إعلان

مجدي الجلاد يكتب: الأقصى لا يناديكم..!

مجدي الجلاد يكتب: الأقصى لا يناديكم..!

مجدي الجلاد
07:12 م السبت 22 يوليو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

دخل الحاخام اليهودي باب المسجد الأقصى مهللًا وسط آلاف اليهود وهتافات الشكر للرب.. فقد تحققت أحلامهم.. وبات وعد بناء هيكل سليمان وشيكاً!

قال الحاخام العجوز لأتباعه (خمسون عاماً مرت منذ حرب الأيام الستة 1967 ونحن نحلم بتلك اللحظة.. فقد أصبحنا ندخل الأقصى بحرية في حماية شرطة إسرائيل.. ولم يعد بيننا وبين بناء الهيكل سوى خطوات.. ولم يعد بين إسرائيل وإعلان القدس عاصمة أبدية إلا خطوة)..!

الحاخام يدرك جيداً ما يقول.. ولكنه عاش سبعين عاماً يظن أن تلك اللحظة لن تأتي بتلك السهولة.. فحتمًا سيُقيم المسلمون والعرب قيامة الدنيا.. وربما تُراق الدماء أنهارًا على عتبات الأقصى.. غير أن زعماء إسرائيل يعرفون أن شيئًا من هذا لن يحدث.. فقد مات العرب ونام المسلمون..!

يعرفنا الإسرائيليون أكثر مما نعرف أنفسنا.. يعرفون أنها اللحظة المناسبة.. وأن المسلمين والعرب لن يحركوا ساكناً.. وأن الأقصى بات أقصاهم والقدس سوف تبيت في ليلة قريبة في أحضان العلم الصهيوني..!

أما أنتم يا عرب.. فالأقصى لا يناديكم..! إذ كيف للطاهر المقدس أن ينادي القبيح المدنس؟!.. الأقصى لا يستجير بمن غرق في العفن ولا يحتمي بمن فقد الرجولة والنخوة وهو يرى قدس أقداسه تدنسه أقدام الصهاينة..!

بينما كان الإسرائيليون يخططون وينفذون السيطرة على المسجد الأقصى.. كانت للعرب قصص وحكايات أخرى.. فلم تعد للأقصى مساحة أثيرة أو مكانة متقدمة في أولويات القادة والشعوب.. وهو تطور خطير ينذر بضياع القضية الفلسطينية العربية الإسلامية برمتها، فقبل إعصار الثورات والانتفاضات في عدة دول عربية.. كان تخاذل الأنظمة والحكومات تجاه القضية، يعوضه اهتمام شعبي يضع الرؤساء والملوك العرب في مأزق جسيم.. أما اليوم فثمة اتفاق ضمني بين الطرفين - الأنظمة والشعوب - على تجاهل القضية.. فمن ذا الذي يناديه الأقصى؟!

الأقصى لا ينادي العرب.. النداهة ندهت الجميع.. ولكل منا نداهته.. السعودية (مش فاضية).. محمد بن سلمان يوطد أركان حكمه، والمملكة غارقة فى حرب اليمن وصراعات إيران وسوريا .. لذا أصبح ثالث القبلتين بالنسبة للخليجيين ليس أكثر من هاشتاج على (تويتر).. الخليجيون يفضلون (تويتر) على الـ (فيس بوك)..!

الفيس بوك يبقى إحنا.. المصري فيسبوكي محترف.. البوست الجامد هو نداهتنا.. ولكن الأقصى لم يصمد أمام بوستات وكوميكسات كليب (ركبني المرجيحة)..إنها قضية المصريين الأولى على شبكات التواصل الاجتماعي.. الأقصى يضيع وفتاة (لدغة) تعاني من تخلف عقلي نجمة نجوم مصر والعرب..!

مصر الرسمية لا تختلف كثيراً عن مصر الشعبية.. فكبيرة العرب تثخنها جراح الإرهاب.. الحرب ساخنة بسخونة المليارات التي تنفقها دول شقيقة على الإرهابيين.. في سيناء يقتل من يزعم أنه مسلم، مسلماً آخر بهتاف (الله أكبر).. والكارثة أن القاتل ربما أتى من غزة أو تلقى تدريبه ومخططه هناك.. وكأن مصر التي خاضت كل حروبها الحديثة دفاعاً عن فلسطين والقدس وأقصاها باتت العدو الذي ينبغي تصويب البندقية إلى قلبه.. يموت أبناؤنا اليوم برصاص عرب ومسلمين وهم من مات أجدادهم وآباؤهم بنيران الإسرائيليين.. فكيف تنتفض مصر لنصرة الأقصى وقلبها ينزف من خيانة (قطر) العربية و(تركيا) المسلمة وتآمر جارتها (حماس) محترفة الأنفاق وتفريخ العناصر الإرهابية..؟!

الأقصى لا يناديكم.. نداهة الموت والخراب ندهت سوريا ومن قبلها العراق.. المسلمون هناك مذاهب وطوائف.. والقتل المتبادل فريضة وسنة.. الحرب على الكرسي والسلطة أولى كثيراً من الأقصى.. وصدور العرب أولى برصاصهم.. فلماذا لا تحتل تل أبيب المسجد الأقصى وتمنع المسلمين من صلواتهم وهي تعيش أزهى عصور الخنوع والقُبح العربي؟!

الأقصى لا يناديكم.. وقد باتت إيران العدو الأول للعرب.. والشيعي خصم السني.. ودم المصري حلال لدولارات وتنظيمات القطري.. ومحاصرة القطري واجب على السعودي والإماراتي والبحريني.. وبلد السوري ساحة معارك بتمويل وتسليح عربي.. واليمني يموت بنيران شقيقه، وإذا هرب من القصف، سقط بالكوليرا.. والمغربي يتظاهر ويهتف من أجل العيش إنساناً.. والجزائري يجري وراء لقمة عزيزة وحرية مفقودة.. واللبناني تحول جسده إلى فصائل متناحرة وجماعات متنازعة..!

الأقصى لا ينادي قومًا يقتلون بعضهم البعض.. الأقصى له رب يحميه.. فهو القائل سبحانه وتعالى في محكم تنزيله (إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله).. و(نجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين) وكان يتحدث عن الخليل إبراهيم عليه السلام في هجرته الأولى إلى بيت المقدس والشام.. هذا وعد وعهد من الخالق تبارك وتعالى.. لن يبارك المسجد الأقصى فحسب وإنما من حوله.. والبركة قطعاً ليست فينا وليست بنا.. فنحن الآن أمة أصغر وأضعف شأناً من أن ننصر الأقصى.. نداهة الأقصى لا تعيرنا اهتماماً.. لا ترانا.. ولا تحترمنا.. الأقصى يعرف أننا قوم (فيس بوك وتويتر وانستجرام).. يجمعنا كوميكس ويفرقنا بوست.. وندافع عن أرضنا ومقدساتنا وشرفنا بهاشتاج.

لذا، لا تحزنوا ولا تكترثوا.. سوف يضيع المسجد الأقصى لأنه لن ينادي قطيعاً (يركب المرجيحة).. ولكن حتماً سيأتي أحفاد لنا يفتحون الأقصى والقدس.. وسيقف قائدهم بطلاً وخطيباً ليقول (لا سامح الله من فرط في دينه وعرضه وأرضه)..!

ناموا.. و"شخروا".. فالأقصى لا يحترمنا ولا يحتاجنا..!

إعلان