجان القاهرة".

التساؤل السابق، وكذلك مقال عبدالفتاح يصبان في بوتقة واحدة- مع التي أثرتها أنا أيضاً أعلاه- تكشف ازدواجية الإعلام وبعض الصحفيين والنقاد في التعامل مع الأزمة، مقارنة بتكريمات مماثلة، تمت بمهرجانات أخرى على أرض مصر، والتي نخرج منها بنتيجة مفادها أنه إذا كانت هناك مجموعة نزيهة في طلبها، تريد بصدق، من دون أي أغراض شخصية تصحيح الأمر لإيمانها بعقيدة أو أيديولوجية ما؛ حرصاً على المهرجان، فهناك آخرون استغلوا الخطأ، ويحاولون التنقيب وراء مهرجان القاهرة واستمرار فتح تلك الصفحة لهدمه، وليس لتقويمه أو تصحيح مسار بعض أموره. وبالطبع هناك فرق شاسع بين الاثنين.

إضافة لما سبق، وشخصياً، أُقدر تراجع محمد حفظي عن قراره، لأن تصحيح الأخطاء والاعتراف بها خطوة بها شجاعة وجرأة تحسب له، لكن هذا لا يمنع من التذكير بأن إدارة مهرجان القاهرة لعبت الدور الأول في تفجر تلك الأزمة، لأنها هي التي أوقعت نفسها في هذا الخطأ، وأتاحت لأعدائها تلك الفرصة الثمينة.

كما أنها عندما تم إلغاء التكريم لم تُرسل إيميلات، مثلما فعلت مع خبر التكريم.

شخصياً لم يصلني قرار الإلغاء منهم رغم أن الأخبار والبيانات الأخرى تصلني عبر الإيميل، وعرفت بالخبر من الصحف. وهذا في حد ذاته كان مثيراً لمزيد من اللغط.

مصر.. الأوسكار.. وألمانيا

بمناسبة هذه الجزئية أُعيد فتح النقاش حول الأوسكار لعلاقة وثيقة في أسلوب التفكير تربط بين القضيتين. فقد طرح الزميل أحمد شوقي بأحد مقالاته رأيًا يخص الترشيح للأوسكار على اعتبار أنه نموذج يجب أن تقتدي به اللجنة المختصة بذلك في مصر، من خلال الفيلم الألماني "أبداً لا تنظر بعيداً" للمخرج فلوريان هينكل فون دونرسمارك الذي رشحته بلاده ليمثلها في الأوسكار على جائزة أفضل فيلم أجنبي لعام ٢٠١٩.

يستند شوقي لحجته في أنه طالما أن ألمانيا قد أعلنت عن ترشيح فيلمها للأوسكار- وفق تصريح فارايتي يوم ٣٠ أغسطس وحتى قبل عرضه العالمي الأول بمهرجان فينيسيا يوم ٤ سبتمبر- فهذا في رأيه يُعد نموذجاً يُحتذى به، ويحل معضلة الفيلم المصري، فيجعل اللجنة المختصة بذلك لا تتقيد بشرط العرض الجماهيري، وأن لجنة الأوسكار لن ترسل مخبرين. مؤكدا بنص كلماته أن ظروف ترشيح الفيلم الألماني: "يغلق الباب في وجه الصراع الذي بات تقليدًا سنويًا عند اختيار الفيلم المصري المرشح صراع يتبارى فيه الجميع للإدلاء بدلوهم وادعاء معرفة القواعد والخوف على فرصة مصر في الترشيح". ثم مضيفاً بتأكيد أن: "القواعد مرنة والأكاديمية لا ترسل مخبرين للتأكد من موعد عرض أو ظروف مشاهدة".

اقتراح غير صائب.. لماذا؟!

في تقديري الشخصي، هناك عدة أمور أغفلها الرأي السابق وهي:

إن ألمانيا، صحيح أنها أعلنت مبكرا عن فيلمها المرشح للأوسكار، لكنها فعلت ذلك بعد أن كان لديها خطة واضحة مؤكدة بمواعيد عرض الفيلم، ليس فقط في فينيسيا الخامس والسبعين، وبعدها في تورونتو، ولكن أيضاً بالمهرجانات الأخرى والخطة الزمنية لعرضه التجاري.

الوضع والأجندة السينمائية بالدول الأوروبية ومنها ألمانيا بالطبع يُحددان بدقة مسبقاً، إذن الأمر مختلف عما يحدث في السوق عندنا، خصوصا مع السينما المستقلة، وأعتقد أن الزميل شوقي يعلم ذلك تماماً، لكن ربما رغبته في غلق باب هذا النقاش جعلته يتسرع في رأيه.

الأمر الثاني: صحيح أن الأكاديمية لن ترسل مخبرين للتأكد من موعد عرض أو ظروف مشاهدة الفيلم المصري الذي تم ترشيحه- ولا حتى أي فيلم من جنسية أخرى- لأن الأكاديمية ببساطة تفترض أن الدول ستتعامل بشفافية وصدق، ولن تلجأ للكذب بأي شكل وتحت أي ذريعة في مثل هذه الأمور. أصلا الكذب في نظرهم جريمة كبرى.

ثالثاً: صحيح، أيضاً، أن الأكاديمية لن ترسل مخبرين، لكن نحن بمصر لدينا مخبرون، ووشاة، وأعداء للنجاح. ثم بعيدا عن الغيرة والوشاية وأمور المخبرين، أليس من حق أي مخرج أو صانع عمل أن يدافع عن أحقية فيلمه- حتي لو كان متوسط القيمة- في أن يكون ضمن الأفلام المرشحة للأوسكار طالما انطبقت عليه الشروط الصحيحة المعلنة المتخذ بها في جميع أنحاء العالم؟!

ومن بين حقوقه المشروعة أيضاً في تلك اللحظة الحاسمة المشتعلة أن يعترض على الفيلم الذي لم تنطبق عليه هذه الشروط، حتى لو كان هذا الأخير أجمل فيلم مصري صُنع في ذلك العام، وحتى لو كان هو الذي يستحق الترشح للأوسكار عن مصر! طالما هناك قواعد يُصبح الالتزام بها ضرورة، بل حتميًا، وإلا سيفتح باب الاستثناءات، ولن تنتهي المشاكل.

علينا بالتفكير في طريق آخر

في تقديري أن اختراق الشروط وعدم الالتزام أو التقيد بها ليس هو الحل. أعتقد أن الحل يكمن في مكان آخر، بمساهمة الدولة، وأشخاص لهم عين وقلب شغوف بالسينما المصرية يسعون لحل معضلة حرمان أفلام السينما المستقلة التي تخرج للنور، ويكون أغلبها علي قلته نموذجًا مشرفًا لتمثيل مصر في الأوسكار، لكنها للأسف لا تجد موطئ قدم في دور العرض، وذلك رغم أن للدولة دُور عرض تمتلكها، ورغم أن بعض رجال الأعمال المشاركين في الإنتاج لهم دور عرض يمتلكونها.

الحل يبدأ من البحث عن طريق لوضع مثل هذه الأفلام على خريطة العرض التجاري بمصر، في ألا يكتفي منتجو السينما المستقلة بالمساهمة في إنتاجها، لكن أن يدخل هؤلاء الأفراد في مساومات مع الموزعين- وهم قادرون لو أصروا- لإتاحة الفرصة لمثل هذه النوعية لتأخذ قدرا من حقها في العرض.

جميعنا يعي أن المشاركين في إنتاج هذه الأفلام يُحققون مكاسب معنوية وأدبية دولية قبل المالية، وأن مغامرتهم المالية هنا محسوبة بدقة وذكاء شديدين. إذن الحل أيضاً في أن هؤلاء المتكسبين من وراء السينما المستقلة يسعون للمشاركة في امتلاك دور عرض- إن لم يكن بعضهم يمتلك بالفعل- حتى يكون في أيديهم ورقة للمساومة وتحقيق التوازن في لعبة العرض حينما يتعلق الأمر بالسينما المستقلة.

فالمساهمة في الإنتاج وحده ليست كافيةً، كما أن العرض بمهرجانات أوروبية لوحده ليس كافياً، فمن حق صناع الفيلم أن يُشاهد فيلمهم بين جمهور بلدهم، ومن حق الجمهور المصري- أو لنكن أكثر دقة- من حق فئة معينة من الجمهور المصري أن تشاهد هذه الأفلام المغايرة للتجاري والسائد.

عودة للبدء

"امشي عدل يحتار عدوك فيك". مثَل مصري تذكرته عندما قرأت السؤال الذي طرحه قناوي في مقاله. فإن كنت، شخصياً، لا يهمني معرفة اسم مَنْ الذي اقترح اسم "لولوش" لتكريمه ولا حتي اسم مُفجر الأزمة، لكن ما يهمني حقاً وأراه أساسيًا وجوهرياً سؤاله:

"هل قامت إدارة المهرجان بعمل بحث عن الشخصية التي تم تكريمها ومواقفها السياسية تجاه العرب والقضية الفلسطينية قبل تكريمه عن فنه وأعماله؟".

لماذا يعتبر السؤال جوهرياً؟ لأنه يُعيدنا إلي سؤال آخر: لماذا نقوم بتكريم شخصية ما؟

أبلغ إجابة- أقتبسها من مقال للزميل نديم جرجورة، كتبه أثناء فعاليات مهرجان كارلوفي فاري- بأنه: "تكريمشخصيات سينمائية في مهرجانات دولية، نابعٌ من التأثيرات المختلفة لأفعال تلك الشخصيات في المشهد السينمائي... فللتكريم قواعد.. اختيار عاملين في حقول شتّى منذ سنين عديدة، يُثرون الصناعة ويُطوّرونها ويُبلورون آفاقها واشتغالاتها.. اختيار (نجوم) لن يكونوا استعراضيين فقط، فهؤلاء (نجومٌ) في مِهَنهم بالنسبة إلى مهمومين بالصناعة ونتاجاتها ومساراتها.. هذا نشاطٌ مُتداول في مهرجانات كثيرة، ترتكز غالبيتها على مفاهيم عملية للتكريم، يُفترض بها أن تنبثق من مسار وتأثير وحضور فاعل".

عن يوسف شريف زرق الله أتحدث

لكل ما سبق أيضاً، وانطلاقا من حرصي مثل آخرين على استمرار وبقاء أهم مهرجان سينمائي لدينا، فأتذكر تكريم مهرجان القاهرة السينمائي في عام ٢٠٠٢ للممثلة القديرة فانيسيا ريدجريف، لتاريخها وقدراتها، ومواقفها السياسية التي دفعت ثمنها غاليا في تطور مسيرتها، لكنها ورغم ذلك لم تستسلم. أتذكر ابتسامتها المشرقة تُضيء ملامح وجهها وهي جالسة بتواضع لافت على مقهي المجلس الأعلي للثقافة البسيط في تلك الدورة، وهي متجاوبة بحب كبير مع كل مَنْ يقترب منها، ويتحدث إليها أو يناقشها في أفلامها، وتاريخها ومشوارها. لذلك حري بالقائمين على إدارة مهرجان القاهرة أن يحافظوا على النقاط المضيئة في تاريخه.

وأخيراً، أضم صوتي للزميل أسامة عبدالفتاح بأن نغلق صفحة "لولوش"، وشخصيًا متفائلة بأن هذه الدورة سيكون بها- على الأقل- حفنة مميزة ورائعة من الأفلام، وسأكتب قائمة ترشيحاتي- لاحقاً- لمشاهدتها قُبيل بدء فعاليات هذه الدورة، فقد شاهدت عددا كبيرا منها في كارلوفي فاري، وبرلين وفينيسيا.

وهنا لابد أن أسجل شهادتي بأنه- منذ فترة عندما قرأت القائمة الأولية المختارة للعرض بالمهرجان- زاد تقديري لمديرها الفني الأستاذ يوسف شريف رزق الله، المسؤول عن أغلب تلك الاختيارات، والذي كنت أتأمله أحياناً من بعيد، ومرات عن قرب في مهرجان كارلوفي فاري الأخير- وكذلك في سنوات سابقة بمهرجانات "دبي" و"كان" و"فينيسيا"- وهو يلهث وراء الأفلام من قاعة لأخرى لمتابعتها.

الحقيقة لابد أن أعترف أنه يأسِرني هذا الإصرار وتلك المقاومة، ومواصلة العمل الجاد رغم المشقة الواضحة التي يتحملها، خصوصاً في ظل ظروفه الصحية الصعبة.

لا بد أن أعترف أنني- رغم اختلافي معه بحدة في إحدى السنوات السابقة- لا أنسي دوره في نشر الثقافة السينمائية، من خلال برامجه التليفزيونية.

كما أنني عندما أتأمل دأبه وإخلاصه وشغفه بمشاهدة كل ما يتاح له من جديد السينما لاختيار أفضلها أو الأقل ما يُمكن أن يتفاوض بشأنه حتى يجلبه ليكون بين عروض مهرجان القاهرة- يزداد تقديري له وإعجابي بصلابته.

إعلان