إعلان

لوس أنجليس: هل هي المدينة الأمريكية الأكثر إبداعا؟

08:40 م الثلاثاء 21 مايو 2019

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

لندن (بي بي سي)

يميل الكثير من الأفلام، مثل "سانسيت بوليفارد" و"لالا لاند"، إلى تصوير لوس أنجليس كوجهة للباحثين عن النجاح النمطي في الفنون التقليدية الرائجة، لكن الواقع في لوس أنجليس يختلف كثيرا عن الصورة التي رسمتها لها هذه الأفلام إلى حد أن زوارها قد يجدون صعوبة في التعرّف عليها.

ويقع "متحف الموت" في شارع هوليود على بُعد خطوات من "ممر الشهرة" وشركة "فياكوم" الإعلامية الكبرى. ويأتي الزوار، الذين يقترب عددهم من المليون، خصيصا لرؤية التحف الفنية، التي تتضمن ملابس طائفة "بوابة السماء"، وأجزاء الكثير من الحيوانات النافقة المتبقية من عمليات التحنيط، رغم أن زوار المتحف قد يستعصي عليهم إدراك أن المنطقة المحيطة بالمتحف هي نفسها التي ظهرت في مختلف الأفلام السينمائية والتليفزيونية.

يقول اريك مايكل، مدير المتحف: "عندما يسألنا الزائرون عن مكان هوليود، نقول لهم إن لوس أنجليس تضم هذه الشبكة من الطرق السريعة بسبب بُعد المسافات التي تفصل بين المناطق وبعضها. وإذا تنقلت الكاميرا في أرجاء المكان، سترى مدينة سانتا مونيكا وغرب هوليود وشمال هوليود وهوليود ومدينة بيربانك. وكل هذه المناطق تزخر بالتنوع".

وبينما يُستخدم عادة اسم لوس أنجليس للإشارة إلى المدينة نفسها، فإن الكثيرين يستخدمون الاسم للإشارة إلى منطقة لوس أنجليس الكبرى الذي تبلغ مساحتها 4.850 ميلا، وتضم 88 مدينة، منها مدينة لوس أنجليس وسانت مونيكا وغرب هوليود وبيربانك وباسادينا. وصنفت دراسة مسحية مؤخرا هذه المنطقة كواحدة من أكثر مناطق الولايات المتحدة تنوعا سواء عرقيا أو ثقافيا.

ويحتضن حي بالمز، غربي لوس أنجليس، متحف تكنولوجيا العصر الجوارسي، الذي أصبح مثالا يحتذي به في النجاح بين المتاحف في المدينة، بعد أن أثبت أن المتاحف الحديثة الزاخرة بالعجائب قد تظل تجذب زوارا وتحقق أرباحا لما يزيد على 30 عاما دون ميزانية للإعلانات.

وحاز مؤسس المتحف، ديفيد ويلسون، بفضل قدرته الفريدة على المزج بين الواقع والخيال في قاعات تعرض كل شيء من الموجات فوق الصوتية التي تصدرها الخفافيش إلى الكلاب في الفضاء، على جائزة مؤسسة ماك أرثر، التي تمنح تمويلا خاصا للأشخاص المبدعين والمؤسسات الفعالة والشبكات المؤثرة من أجل بناء عالم أكثر خضرة، وعدلا وسلاما.

وخصص ويلسون قاعة ليعبر فيها زوار المتحف عن آرائهم في مدى أصالة معروضاته بدلا من تقييمها من ظاهرها. ويقول ويلسون: "لا أعتقد أن هذا المتحف كان يمكن أن يقام في أي مكان غير لوس أنجليس. فقد نشأت في كولورادو، حيث المناظر الآخاذة، وعندما جئت إلى لوس أنجليس كنت أرى أنها أقبح مدينة زرتها على الإطلاق. وبعد نحو سبع سنوات، أدركت أني أعشقها. فقد تغيرت نظرتي للمكان من نظرة مادية إلى نفسية. وأرى أن لوس أنجليس هي أكثر المناطق التي زرتها انفتاحا وحرية".

وفي قلب مدينة لوس أنجليس يوجد متحف "فيلفيتيريا"، الذي يضم مجموعة من الرسومات على خلفية مخملية سوداء. وأسس المتحف كارل بالدوين وكارين أندرسون في مدينة بورتلاند، بولاية أوريغون في عام 2005، وأشاد به مقدم البرامج الأمريكي أنتوني بوردين، الذي قال إنه يضم مجموعة "عبقرية" من اللوحات.

وفي عام 2010 نُقل المتحف إلى لوس أنجليس بالقرب من مجموعة متاحف لوس أنجليس. وكان اختيار هذا الموقع نوعا من التمرد الفني، إذ يقع المتحف بجوار المتاحف التقليدية، مثل متحف "ذا برود"، والمتحف الفني المعاصر، وفي الوقت نفسه على مقربة من المكسيك، حيث يوجد الكثير من الفنانين المهرة في الرسم على الخلفية المخملية الذين يكلفهم بالدوين عادة بعمل لوحات.

وعلى الرغم من أن أحد النقاد قد أشار إلى أن مجموعته بعيدة كل البعد عن الفن التقليدي وأنه قد يخسر وظيفته لو كتب شيئا عنها، فإن بالدوين يرى أن مجموعته التي تضم 3000 لوحة، منها لوحات للمغني ديفيد بوّي وهيلاري كلينتون، وأندرسون كوبر الصحفي بشبكة "سي إن إن"، جديرة بأن تعلق على جدران المتاحف، شأنها كشأن المعروضات في المتاحف المرموقة.

ويقول بالدوين: "لا أعلم لم لا يجرؤ أي متحف آخر على الاقتراب من هذا الفن بطريقة مبتكرة ويوليه الاحترام الذي يستحقه". ويضيف أن هذا الفن هو إرث لوس أنجليس المنسي الذي تتحاشاه جميع المتاحف الآخرى، رغم أنه نابع من الشعب، أي أنه فن شعبي، كموسيقى الروك والجاز.

وفي الوقت الذي تحاول فيه المتاحف تحويل فضول الزائرين إلى ولاء للمتحف لحثهم على العودة مرة أخرى، فإن متحف "فن النيون" يفتش بين ثنايا تاريخ المدينة ليضيء أروقته بأعمال فنية من أضواء النيون ولافتات قديمة من مختلف أنحاء لوس أنجليس.

ويقول إريك لينكسوايلر، نائب رئيس مجلس إدارة المتحف، إن الهدف الرئيسي وراء تأسيس المتحف في عام 1981 كان التواصل مع سائر فناني النيون في لوس أنجليس. وتقام في المتحف فصول لتعليم طرق صناعة اللافتات.

ويُنظم لينكسوايلر أيضا جولات بالحافلة عبر المدينة لتعريف الزائرين بتاريخ لافتات النيون الشهيرة بالمدينة. ويقول لينكسوايلر إن عالم فن النيون محدود وكل فناني النيون في المدينة يتعاونون معا ويتناقلون المعلومات فيما بينهم. ويجمع متحف النيون الأعمال الفنية لجميع فناني النيون بأساليبهم المختلفة.

وتهدف جميع هذه المتاحف إلى تنمية المجتمع، سواء من خلال الأنشطة الرسمية، مثل فصول الرسم التي يقيمها متحف "فيلفيتيريا"، أو من خلال إتاحة الفرصة للآخرين المهتمين بنفس المجالات الفنية للمشاركة بأعمالهم في المتاحف.

ويقول جي دي هيلي وكاثرين شالتز، مؤسسا متحف الموت، إنهما ظلا يعيشان في عزلة عن العالم لسنوات حتى اكتمل مشروعهما، وتحملا الكثير من العناء لأنهما كانت لديهما رؤية واضحة وأرادا أن ينشروها بين الأشخاص الذين يتوافقون معهما فكريا.

وقد يرى كثيرون أن متحفهم كئيب ومظلم، ولا سيما لأنه يخصص قاعة كاملة لمعدات حفظ الجثث، ويضم معرضا للرؤوس البشرية المقطوعة، وممرا كاملا لصور الجرائم، إلا أن مؤسسي المتحف يقولان إن الغرض منه التذكير بأن الحياة قصيرة وتستحق أن نعيشها رغم هذه النهاية المحتومة.

ربما لا تختلف القصص وراء تأسيس هذه المتاحف عن الحكايات المكررة للفنانات اللائي انتقلن إلى هذه المدينة التي اشتهرت بأنها تكافئ الحالمين، بحثا عن الشهرة.

ويقول شالتز: "كان الجميع يقولون لي إنني غريب الأطوار، ولهذا أردت أن أؤسس مكانا أشعر فيه بالألفة، لأنني أردت أن أكون محاطا بأناس آخرين". وتقول هيلي: "ستجد هنا الكثير من الناس الذين يتحدثون معك حتى تمل الحديث".

وهذه الفكرة يرددها بالدوين، الذي يقول إن ما دفعه لإقامة متحف "فيلفيتيريا" هو نشر السعادة في حياة الناس بطريقة غير معتادة. ويرى أن هذا المتحف ناجح لأنه بمثابة عالم سحري يجمع ألفيس بريسلي وديفيد بوّي والأحصنة وحيدة القرن الأسطورية على جدار واحد.

ويقول بالدوين: "كل ما نحتاجه هو أشخاص لديهم حب استطلاع. لقد أسست هذا المتحف ليقضى الناس وقتا طيبا ويشعرون بالسعادة ويرون شيئا لن يروا له مثيل في أي مكان آخر".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: