إعلان

مجدي الجلاد يكتب: لا جنة ولا نار.. !

الكاتب الصحفي مجدي الجلاد

مجدي الجلاد يكتب: لا جنة ولا نار.. !

مجدي الجلاد
09:01 م الثلاثاء 05 ديسمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

صَعد.. فوجدهم جالسين.. هكذا هم منذ سنوات وسنوات.. الصاعد الجديد يأخذ مكانًا قصيًا عن القديم.. بعضهم هنا منذ عقود.. مسلسَلون هم في أصفاد.. لكن مصائرهم لاتزال معلّقة..!

كان مضطربًا حين صعد.. إذ أتاه الموت على حين غرة.. الرجل الذي كان "شاويش" قبل الصعود إلى السلطة لم يعتد "الأكمنة".. لذا فحين نصب "الحوثيون" الكمين لاصطياده.. لم يُصدّق أن خلافًا، مهما بلغت حدته مع حلفاء الأمس، قد يصل إلى قتله.. غير أنهم قتلوه!

والآن.. هو جالس مثلهم.. لم تكن الجلسة غريبة عليه.. إذ رافقهم مرات ومرات في "القمم" .. جامعة الدول العربية– المنظمة وليست الشارع الأشهر بالمهندسين– "ياما وياما" شهدت اجتماعات لأولئك الزعماء منذ نصف قرن أو يزيد.. وكان "علي عبدالله صالح" مفتونًا مشدوهًا بمن سبقه في "الرئاسة والمُلك والزعامة".. وفي كل مرة يعود إلى "اليمن السعيد" سعيدًا رافعًا رأسه الذي تساوى مع جمال عبدالناصر.. صدام حسين.. القذافي.. وملوك وأمراء الخليج الثري.. ومع الأيام بات "زعيمًا" في مرآته.. ثم "زعيمًا" في عيون شعبه.. والشعب– أي شعب عربي– على ما يربيه "زعيمه".. أو إن شئت قل إن كليهما– الشعب والزعيم– يصنع الآخر..!

لايزال جالسًا غير مصدّق.. يسأل نفسه محدقًا في "الجالسين": أبهذه السهولة أموت؟!.. ماذا سأفعل الآن؟!.. وأي مصير ينتظرني؟!.. رايح الجنة ولّا النار؟! يهز رأسه بـ"يقين": أكيد الجنة.. أنا حكمت "بلدي" بالحكمة والعقل والعدل.. وبعدين أنا بشر برضو.. وكل ابن آدم خطّاء.. والأهم أن مئات الآلاف اللي ماتوا في الحروب الداخلية كانت دي أعمارهم.. ولازم كمان ناس تموت علشان "أرجع للسلطة" وأواصل مسيرة البناء والتنمية..!

صمت قليلاً.. وعاد محدثًا نفسه: بس .. إزاي كل "الزعماء" دول قاعدين هنا من سنين طويلة؟!

لم يكد يكمل سؤاله "الجوّاني".. حتى بادره الزعيم رقم (1) بصوت أجش لا يخلو من "كاريزما": أهلاً يا "علي".. إيه اللي عملته في "اليمن"؟! .. البلد ضاع وإحنا اللى حاربنا علشانه سنين وسنين؟!

علي "مخضوضًا" والله ما عملت حاجة.. أنا كنت باحرره من الأعداء..!

زعيم رقم (1): أعداء إيه يا راجل .. ده إنت تحالفت مع الأعداء.. ولّا "الحوثيين" بقوا أصدقاء وإحنا ما نعرفش؟!

علي: التحالفات في السياسة والحكم حاجة عادية خالص.. وبعدين أنتم السابقون ونحن اللاحقون..!

زعيم رقم (2) بحدّة: سابقون إيه يا "علي".. إنت كمان طلعلك صوت.. الله يرحم أيام زمان.. واضح إن الدنيا اتغيرت كتير..!

علي: الله يرحم الجميع يا باشا..!

زعيم رقم (2): سيبك من "اليمن" اللي ضاع .. إيه أخبار العراق؟

علي: أي عراق يا ريس؟! .. مفيش عراق واحد.. فيه "عراق السنة وأمريكا" .. "عراق الشيعة وإيران".. "عراق الأكراد"..!

شهق الزعيم (رقم 2).. وقبل أن ينطق.. أوقفه الزعيم (رقم 3) .. وسأل "علي عبدالله صالح" بشغف شديد: وسوريا يا "علي"؟!

علي متشفيًا: والله أسوأ من العراق.. الحرب بين الجميع.. والموت في كل "البيوت".. تقدر تقول كده يا "زعيم" مفيش سوريا..!

زعيم (رقم 4) بلهجة تخالطها عظمة مصطنعة: ليبيا.. ليبيا يا "علي" .. إيش الوضع؟!

علي ساخرًا: أهلاً.. كيف أحوالك يا "قائد" .. ليبيا راحت.. شوفت فيلم "خرج ولم يعد".. ليبيا كده يا فندم..!

زعيم (رقم 5) متوجسًا: والخليج يا "شاويش"..!

علي، وكأنه بلع الإهانة: الخليج "سموّك" على كف عفريت.. جاي بس متأخر شوية.. الفلوس سانداه حبتين.. الأمريكان محددين له "وقته" لكن بعد ما يلموا القرشين..!

زعيم (رقم 1) ينهر الجميع بحضوره الطاغي: كفاية كده.. واضح إن الوطن العربي كله ضاع.. قاعدين تسألوا عن "قضايا فرعية" وناسيين القضية المصيرية.. فلسطين.. القدس يا جماعة.. اللي دفعنا علشانها ملايين الشهداء.. ثم نظر إلى "علي" بحدة عينيه وقوة شخصيته: أخبارها إيه؟! .. أرجوك مش عايز اختصار.. قل لنا كل التفاصيل..!

ضحك "علي" مقهقهًا.. بينما ساد الصمت المكان.. وتعلّقت الأعين صوب "فمه".. وقال: سبحان ربي.. شوف بقولهم إيه على الدول العربية.. وبعدين يسألوني عن فلسطين؟!

ثم نظر إلى الزعيم (رقم 1) قائلاً: الموضوع مش محتاج شرح "ورغي" كتير .. شوف يا "زعيمنا".. خلال ساعات قليلة ستعلن "أمريكا" اعترافها بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل.. عايزين تفاصيل إيه؟!

صرخ الجميع.. ونهض "الزعيم رقم 1".. وأمسك برقبة "علي عبدالله صالح" حتى كادت "روحه تطلع من روحه": إزاي ده حصل.. إنتم كنتم فين.. وعملتم إيه.. فين الشعوب العربية.. فين الزعماء.. "فين الدم الحامي.. فين"؟!

أزاح "علي" يديه.. ووقف أمام "الزعماء" الذين طأطأوا رؤوسهم، وصرخ: بتسألونى أنا؟!.. اسألوا أنفسكم.. مش قلت لكم "أنتم السابقون ونحن اللاحقون"..؟!

ثم استعاد "علي" هدوءه.. ورمق المكان الغامض متفحّصاً.. وسألهم وجسده يرتعد: ماحدش جاوبني عن سؤالي: جنة ولّا نار؟!

بادلوه نظرته بنظرات أسى ممزوج بالحيرة.. ولم يرد أحد.. فصرخ: حد يقولي .. إنتم قاعدين هنا من زمان ليه.. وإحنا مصيرنا إيه.. جنة ولّا نار؟!

فردوا جميعًا بصوت واحد: لا جنة ولا نار..!

إعلان