إعلان

هل نعتمد قريبا على الروبوت في أعمالنا المنزلية؟

09:56 ص السبت 27 أبريل 2019

أرشيفية

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

لندن (بي بي سي)

صوّرت بعض الأفلام والأعمال التليفزيونية العالم في المستقبل على أنه ذاك الذي ستتولى فيه أجهزة آلية المهام المنزلية الروتينية، وهو ما يسمح لأفراد الأسرة بقضاء وقت أطول معا ويساعد كبار السن على الحياة باستقلالية عن غيرهم لفترة أطول.

وعلى أي حال، فإن أجهزة الروبوت قد تتولى رعاية البشر في وقت أقرب مما قد نتوقع. فالمكانس الكهربائية وآلات جز الأعشاب التي تعمل بهذا الأسلوب موجودة بالفعل، وهو ما يتزامن مع طفرة كبيرة تشهدها اليابان على صعيد الاستفادة من تقنيات المساعدة الآلية لتوفير الرعاية لكبار السن.

ولا يقتصر الأمر على هذا البلد الآسيوي، فحتى في المملكة المتحدة ظهر مؤخراً روبوت - يحمل اسم "بيبر" طورته جامعة ميدلسكس - أمام لجنة برلمانية للإجابة على أسئلة بشأن دور أجهزة الروبوت في التعليم.

لكن ظاهرة أجهزة الروبوت التي تقدم الرعاية للبشر تعد حديثة العهد نسبيا. فارتفاع متوسط عمر الإنسان أدى إلى تزايد أعداد المسنين الذين يحتاجون للمساعدة في شؤون حياتهم اليومية، وهو ما يأتي في وقت يتناقص فيه عدد الأشخاص القادرين على مد يد العون لهم، وهو ما يعني أننا سنواجه في المستقبل القريب أزمة على هذا الصعيد.

فاليابان على سبيل المثال، ستشهد عجزا متوقعا بحلول عام 2025 في عدد الأشخاص القادرين على تقديم الرعاية لسواهم من البشر، بواقع 370 ألف شخص.

ورغم أن الأجهزة التكنولوجية المُساعِدة للبشر والمتوافرة حاليا، لا تزال بعيدة كل البعد عما يمكن أن يتوافر في مستقبل تقدم لنا أجهزة الروبوت فيه وجبات ساخنة وتتولى القيام بالأعمال المنزلية نيابة عنّا؛ فإن بوسع هذه التقنيات والأجهزة أن تقدم لنا لمحة مثيرة للاهتمام عن مستقبلنا المحتمل في هذا الشأن.

وقبل التطرق إلى هذا الملف تفصيلا، ربما تتعين علينا الإشارة إلى أن غالبية أجهزة الروبوت الموجودة اليوم تُستخدم بكثافة في الصناعات الثقيلة، التي تُسند فيها المهام الخطرة إلى أنظمة آلية. لكن هذه الأجهزة غير مُصممة للعمل في وجود بشر، إذ أنها قد تُلحق إصابات بهم، بفعل حركتها السريعة وطبيعة المواد الصلبة المصنوعة منها.

غير أن الجيل القادم من هذا النوع من أجهزة الروبوت المُعاوِنة، سيُصنّع من مواد أكثر مرونة مثل المطاط أو السليكون أو النسيج القماشي، وهو ما يجعل أجهزة الروبوت في ذلك الجيل - وفقا لخبراء في هذا المجال - "آمنة"، وتبشر بإمكانية أن تقوم بمهامها بدقة كبيرة، لكن مع ضمان عناصر الأمن والسلامة للبشر الذين سيتعاملون معها.

رغم ذلك، فإن نظام الحركة والتنقل الخاص بأجهزة الروبوت القادرة على التفاعل مع البشر، لا يزال يشكل أحد أعقد التحديات التي يواجهها هذا النوع منها، إذ أنه يسمح لتلك المنظومات الآلية بالحركة بقدر ما، لكنه لا يمنع من أن تصاب بالارتباك والتشوش بسهولة، كما يحدث مثلا للمكنسة الكهربائية الروبوتية، التي لا تستطيع العودة وحدها إلى قاعدة الشحن الكهربائية الخاصة بها.

وفي الظروف البسيطة التي تسود المختبرات، يمكن لأجهزة الروبوت تحديد الطريق الأمثل الذي يتعين عليها أن تسلكه، لكن الأمر لا يكون بهذه السهولة في بيئة الحياة الواقعية، مثل تلك التي تسود المنازل المليئة بالطاولات والمقاعد وغيرها من التفاصيل.

ويقول نيكولا بيلوتو، خبير الكمبيوتر في جامعة لينكن والمسؤول عن الأمور التقنية الخاصة بمشروع يستهدف تطوير روبوت قادر على العناية بكبار السن ومراقبة حالتهم الصحية، إن الكثير من الخوارزميات الخاصة بأجهزة الروبوت المستخدمة حاليا للتفاعل مع البشر، "طُوّرت في المختبر، وتتسم ببساطة نسبية مقارنة بالمستوى الذي يتعين أن تصبح عليه لتتواكب مع مستوى النشاط المنزلي."

كما تعاني أجهزة الروبوت للتكيف مع تغير طبيعة الأرضية التي تمشي عليها. وفي عام 2017، أغرق روبوت - يُستخدم لأغراض أمنية في العاصمة الأمريكية واشنطن - نفسه عندما سقط في نافورة بأحد المكاتب.

وهناك تحد آخر يتمثل في ضمان عمل هذه الأجهزة دون أن تسبب مخاطر أو مشكلات، إذا ما كان استخدامها يستلزم وجودها بالقرب من أطفال أو حيوانات. وقد تجلى هذا التحدي في عام 2016 عندما مر روبوت يُستخدم للأمن فوق طفل صغير بمركز للتسوق في وادي السليكون، عندما ركض الطفل نحوه.

ومن بين التحديات التي تواجه تطوير أجهزة روبوت قادرة على التعامل بكفاءة مع البشر؛ النجاح في جعلها تتحرك بشكل يتوافق مع ما يرد إليها من أجهزة الاستشعار المثبتة فيها، وهو الأمر الذي يؤثر بالتبعية على قدرتها على التفاعل مع البيئة المحيطة. فقد يعاني الروبوت في تنفيذ مهام، يجدها غالبية الناس بل والحيوانات، بسيطة للغاية مثل التقاط كرة.

ويعود ذلك إلى وجود عدد هائل من العوامل التي يتعين وضعها في الاعتبار في هذا الصدد، إذ من شأن هذه العوامل والاعتبارات أن تربك أي نظام آلي يعمل بشكل مستقل، وتؤدي إلى ارتكابه أخطاء.

وتقول ديان كوك، المدير المشارك لمختبر الذكاء الاصطناعي بجامعة "واشنطن ستيت": "إن بعض المهام التي تشكل تحديا ذهنيا للبشر، تتسم بأنها أكثر سهولة بالنسبة لأجهزة الروبوت، في حين تمثل بعض الحركات التي يسهل على الإنسان القيام بها، تحديا كبيرا أمام الروبوت".

وثمة سؤال حول ما إذا كنا نرغب في أن تكون أجهزة الروبوت المتخصصة في الرعاية بالبشر، تبدو على هيئة بشرية أم لا. تقول كوك في هذا الشأن: "كلما اقترب شكل الروبوت من هيئة الإنسان، تزيد مقاومة مُتلقي الرعاية لأن يحصل على المساعدة من الروبوت". وتشير كوك على أن الروبوت "يصبح مفيدا فقط عندما يتقبله الشخص الذي يُفترض أن يحظى برعايته".

وفي بعض الحالات، يمكن أن يكون الروبوت الذي لا تشبه هيئته هيئة البشر هو الخيار المطلوب تماما. وفي هذا السياق، بدأ استخدام "حيوانات روبوتية" كحيوانات أليفة في دور الرعاية التي لا تسمح بدخول الحيوانات إليها، وذلك لكي تصبح هذه الأجهزة بمثابة مرافق إضافي لمن يعانون من الخرف أو من يواجهون صعوبات في التعلم.

ويتسم الكثير من أجهزة الروبوت الموجودة في الوقت الحاضر بأنها مُعدة للقيام بمهمة واحدة محددة - مثل المكانس الروبوتية مثلا - وليست مُصممة لأداء مهام متعددة، في ضوء أن تصميم روبوت قادر على القيام بأكثر من مهمة قد يكون أمرا عسيرا، خاصة إذا لم تكن هناك صلة بين الوظائف المطلوبة منها وبعضها بعضا.

ومن المرجح أن نرى في المستقبل القريب على الأقل، أجهزة روبوت متعددة المهام لرعاية كبار السن، تم تصميمها للقيام بوظائف مختلفة. لكن ذلك سيثير مشكلة تتعلق بالمكان الذي سيتم فيه تخزين هذه الآلات، عندما لا تكون في وضع التشغيل.

وقد شهدت الآونة الأخيرة تطورات على صعيد دمج ما يعرف بـ "تقنيات المنزل الذكي" مع الأنظمة الروبوتية، لإيجاد منازل تحتوي على أنظمة آلية مُدمجة فيها. ومن بين الأمثلة على ذلك؛ مشروع بحثي يحمل اسم "كايرون"، ويستهدف تطوير شبكة قضبان سكك حديدية مثبتة في السقف، تسمح لأجهزة الروبوت الموكل إليها تقديم المساعدة والرعاية، التنقل عبرها من غرفة إلى أخرى.

ورغم أن "كايرون" يقدم لنا لمحة عن الكيفية التي يمكن من خلالها إدماج أجهزة روبوت الرعاية في نسيج الحياة المنزلية ومواجهة التحديات المُلازمة لاستخدامها، على صعيد التنقل والحركة، فإن هذه المنظومة المتطورة لا تخلو بدورها من تحديات.

فمد شبكة القضبان هذه يحتاج إلى إجراء تغييرات كبيرة في المنزل الذي سيتم فيه استخدام الروبوت. ورغم أنه يمكن أن يجري تشييد دور الرعاية بشبكة قضبان مُثبتة فيها بالفعل من الأصل، فإن ذلك سيتكلف أموالا طائلة، وهو ما سيمثل تحديا كبيرا يتعين التغلب عليه هو الآخر.

في نهاية المطاف، سيؤدي الاستعانة بأجهزة روبوت الرعاية إلى زيادة فعالية مقدمي الخدمة نفسها من البشر، لا أن تحل الأجهزة محلهم في هذا الصدد. لأنه لن يكون بوسع أجهزة الروبوت مهما بلغت درجة تقدمها، أن تحاكي في أي وقت من الأوقات، الرعاية اللتي يحصل عليها المرء من إنسان آخر مثله.

فمن الممكن لهذه الأجهزة الاضطلاع بدور مهم على صعيد أداء المهام التي تتطلب حركة أو جهدا ماديا، ما يتيح الفرصة لمقدمي خدمات الرعاية من البشر، القيام بدورهم على نحو أكثر فاعلية.

وتتفق هيلين ديكينسون، وهي خبيرة في الخدمات العامة بجامعة "نيو ساوث ويلز" الاسترالية، مع هذا الرأي، قائلة إن أجهزة الروبوت لن تحل بالضرورة محل البشر في أداء وظائفهم، لكنها قد تُحسّن من الطريقة التي يعملون بها. وتشير إلى أن المهام التي يمكن إسنادها لأجهزة الروبوت لا تقتصر فقط على تلك التي تستلزم جهدا، وإنما تشمل كذلك المهام التي تتطلب الصبر وتتم بشكل متكرر.

وبالرغم من أنه قد يكون لدينا في يوم ما تقنيات مُساعِدة لنا في المنزل، فإن التكنولوجيا الأكثر تقدما في هذا الشأن، والتي تُصوّر في القصص والروايات، لن تتوافر قريبا. وبدلا من ذلك، من الممكن أن تصبح منازلنا نفسها هي المسؤولة عن تقديم خدمات الرعاية لنا، عبر منظومات روبوتية تصبح امتدادا أو ملحقا لها.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: