إعلان

الحبيب الجفري: الحديث عن تنقيح الترات فضيحة.. الإرهاب ليس فكرا.. "حوار"

12:01 م السبت 18 مايو 2019

الحبيب علي الجفري في ضيافة مصراوي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود مصطفى:
قال الحبيب علي الجفري، الداعية الإسلامي، إن الحديث عن تجديد الخطاب الديني، أشبه بالموضة، على الرغم من أنه يعد مطلبًا شرعيًا وواقعيًا.
وأضاف الجفري، في الندوة التي عقدت بموقع مصراوي، أن الحديث عن تنقيح التراث فضيحة، مضيفا: "علينا أن نتحدث عن تنقيح العقول بدلا من أن نتحدث عن تنقيح التراث"، وإلى نص الحوار:

كيف ترى عملية تجديد الخطاب الديني؟

تجديد الخطاب الديني مطلب شرعي وواقعي، ومن لا يقبل التجديد يُقصى، لأنه سنة كونية أوجدها الله في العالم، بالفكر والعمل والمنهجية وأسلوب التخاطب وطريقة الحياة، وكل شيء من ذلك لا يقبل التجديد يُنحّى، فالحياة تسير وتتجدد، والتجديد من جهة الواقع مفروض، ومن جهة الوقت أيضا مفروض، وهو من فروض الكفاية في الإسلام، حتى أن الحبيب صلى الله عليه وسلم، أخبرنا أنه على رأس كل قرن يأتي من يجدد للأمة أمر دينها، سواء كانوا فردًا أو أفرادًا أو مؤسسات، فهو جهد تكاملي.

هل تعني أنه أمر يجب فعله؟

دعونا نخرج من مرحلة هل ينبغي أم لا؟ هو فريضة واجبة، وأتفهم التحفظات الموجودة لدى البعض نحو التجديد، خوفا من تحول الأمر إلى تمييع أو تحريف للدين، لكن هذا النوع من الحذر، لا ينبغي أن يمنع أداء هذا الواجب.. ومفهوم التجديد إذا ربطناه بتصحيح المفاهيم، فإن التصحيح جزء من التجديد، والتجديد مفهوم أوسع من تصحيح المفاهيم، والتصحيح هو الجزء الإطفائي للتجديد إن صح التعبير، لدينا الآن حريق مشتعل، أحد أسباب اشتعاله مفاهيم مغلوطة عن الدين وُظّفت سياسيا واقتصاديا من قبل أُناس من الداخل والخارج في إطار صراع سياسي اقتصادي في المنطقة، لإيجاد ما نسمع عنه اليوم من حرب على الإرهاب، والجزء المهم هنا أن هناك اتكاء على نصوص دينية، تحتاج إلى تصحيح المفاهيم في التعامل معها، وهذا ما يسمى بالعمل الإطفائي، وهناك ما هو أعمق من تصحيح المفاهيم وهو الجزء الثاني من التجديد، وهو تجديد الأحكام الفقهية في المسائل الاجتهادية.

2

هل يمكن تجديد الأحكام الفقهية؟

هناك مستجدات للتطور السريع الذي تعيشه البشرية، وهناك تغير سريع مقبل يتطلب إعادة النظر وصياغة رؤية متجددة، قادرة على التعامل والاستيعاب، والجزء الأخير في التجديد، هو ما يمكن أن نسميه بالنموذج المعرفي، وتعني ما هي المنطلقات الفلسفية التي على أساسها يحصل الاستحسان والاستقباح في كل عصر؟ والنموذج المعرفي الموجود في العالم حاليا، نموذج مرحلة فلسفة ما بعد الحداثة، وأزعم أنه آيل للسقوط، بعد أن أعلن فشله بالعدمية الموجودة فيما بعد الحداثة، والعدمية جعلت مرحلة فيما بعد الحداثة تقضي على نفسها بنفسها، وهذا يتطلب وجود رؤية جديدة للعالم على مستوى البشرية، لا أزعم أننا من نؤسسها، ولكن أطالب بأن نشارك في تأسيسها، نحن لم نكن يوما من الأيام جزءا من مطبخ الفكر الإنساني، في المرحلة التي سُميت بالتنوير إلى يومنا هذا، آن الآوان كي نجلس على الطاولة، ولكي يحدث ذلك، يجب أن يكون لدينا نتاج فلسفي محترم حقيقي من الصناعة الفكرية الثقيلة، حينئذ نكون في شراكة، عِوضًا عن أن نكون مستلِهكين فكريين، والكلام عن التجديد أصبح أشبه بالموضة، وأصبح الكل يتحدث فيه.

الأمة متأخرة بقرون عن المشاركة الإنسانية مع العالم

البعض أصبح يتخوف من مصطلح التنوير.. هل يوجد تصادم بينه وبين الدين؟

الغالبية في المنطقة لديها مشكلة في التعامل مع المصطلحات من مختلف الاتجاهات الفكرية، المعنى اللغوي للتنوير كلنا ننشده، ولكن الاصطلاحي نتاج حقبة انتهت، وتجازوها العالم، وبعض المثقفين لا يزالون يجترون هذه الحقبة بالرغم من تجازوها، وهناك مباحث تدرس انهيار ما بعد الحداثة، وتهيؤ العالم لمرحلة تليه بعد هذه المرحلة، نحن متأخرون قرونًا عن المشاركة الفكرية الإنسانية الحقيقية مع العالم، عن طرح يستطيع العالم أن يحترم التعامل معه، وينبغي أن نتجاوز ذلك، العالم سيبدأ تشكيل فكرة جديدة لا بد ألا نغيب عنها هذه المرة، والتحسس من كلمة التنوير له وجاهة، لأن الكلام عن التنوير جاء عقب حرب قامت بين الكنيسة والإقطاعيين والملوك، أُشركت فيها الشعوب.

3

الكلام عن تنقيح التراث فضيحة أكاديمية

وماذا يعني تنقيح التراث ومن هم المنوط بهم إجراءه؟

الكلام عن تنقيح التراث أكبر فضيحة أكاديمية يمكن أن نواجه بها العالم، وهذا في العُرف الأكاديمي يسمى خيانة، قال لي أحد الأكاديميين بجامعة كامبريدج وهو غير مسلم، أثناء حضوري أحد المؤتمرات "هل صحيح أنكم وصلتم من السطحية لدرجة أن تشطبوا بعض العبارات من الكُتب؟ قولت له هذا جاء من بعض السطحيين الذين حاولوا تقليدكم بطريقة غير واضحة، لم يفهموا ما يقولون، ويقولون ذلك كي يتحول إلى واقع عندنا، هذه فضيحة كبرى، لا يوجد شيء اسمه أن تشطب كلاما كتبه مؤلف، وهناك شيء اسمه تنقيح العقول التي تطالع التراث، لدينا تراث جزء منه معصوم "القرآن الكريم وصحيح السُنة"، وجزء منه اجتهادي "الأحاديث المختلف على صحتها، واجتهاد العلماء في فهم الكتاب والسنة"، والجزء الأخير قابل لإعادة النظر، والجزء المعصوم فهمه قابل لإعادة النظر، الآيات القرآنية قطعية الثبوت ولا شك أنها من عند الله، ولكنها ليست كلها قطعية الدلالة، ومن هنا أود أن أقول أن الكلام عن تنقيح التراث فضيحة "لا تفضحونا أكثر مما فُضحنا بسطحية بعض المثقفين أو أنصاف المثقفين اللي عندنا، دعونا نتكلم بشيء منهجي أكاديمي علمي، يحترمه العالم، لا تقولوا تنقيح التراث، قولوا تنقيح العقول".

البخاري ليس كتابا للأحكام الفقهية

البعض يستخدم جزءًا من أحاديث البخاري لارتكاب أعمال إرهابية.. هل كل ما جاء في كتابه صحيح؟

البعض يحاول أن يتكيء على النصوص الموجودة في صحيح البخاري، ويوهمنا فيما يطرحه من تشكيك في البخاري أنه سيحل كل مشاكل الإرهاب، لو تم هدم الاستدلال بتلك النصوص، وهذا لا يمتلك أسلوبًا علميًا، دعونا ننضج قليلا، لو سألتم لقيل لكم "البخاري ليس كتاب أحكام فقهية"، بمعنى أنه لا يصح أن نأخذ منه نصا ونذهب لتنفيذه، وإنما هو كتاب حديث، الأحكام الفقهية لا يمكن أخذها حتى من القرآن والسنة إلا بعد أن تمر عبر علم أصول الفقه، والاجتهاد يجب أن تكون معه أدوات، وهناك شخص ما انتقد صحيح البخاري وأخطأ في قراءة اسمه، هناك شيء اسمه احترام العقول والمنهجية، والخروج عن حالة العبثية التي نعيشها في كل شيء، آن الآوان أن نتعامل بمنهجية.

وجود الإسلاميين في المشهد جزء من الفوضى التي نعيشها

بما أنك تحدثت عن الهلامية في كل شيء.. كيف ترى حضور الإسلاميين في المشهد الجزائري والسوداني؟

حضور الإسلاميين جزء من الفوضوية التي نعيشها اليوم، لأنه أصلا نشأ فوضويا، ولم يقم على أساس مخرج شرعي كما يبنغي عند مؤسسي العمل الإسلامي، المؤسسون ليس فيهم عالم شرعي واحد، لا يوجد عالم شريعة واحد بين مؤسسي الجماعات الإسلامية، "الإخوان مثلا"، والمرحلة الثانية القطبية لم يكن في قيادتها عالم شريعة واحد، وهنا أقول الشرعي وليس السياسي، لأن الذي يتحدث من منطلق إسلامي، ويقول إنه جاء بمشروع إسلامي، والفترات الماضية رأينا هذه الفوضى تظهر في النتاج، حتى قبل دخولهم حلبة العمل السياسي، وتوليهم الحكومات بعد 2011، أيام كانوا يتحدثون عن الاقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية.

4

هل تعاملت مع هؤلاء؟

هذه الجماعات عقدت دورات تدريبية عن الإدارة الإسلامية، وناقشتهم فيها، والحقيقة وما آلمني، لم أجد فيما قالوه أي إدارة إسلامية من حيث المنطلقات، رأيت الإدارة الرأسمالية المتوحشة أُلبست ثوب الإسلام، هذه فوضى مهدت للفوضى التي في الواقع بعد ذلك، تحدثوا كثيرا عن المشروع الإسلامي السياسي، وما رأينا نظرية واحدة تصمد، وهذا تسبب في أن يكون دورهم فوضويًا أو يكونوا جزءا من الفوضى التي تشهدها المنطقة، لا من تصحيح الوضع بها، ثم المعاناة لأكثر من 80 عاما للكد والكفاح للوصول إلى الحكم، بتوهم أنه بمجرد الوصول ستنصلح الأمور، وبعد هذه المعاناة الطويلة، ما إن وصلوا إلى الحكم، وجدوا أنهم ليس لديهم ما يديرون به البلدان، تخيل 80 عاما من التجهيز للوصول للحكم، وما إن تصل تكتشف أنك لا تسطيع أن تُدير، وليس لديك مشروع حقيقي، والصدمة الثانية أن ينتهي العام ويفقدوا الظهير الشعبي، الذي كان يساندهم في السابق أمام الحاكم، عند حدوث مشكلات وصدامات معهم، ولم تفدهم التحالفات التي عقدوها مع الخارج من عام 2004، وبرغم كل ذلك لم يعطوا أنفسهم وقتا للراحة أو ما يسمى "استراحة مُحارب".

وكيف ترى الأمر؟

أود أن أقول ردا على السؤال أنا غير متفائل من محاولاتهم، غير متفائل من أنهم سينجحون، وإذا نجحوا أنا غير متفائل بالنتائج المترتبة على النجاح، لأني أرى أنهم لا يملكون ما يقدمونه في هذ الباب، وطوال الـ80 عاما كان لديهم تعليم ديني وأخلاقي، وكلما تورطوا أكثر في المشاركة السياسية، كلما كانت الخسائر في المنطقة السياسية أكثر، لأن مشاركتهم لن تعدو كونها إحدى وسائل الضغط الخارجي على دولهم، وبالتالي ستضطر تلك الدول التي تحاول أن تنهض من جديد إلى دفع أثمان غالية لتجاوز أمثال هؤلاء.

هل تحذر من المرحلة المقبلة؟

نحن مقبلون على مرحلة غاية في الحساسية وهي القضية الفلسطينية وملف القدس والمسجد الأقصى، وهؤلاء عبثوا بالقضية على مدى 50 عاما، إلى الحد الذي أفقد الشارع التعامل مع القضية، في الانتخابات يرددون "على القدس رايحين شهدءا بالملايين"، ولديهم مشكلات مع الحكومة منذ التسعينات يرددون "غزة.. غزة"، إلى أن قال الناس فلسطين للفلسطينيين، وفقد الناس التفاعل مع المسجد الأقصى، على الرغم من أننا مقبلون على مرحلة فارقة للمسجد الأقصى، وهي معركة بقاء، والمسجد الأقصى أصبح مهددا، لم يعد لدينا وقت للمراهقة السياسية، والذي يُقبِل علينا في المنطقة هو غاية في الحساسية، والمرحلة التي بدأت في 2004 لم تنتهي إلى الآن، وانعكاساتها السياسية لم تنتهي، والمرحلة المقبلة بها معارك أكبر بكثير، على المستوى الإنساني البشري، ونحن الآن كلما خطونا خطوة يغمرها الكثير والكثير من الجدليات غير المدروسة، والتي لا تنتهي بنا إلى رؤية بناء، كل منا يصر على أن طريقة البناء هي الرؤية التي يراها.

6

الخطاب الخادع للجماعات الإسلامية سبب في إلحاد كثير من الشباب

هل الخطاب الذي قدمته تلك الجماعات أدى بالكثير من الشباب في المجتمع العربي إلى الإلحاد؟

نعم هو إحدى العوامل التي أدت إلى إلحاد الشباب في المجتمعات العربية، ويوجد عدد غير قليل من الشباب حينما اصطدم بتصرفات الإسلاميين، حتى من أبناء الإسلاميين أنفسهم، وحينما رأوا كذبهم وسوء إدارتهم للأمور، وأن عصر التمكين حينما جاء لم يحدث أي شيء، ألحدوا، وجلست مع البعض منهم، إضافة إلى العنصر السابق هناك الأُمية الدينية، وقُبح الصوت العالي للخطاب الإسلامي خلال الـ30 عاما الماضية، والتخلف الذي تعيشه أمتنا ومنطقتنا عن ركب التقدم التقني في العالم، وبعض الشباب ممن تأثروا بالإلحاد سألوني "من اليوم إرهابي غير المسلمين؟"، الإرهاب الذي يرتكب ليس فكرا فقط، وإنما هو نفسية تبحث عن فكر يبرره، فإذا كان صاحب النفسية الإرهابية مسلمًا صار داعش أو إخوان أو سلفية جهادية، وإن كان علمانيًا صار مثل هتلر أو جورج بوش الإبن الذي أحضر الديمقراطية للعراق على ظهور الدبابات، فالمشكلة، ليست فكرية، وإنما نفسية تبحث عن فكر يبررها، والسبب الرابع ليس أصليًا للإلحاد هو الانفتاح المفاجئ على الفلسفات المختلفة.

هل من الممكن إرسال دعاة إلى الدول التي تشهد صراعات مثل "ليبيا أو سوريا" لتأهيل الشباب هناك؟

سؤال صعب، ولكن من الممكن إرسال دعاة للمخيمات والسجون، أما بؤر الأحداث أعتقد أن الوضع بها لا يسمح بذلك، رغم وجود الكثير من الدعاة مستعدون للتضحية بأنفسهم من أجل ذلك، ولكن هل الوضع هناك يسمح لأحد بأن يستمع إلى أحد؟ هذا السؤال يُبنى عليه جزء مهم، لماذا لا يكون هناك إعادة تأهيل للشباب المتواجدين في المخيمات؟ ومراجعات للشباب الذين انحرفوا فكريا ممن شاركوا في العمليات الإرهابية في بلادهم، قبل أن تتخطفهم الدول، أمر مشابه للوضع المصري، من حيث جهد أمن الدولة في التسعينات، وكانت من أنجح المراجعات التي تمت في المنطقة كلها، لابد من التفكير الجاد في ذلك، وإذا لم يتم، سيؤدي إلى تكرار تولد الإشكالية إذا حانت الفرصة.

الخلاف بين السُنة والشيعة.. كيف لنا كمسلمين أن نتغلب على هذا الشقاق؟

دورنا كسُنة، أن ندرك أننا الأصل والأوسع والأكثر، السنة يتجاوزون 85% من المسلمين، لا أقول هذا تفاخرا، بل لأتحمل مسئولية أكبر، بما أننا نحن السنة، الأكثرية فيجب أن نستوعب الأقلية، هذا وعي، واستطعنا أن نستوعب الشيعة والأباضية قبل ذلك، ووقعت صدامات في تاريخنا، ولكن في نهاية الأمر تمكنا من استيعاب الأمر، حتى في الأوقات التي تولى فيها الأمر غلاة الشيعة، الموضوع لم يعد طائفيا، والخلاف الطائفي محله المساجد، وليس وسائل الإعلام، وما يحدث اليوم من حروب ودماء ليست سنية ولا طائفية، ومن يقول ذلك يعيش سطحية لا منتهى لها.

ما هي هذه الحروب إذًا؟

حرب سياسية أُلبست ثوب الطائفية، واللعبة السياسية في المنطقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جانب والصين وروسيا من جانب آخر على المكتسبات، ألبست ثوب "السنة والشيعة"، في العراق يتعايش السنة مع الشيعة، ولم تبدأ الحرب بينهم إلا بعد الاحتلال الأمريكي في 2003، الخطابات الدينية والقنوات المجنونة التي تسب السيدة عائشة والصحابة، وتحرض السني على الشيعي والعكس، والاثنان خاسران، والذي يجب علينا أن نفعله سحب هذا الملف من يد لاعبي السياسية، بيننا وبين الشيعة خلافات عقدية، وهم في كتبهم الأصيلة يكفرون السنة، ونحن لا نكفرهم إلا من قال بنص القرآن أو صرح بالإفك في حق السيدة عائشة رضي الله عنها، والآن تغيرت المسألة، بسبب تصدي الصداميين من المنتسبين للسنة للمشهد، الذين ليس لديهم لا الفهم ولا العمق، فصاروا يجاهرون بتكفير الشيعة.

بعض العلماء تمكنوا مؤخرًا من تصوير الثقب الأسود.. البعض يردد أن ذلك يعد مدخلا للعالم الإلهي أو انتهاء المادة هل هذا صحيح؟

جزء من هذا الموضوع علمي بحت، والجزء الفيزيائي لن أجيب عنه، لأنني لست متخصصا، والجزء الثاني هو صلة ذلك بالإيمان بالدين والفلسفة، حدثت استعجالات كثيرة في الـ30 سنة الماضية، من محاولة إلباس النظريات العلمية ثوب الإعجاز العلمي في القرآن، وأنا لا أنفي وجود إعجاز علمي في القرآن، لكن لا أرى أن القرآن كتاب إعجاز علمي، هناك نوع من التهور حدث في التعامل مع النظريات، بمعنى أنه حينما يتم اكتشاف نظرية ما، يردد البعض قائلا "وجدت لها آية" لقد تم التحدث عن تلك النظرية قبل 1400 عاما، ما هذا؟ أغلب من أسلموا في الغرب ليس بسبب الإعجاز العلمي في القرآن، بل بسبب الإعجاز الروحي والأخلاقي، نحن لدينا ماض غير مُشجع، ولدينا حاليا الطيش الإلحادي، وصار لدينا ما يسمى بالإعجاز العلمي في الإلحاد.

البعض تحدث عن أن الثقب يفتح الرؤية لعالم آخر..؟

السؤال المحدد هنا، هل يمكن للثقب الأسود أن يُخرق عالم الملك إلى عالم الملكوت؟ وإلى عالم الغيبيات؟ لا، هذا العالم لا يُخرَق إلا عبر ثلاث حالات "شفافية وروحانية ونورانية الإنسان، ولحظة الموت حينما تبلغ الروح الحلقوم، وحال قيام الساعة"، غير ذلك لا يمكن لجدار المادة أن ينكشف، والثقب الأسود عبارة عن دلائل ورسائل تجعل الإنسان يشعر بضآلته أمام هذا الكون الكبير، ويتواضع في العلم الذي اكتشفه، وكل ما يكتشفه الإنسان هو في السماء الدنيا.

ما أهداف مؤسسة طابة للأبحاث ودورها في تجديد الخطاب الديني والتواصل مع المثقفين والنخب وغيرهم؟

الفكرة قالها لي مفتي الأردن السابق الشيخ نوح القضاة، وتم إنشاء المؤسسة لخدمة الخطاب الشرعي، واستغرقنا ما يقرب من ثلاث سنوات ونصف لتحديد الرسالة الواضحة للمؤسسة، لأننا أجرينا تجارب على أرض الواقع، والرسالة كانت منذ 11 عاما من الآن، وهي كيفية إعادة تأهيل الخطاب الإسلامي المعاصر للاستيعاب الإنساني، وبعد عشر سنوات أضفنا كلمة " الإسهام في إعادة تأهيل"، لأننا اكتشفنا أن المهمة ثقيلة.

ما أقسام المؤسسة؟

القِسم الأول الأساسي في المؤسسة هو مشروع ترتيب العلوم، وهو نوع من الصناعة الفكرية الثقيلة، يبحث في تجديد النموذج المعرفي الفلسفي، واستغرقنا ما يقرب من خمس ونصف كي ننتهي من ثلاث ورقات بحثية فقط، وتم الانتهاء منها.. والنوع الثاني من المشاريع هو المبادرات " سند" وهي مبادرة لمحاولة تفكيك الفكر الديني المتطرف بطريقة تفنيد أحد المسائل بطريقة شرعية وصياغة ذلك بطريقة سهلة، أو إنتاج فيلم قصير، وترجمة ذلك إلى 15 لغة، ولها صفحة على موقع "فيسبوك" تجاوز زوارها 900 ألف، وما يقرب من مليون ونصف المليون مشاهدة، ونوع آخر هو مبادرة سؤال لمواجهة التطرف اللاديني، وخلال ثمانية أشهر تلقت الصفحة 600 ألف سؤال، وجار العمل على تحليلها، ونعقد ورش عمل ومبادرات تتم ترجمتها، وهناك أيضا مبادرة يتم العمل عليها الآن، وهي محاولة خدمة التصوف، بصياغة تتناسب مع انشغالات الناس اليوم، والعمل على تزكية الأنفس، ومبادرة أخرى عن الدراسات المستقبلية، ونسعى من خلالها التأسيس لعلم الدراسات المستقبلية، ولدينا قسم " إعلامي ـ إداري" لخدمة هذه المبادرات.

منذ فترة تعرض اللاعب محمد صلاح لهتافات عنصرية من جمهور "تشيلسي" كيف يرد المسلم على تلك الهتافات في الغرب؟

ما يسمى الإرهاب الإسلامي "الإسلاموفوبيا" الذي ينتج عنه الهتافات العنصرية، أو التصرفات الجسدية المؤذية، يحتاج أن يتصرف معها عبر ثلاث طرق "تصرف باطن وتصرفان ظاهران"، أن يطلع المولى عز وجل على قلب المؤمن فيرى فيه القدرة على المسامحة والحب والرحمة تجاه الشخص المسيئ له، وإذا نظر المولى عز وجل ورأى ذلك، معنى ذلك أننا أقوياء بالله، ولسنا ضعفاء، وأن هؤلاء لو تمكنوا من أذانا جسديا، لن يتمكنوا في بواطننا، ولن نسمح لهم بالانتصار على قلوبنا، وهذه خطوة جبارة ستزلزل حالهم، فأصحاب الإرهاب الإسلامي مساكين ضعفاء، يجهلون ماهو الإسلام، وتم تخويفهم من قبل ساسة مجرمين، لصالح الأصوات الانتخابية، وهم بحاجة إلى أن يفهموا، وحينما يروا الأخلاق المسلمة في التعامل، يفهمون الإسلام.

هل لديك رسالة تريد توجيهها لمحمد صلاح؟

الرسالة العملية التي أريد توجيهها لمحمد صلاح، حينما يواجهك شيء من ذلك قل لهم شكرا، وابتسم.. عالج الأمر بالابتسامة، لأن هذا هو الذي سيداوي الأمراض في قلوبهم، هم يفعلون ذلك لأنهم مذعورين، وإذا لم تهتز أنت، ستعالج اهتزازهم، والمشكلة التي لديهم، هم أناس مرضى، لا أعطي لهم عذر، العنصرية مقيتة دائما، هؤلاء ضحايا إعلامهم واليمين المتطرف لديهم.

فيديو قد يعجبك: