إعلان

تاريخ لا يُنسى بالتقادم.. حوار دار بين هيكل وأينشتين عن العرب واليهود

10:42 ص الخميس 18 فبراير 2016

هيكل وألبرت أينشتين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – عبدالله قدري:

ظلت حياة الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل مفعمة بالأحداث والمواقف التي صنعت التاريخ، فـ"الاستاذ" لم يكن راويًا أو ناقلًا للأحداث التاريخية فحسب؛ بل شارك في صنعها، وأصبح جزءًا منها، وبقيت حواراته ولقاءاته مع قادة وزعماء العالم باعثة على تأريخ الحاضر، وتشكيل ملامح المستقبل، وباتت المصطلحات التي صكها دليلًا للباحثين، تتهادى إليهم جيلًا بعد جيل، لا تسقط بالتقادم، وبقيت حية طازجة إلى يومنا هذا.

طوال حياته، تعرض الكاتب الكبير، لشخصيات تاريخية، نقرأ عنها بين دفتي الكتب، ونسمع عنها في المذياع، ونراها عبر شاشات التليفزيون، نقلها إلينا في كتابه "زيارة جديدة للتاريخ"، لكنها كانت تقصد المستقبل، وتقدم تحليلًا للواقع المصري والعربي.

مصراوي ينشر مقتطفات من حوارات للكاتب محمد حسنين هيكل مع قادة وزعماء العالم في القرن الماضي، كان أبرزهم ألبرت أينشتين، وجواهر لال نهرو رئيس وزراء الهند الأسبق، وخوان كارلوس ملك إسبانيا، والجنرال الانجليزي مونتجمري، وديفيد روكفيلر وشاه ايران محمد رضا بهلوي، وقائمة لا تنتهي نوجزها فيما يلي:

1- أينشتين وحديث حول العرب واليهود

دار حول بين هيكل وألبرت أينشتين في عام 1952 بقاعة استقبال بجامعة برنستون بأمريكا، للبروفيسور الألماني المولد ذو الأصول اليهودية، وعلم أينشتين أن هيكل على صلة جيدة بالضباط الأحرار في مصر الذين قادوا ثورة 23 يوليو ضد النظام الملكي، وكان حال الوجود اليهودي في الشرق الأوسط، وبالأخص فلسطين، يشغل بال أينشتين ، وهو ما جعله يطرق باب هذه المسألة الحساسة لديه مع هيكل.. ودار بينهما الاتي:

أينشتين: هل تعرف ما الذي ينوون عمله بأهلي من اليهود الذين يعيشون في فلسطين؟

دُهش هيكل من السؤال وسادت لحظة صمت.. (لم يصنف هيكل أينشتين على أساس عرقي أوديني، كان يظن أن عالمًا فقط..وكان هذا سبب الدهشة). قطعها أينشتين بقوله: اهتمامي باليهود إنساني.. واهتمامي بإسرائيل إنساني – أيضًا- عشتُ معهم في ألمانيا ما تعرضوا له قبل الحرب وتركتهم مبكرًا قاصدًا أمريكا، صحبة وايزمان- أول رئيس لإسرائيل – لقد أراد مني أن أشارك في جمع تبرعات لصالح الجامعة العبرية بالقدس ووافقت.. هم أهلي وأنا أعرف الناس بما تعرضوا له، وأشاركهم حلم الوطن، أن يكون لهم وطن لا يضطهدهم فيه أحد... لأريدهم أن يضطهدوا العرب، فعرب فلسطين لهم الحق في الوطن الوحيد الذي عرفوه.. ما كان يحزنني فيما جرى في ناحيتكم من العالم سنة 1948، وبدا لي أنه صراع بين حقين". باختصار، موقفي مع اليهود إنساني، ومع العرب إنساني. لقد سعدت بقيام وطن لليهود في فلسطين.

هيكل: إن لك نظرة عالمية شاملة..تجعلني اتساءل عن جذورها في تفكيرك؟ هل مرجعيتها إلى يهوديتك التي لا تعرف وطنا أو إلى كونك عالما مهتم بالكون وأسراره التي لا تعرف الحدود الوطنية؟

أينشتين: لا أعرف. ولكني آمل أن تفهمني إذا قلتُ لك أنني لستُ متدينًا، الهوية بالنسبة لي هوية ثقافية.. مواريث حضارية إنسانية.. العلم شاغلي حضاري إنساني. ليبس هناك مثل هذه الخطوط الحادة تقسم وتفرق وحدة الكون والحياة ووحدة الكون، الذي ينتظم الكل في حركته.

إنني عشتُ في ألمانيا ايام القيصر، وبداية أيام هتلر، وكان أول شعور اكتشفته هو كراهية الحرب.

فكرة أن تأخذ أحسن عناصر الشعب( الشباب) ثم تعلمه شيئين القتل، وإطاعة الأوامر حين يصدر إليه أمر بالقتل. هكذا فإن فكرة الحرب تقتل الحرية. ليس هناك رجلا يستحق أن يكون يهوديا أومسيحيا أو مسلما، إذا كان مستعدًا للقتل، إذا صدر إليه أمر بذلك.

ينطلق الحديث بين أينشتين وهيكل ويتحدثا عن نظرية النسبية، وعن القنبلة النووية، ليصلا في ختام الحديث إلى ثورة 23 يوليو وتنظيم الضباط الأحرار، ومن خلال سياق الحديث بينهما تحدث هيكل عن الثورة وعن الضباط الأحرار وعن قائد الثورة الحقيقي، وهو الكولونيل جمال عبدالناصر..هنا عاد أينشتين وسأل هيكل عن عبدالناصر: ماذا يريد هذا الكولونيل من اليهود وإسرائيل؟

هيكل: لا أظن أن الجنرال محمد نجيب أو الكولونيل عبدالناصر أو شباب الضباط لديهم مشكلة اليهود كيهود..المشكلة مع إسرائيل الدولة وخططها العدوانية ضد الفلسطينين والعرب. هنا المشكلة".

-كان هذا جزءًا من حوار طويل دار بين الراحلين بأجسادهما، الخالدين بأعمالهما، حاول مصراوي أن يتناول - باختصار - أبرز ما جاء في الحوار الذي كان في الغابات المحيطة بجامعة برنستون بالولايات المتحدة.

فيديو قد يعجبك: