إعلان

في عيد العمال.. 15 منظمة حقوقية: الإضراب حق دستوري

02:09 م الجمعة 01 مايو 2015

أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت ـ هاجر حسني:

أصدرت مجموعة من المنظمات الحقوقية تقريرا بعنوان "الإضراب حق دستوري" تناولت فيه مصادرة الحق في الإضراب وتجريم ممارسته.

وقالت المنظمات في بيانها، اليوم الجمعة، إن احتفال الدولة بعيد العمال هذا العام مختلفاً عن كل الأعوام السابقة، ومعبراً عن المسار السياسي والاقتصادي الذي تنتهجه، و بدا للكافة أن هديتها للعمال هي محاصرة الحق فى الإضراب، مشيرة إلى اجتماع رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، مع قيادات عمالية لترتيب الاحتفال بعيد العمال وطالبهم بتشكيل لجان عمالية لمنع الإضراب وبتاريخ 27/4/2015 أقامت الدولة احتفالاتها الرسمية بهذا العيد بمقر أكاديمية الشرطة، وبصرف النظر عن الدلالة السياسية للمكان، فقد أعلن رئيس اتحاد العمال الرسمي في هذا الاحتفال عما أسماه بـ "ميثاق شرف عمالي" تعهد فيه العمال برفض الحق في الإضراب.

وتابعت "في صباح اليوم التالي صدر بيان من النيابة الإدارية استعرضت فيه أجزاء حيثيات حكم أصدرته المحكمة الإدارية العليا بحظر وتجريم الحق في الإضراب، وأقر عقوبة الإحالة للمعاش حال قيام الموظفين بممارسته بزعم مخالفة الإضراب للشريعة الإسلامية، وأن التزام مصر بالعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي أباح الحق في الإضراب مُقيد بأحكام الشريعة الإسلامية".

وشددت المنظمات على أن تاريخ مجلس الدولة المصرى فى حماية الحقوق والحريات وفي القلب منها الحريات النقابية لا يقل عن تاريخ مجلس الدولة الفرنسي بل ويربو عليه في العديد من المبادىء، لافتة إلى أن حكم الإدارية العليا بما تضمنه من مبادىء وتفسيرات لا تحاصر فقط الحق في الاضراب بل تجرمه وتجعل الإحالة للمعاش هي العقوبة التي تُطبق على كل من يمارسه من الموظفين العموميين، أمراً جلل ستكون له آثاره القانونية على حقوق وحريات الموظفين العموميين.

وأوضحت المنظمات خلال تقريرها عدداً من الحقائق القانونية والدستورية بشأن تلك الواقعة نوجزها في الآتي:

أولاً: أن الموظفين الصادر ضدهم الحكم هم (17) موظف من العاملين بالوحدة المحلية بقرية قورص مركز أشمون منوفية، عن احتجاجات عمالية جرت بالوحدة بداية من يوم 13/6/2013 بما يمثله هذا التاريخ من مدلول سياسى واجتماعى على الحراك الجماهيرى فى كل ربوع مصر وليس هؤلاء الموظفين فقط.

ثانياً: صدر حكم المحكمة التأديبية بالمنوفية يوم 29/12/2014 وقضى بإحالتهم للمعاش، وقد تم الطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الادارية العليا، ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قضت بالمحكمة الإدارية العليا، والتي قضت فى 14/3/2015 بوقف تنفيذ حكم المحكمة التأديبية بالمنوفية وأحالت القضية لهيئة المفوضين لإعداد تقرير بالرأي، ومن الجدير بالذكر أن دائرة فحص الطعون تتكون من جميع أعضاء الدائرة الموضوعية عدا رئيس الدائرة فقط.

ثالثاً: انتهت المفوضين الإدارية العليا وأوصت بإلغاء الحكم المطعون عليه لأن الإضراب حق للموظفين، وتحدد لنظر القضية يوم 11 إبريل 2015 أمام دائرة الموضوع، وبهذه الجلسة لم يحضر الموظفين أو محاميهم وبدلاً من إصدار المحكمة قراراً بإعادة إعلانهم بالجلسة للتيقن من معرفتهم بها قررت المحكمة حجزها للحكم دون أن تستمع لدفاع الموظفين، وصدر الحكم فى الأسبوع التالي بتاريخ 18/4/2015 بتأييد حكم المحكمة التأديبية بالمنوفية بإحالتهم للمعاش.

رابعاً: الحكم استند فى تفسير أسبابه إلى أن توقيع مصر على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية جاء مع التحفظ على عدم مخالفته للشريعة الإسلامية، وزعم أن الإضراب مخالفاً للشريعة الإسلامية وبالتالي فمصر غير ملتزمة بنص الاتفاقية الذى يتيح الاضراب عن العمل، وهو تجاهل بين للتطور الدستوري المصري فوقائع القضية تمت فى يونيه 2013 أثناء سريان المادة 64 من دستور 2012 الذى جعل من الاضراب حقاَ دستورياً يعلو على القانون المحلى والاتفاقيات الدولية وأن حكم الادارية العليا صدر فى ظل دستور 2014 الذى أكد على أن الإضراب حق دستورى فى مادته رقم 15.

خامساً: أن الحكم خلط بين مفاهيم (الاضراب عن العمل، والاعتصام، واحتلال المنشآت)، حيث تناولها باعتبارها شكل احتجاجي واحد متجاهلاً حقيقة أنها أنماط متنوعة وغير متشابهة، فالإضراب هو الامتناع عن العمل وقد يكون كلياً أو جزئياً، تبادلياً أو تباطؤي، وقد لا يترتب عليه وقف الإنتاج أو احتلال المنشأة، فالإضراب التباطىء هو الذى يتباطأ فيه العمال أو الموظفين عن معدلات الإنتاج أو الأداء المطلوبة دون أن يوقفوا العمل، والإضراب التبادلي هو الذي يتوقف فيه قطاع عن العمال دون الباقين ويتبادلوا الأدوار كل يوم أو كل فترة زمنية محددة، وهناك الاضراب الكلي الذي يمتنعوا فيه معظمهم عن العمل دون إعاقة من لم يرغب بالإضراب، وهو ما يختلف إختلافاً جوهرياً عن الاعتصام والذي قد لا يترتب عليه أي تعطيل للعمل كأن تدخل وردية للعمل أما الوردية التي كان من المفترض ذهاب عمالها لمنازلهم يعتصوا خارج العنابر وفي ممرات الشركة دون الذهاب لمنازلهم مع استمرار وردية العمل فى ممارسة أعمالها دون توقف، وهو ما يعني بقاء كل الورديات بنطاق موقع العمل وعدم مغادرته وفي ذات الوقت ممارسة الوردية المعنية لأعمالها.

سادسا: الحكم زعم أن الإضراب عن العمل جريمة جنائية استناداً إلى أن المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2011 قد جرمه، وهو ما يعد متناقضاً مع هذا القانون ذاته لكونه قانون مؤقت يطبق فقط أثناء إعلان حالة الطوارئ ووقائع أحداث تلك القضية جرت بداية من 13 يونيه 2013 ولم تكن حالة الطوارىء معلنه من بداية وقوع تلك الأحداث وحتى صدور حكمها الأخير.

سابعأ: أن الحكم يرى أن كل امتناع عن العمل جريمة لكونه يضر بالغير متجاهلاً أن دستوري 2012 و2014 نصا على أن الاضراب حق دستوري، والإضراب معناه إباحة حق العمال والموظفين في الامتناع عن العمل، فكيف يراه الدستور حقاَ دستورياَ وتراه المحكمة جريمة جنائية وتأديبية.

ثامناً: أن الحكم استند في حيثياته إلى حكم صادر من مجلس الدولة الفرنسى عام 1961 ضد الاضراب، متجاهلاَ كافة الأحكام التالية التي صدرت من مجلس الدولة الفرنسي أيضا منذ منتصف الستينات وحتى الآن والتي تختلف عن الحكم الذى استند إليه، وترسي مبادىء لحماية حق العمال والموظفين في الإضراب عن العمل.

تاسعاً: تجاهل الحكم التفرقة بين الإضراب المشروع والإضراب غير المشروع، فالأول هو الذي يلتزم فيه العمال والموظفين بالشروط التي حددها القانون لممارسة هذا الحق، والثاني هو الذي يمارسه العمال والموظفين دون الالتزام بتلك الشروط، وفي التشريع المصري نجد أن قانون العمل 12 لسنة 2003 الذي ينطبق على عمال القطاع الخاص اعترف بحق الإضراب ووضع شروطاَ لممارسته ومتى التزم العمال بتلك الشروط أضحى إضرابهم مشروعاً، أما الموظفين العموميين فكان يحكمهم قانون العاملين المدنيين بالدولة وقت أحداث تلك القضية، ثم قانون الخدمة المدنية وقت صدور الحكم الأخير وكلا التشريعين قد تجاهل وضع ضوابط ممارسة الموظفين لحق الإضراب، وعندما عرض نزاع مماثل على المحكمة التأديبية بطنطا في القضية 1120 لسنة 17 قضائية وتمسكت هيئة قضايا الدولة بأن الإضراب غير مباح لعدم إصدار الدولة قانون ينظم ممارسة الموظفين لهذا الحق حكمت المحكمة برئاسة المستشار عبد البديع عسران وعضوية المستشار أحمد الشاذلي في 10 مارس 1991 ببراءة الموظفين من تهمة الإضراب لأنه لم يعد جريمة وأكد الحكم على أن تقاعس الدولة عن وضع ضوابط ممارسة الموظفين العموميين لحق الإضراب لا يعني مصادرته ولكن إطلاقه للموظفين دون قيود أو شروط، كما قضت المحكمة التأديبية بالقاهرة في 30 ابريل 2012 ببراءة موظفي مستشفى الدعاة التابعة لوزارة الاوقاف من تهمة الاضراب لكونه حق وليس جريمة وناشد الحكم المشرع المصرى بضرورة وضع تشريع ينظم ممارسة الموظفيين العموميين لهذا الحق وذكر "لا يسوغ أن يكون الموقف السلبي للمشرع مبرراَ للعصف بهذا الحق والتحلل من أحد الالتزامات الهامة التى قبل أن يكفلها من قبل المجتمع الدولى خاصة وأن هذا الحق يعد من أهم مظاهر ممارسة الديمقراطية وهو ما أكدته معظم التشريعات فى العالم"

عاشراً: لجأ الحكم في حيثياته إلى القول بمخالفة الإضراب للشريعة الإسلامية استناداً لقاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، وقاعدة الضرر لا يزال بمثله، هو قياس مع الفارق، يطبق قاعدة فقهية تحمل العديد من التفسيرات والتأويلات لكونها نسبيه الأثر وتختلف من مكان لمكان، ومن زمان لزمان، ومن واقعة لواقعة، ولا يجوز استخدامها كقاعدة موضوعية لمصادرة حق الاضراب وتجريمه فالاضراب بزعم مخالته للشريعة الاسلامية.

وأكدت المنظمات في تقريرها، احترامهم وتقديرهم لتاريخ مجلس الدولة المصرى العريق في حماية الحقوق والحريات العامة وفي القلب منها الحريات النقابية للموظفين العموميين، وأنهم لن يتقاعسوا عن اتخاذ كافة الاجراءات القانونية وصولاً لدائرة توحيد المبادىء بالمحكمة الإدارية العليا لحماية الحق في الاضراب وضمانات ممارسته دون انتقاص أو تقييد، أن الإضراب لم يعد جريمة لكنه حق لكافة العمال والموظفين، اكتسب وجوده بالتشريع المصري من خلال مصادقة مصر على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ثم قانون العمل 12 لسنة 2003، حتى أضحى حقاً دستورياَ بموجب دستورى 2012 و2014.

كما أكدت أن جميع النصوص القانونية الواردة بالتشريع المصرى التي كانت تجرم الاضراب، والسابقة على دستور 2014 أضحت معيبه بعيب عدم الدستورية الطارىء وأصبح النص الدستورى هو واجب النفاذ، أن الدولة المصرية وضعت قواعد ممارسة العمال للإضراب بمنشآت القطاع الخاص، ولم تضع التشريع الذي ينظم قواعد ممارسة الموظفين العموميين له، وهو ما يعني إطلاق حق الموظفين في ممارسة هذا الحق دون شروط، وعلى الدولة وضع الضوابط التي توازن فيها بين تسيير المرفق العام وبين ممارسة الموظفين العموميين لحقهم الدستوري في الإضراب عن العمل دون انتقاص أو تقييد.

يُذكر أن المنظمات الموقعة هي: المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مركز هشام مبارك للقانون، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، مؤسسة المرأة الجديدة، مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، مصريين ضد التمييز الديني، نظرة للدراسات النسوية، الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان، مؤسسة قضايا المرأة المصرية، مركز اندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية أكت.

فيديو قد يعجبك: