إعلان

فيروز تتحدى أوكا وأورتيجا

فيروز تتحدى أوكا وأورتيجا

ميلاد زكريا
09:10 م الأحد 25 يونيو 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

ميلاد زكريا

هل تشعر أن نهاية العالم قريبة؟

هل رأيت نذر الخراب واختنقت من دخان الحروب؟

هل تلوثت الحياة في عينيك بالدم والقبح؟

هل تشعر بغياب العدالة عن كوكب الأرض؟

لا تحزن.. فيروز ما زالت تغني، وهذا وحده كاف للإحساس بأن هناك أملا يختبئ في هذه الحقبة المظلمة من تاريخ الإنسانية.

بعد غياب نحو 7 سنوات منذ إطلاق ألبومها الأخير "إيه في أمل" في 2010، عادت السيدة فيروز إلى الغناء، عادت لتثبت لنا ما نعرفه: فيروز هي آخر شيء جميل في حياة العرب.

الأغنية الجديدة تحمل اسم "لمين؟"، لحنها مستوحى من لحن فرنسي شهير هو "بور كي فييل ليتوال" التي كتب كلماتها بيير ديلانوي والموسيقى من تأليف لويس أماد وجيلبير بيكو.

بينما نحن غارقون في زمن الخراب الفني، محاصرون بأصوات أوكا وأورتيجا وتامر حسني وشيرين ومحمد حماقي وأحلام وحسين الجسمي وفرقة حسن البرنس، تتمسك فيروز بالمقولة الخالدة "إن الله جميل يحب الجمال"، لتقدم لنا أغنية لا تزيد مدتها على دقيقتين، مهداة إلى روح زوجها الراحل عاصي الرحباني الذى مات قبل 31 سنة.

تقول كلمات الأغنية "لمين بتسهر النجمة، لمين؟ ليه بتخلص العتمة؟ إلك؟ أو إلي؟ أو مش لشي؟ مش لشي؟ ولا أي شي. لمين بيبكي الحور، لمين؟ ليه الأرض بتدور؟ إلك؟ أو إلي؟ أو مش لشي؟ مش لشي؟ ولا أي شي".

قبل أكثر من 3 آلاف سنة، قال سليمان الحكيم في سفر الجامعة "مَا الْفَائِدَةُ لِلإِنْسَانِ مِنْ كُلِّ تَعَبِهِ الَّذِي يَتْعَبُهُ تَحْتَ الشَّمْسِ؟ دَوْرٌ يَمْضِي وَدَوْرٌ يَجِيءُ، وَالأَرْضُ قَائِمَةٌ إِلَى الأَبَدِ". وبعد 71 سنة من الغناء والسعادة، قررت فيروز أن تعيد المعنى نفسه لتقول لنا إن الحياة عبث، وإن كل شيء لا قيمة له.

هل تعبر فيروز عن حياتنا الخاوية؟ عن الغربة التي نعيشها رغم أن عيوننا اتسعت لترى كل شيء؟ عن عزلتنا رغم أننا باستطاعتنا الوصول الآن إلى بعضنا البعض بسهولة؟ هل تعبر عن إحساسنا بغموض المستقبل وبالطرق المظلمة التي نسير فيها؟

يقول الروائي الفرنسي الأشهر ميلان كونديرا في رائعته "الكائن الذي لا تُحتمل خفته": "الوقت الإنساني لا يسير في شكل دائري بل يتقدم في خط مستقيم. من هنا، لا يمكن للإنسان أن يكون سعيداً لأن السعادة رغبة في التكرار". 

فيروز أيضا ترى ما يراه كونديرا، السعادة لن تجيء أبدا.

هل يمكن أن تربح فيروز في سوق النخاسة الغنائي الذي نصفق فيه لأوكا وأورتيجا؟

أبدًا لن تربح فيروز.

يقول تاريخ العالم إن الجمال لم يربح أبدا وإن الحق لم يربح أبدًا، وإن العدل لم يربح أبدًا، وإن الخير لم يربح أبدًا.

لكننا، في عالم يتوالد فيه القتلة واللصوص والساسة الفاسدون، نتمسك بتلك الشعلة الصغيرة التي يمسك بها بشر مثل فيروز، لنمنح أنفسنا ذريعة الاستمرار، لنقول لأنفسنا: 

تلك هي الحياة أمامكم

خذوا ما تستطيعون حمله

وإذا لم تستطيعوا

خذوا ما يتاح لكم

وإذا لم تستطيعوا

خذوا ما يباح لكم

وإذا لم تستطيعوا

خذوا ما يعطى لكم

وإذا لم تستطيعوا

احلموا بكل شيء.

إعلان