إعلان

المجددين في الإسلام .. ابن كثير المكي قارئ أهل مكة

01:52 م الثلاثاء 14 مايو 2019

القرآن الكريم

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – هاني ضوه :

في سلسلة حلقات المجددين في الإسلام يرصد مصراوي سيرة واحد من المجددين في الإسلام الذين نقلوا إلينا أحكام القرآن وقراءته بأعلى الأسانيد فقد عاصر الصحابة الكرام الذين سمعوا القرآن عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فصار قارئ أهل مكة.

إنه الإمام عبدالله بن كثير المكي أحد أئمة القراءات العشر وهو من التابعين، فقد عدَّهُ ابن الأثير الجزري أحد المجددين على رأس المائة الأولى بصفته أحد القٌرَّاء.

ولد الإمام عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زادان بن فيروز بن هرمز في مكة سنة 45 هـ وتوفي بها سنة 120 هـ ، ولقي عدداً من الصحابة وروى عنهم، ويُعدّ أحد القراء السبعة، وإمام أهل مكَّة في القراءة والضبط، تصدَّر للقراءة والإقراء فيها بعد وفاة مجاهد بن جبر سنة ثلاث ومئة، وكان قاضيَ الجماعة في مكة، واعظاً ورعاً، كبير الشأن، وهو تابعي من الطبقة الثانية.

سماعه القرآن عن الصحابة

وكان لنشأة ابن كثير المكي في مكة المكرمة وفي عهد قريب من الصحابة أثر كبير في تكوينه العلمي، فقد لقي من الصحابة عبد الله بن الزبير وأبا أيوب الأنصاري وأنس بن مالك.

وقرأ على الصحابيِّ عبد الله بن السائب المخزومي رضي الله عنه، وعلى التابعي مجاهد بن جبر عن ابن عباس، وعلى درباس مولى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وقرأ ابن عباس على أُبَيّ وزيد بن ثابت.

وبذلك يكون سند ابن كثير المكي في تلقي القرآن الكريم كالتالي: قرأ على أبي السائب عبد الله بن السائب المخزومي وعلى أبي الحجاج مجاهد المكي وعلى درباس مولى ابن عباس وعبد الله بن السائب وقرأ درباس على مولاه ابن عباس وقرأ ابن عباس على أبي وزيد بن ثابت وقرأ زيد وأبي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وذكر أبو عمرو الداني المقرئ أنه أخذ القراءة عن عبد الله بن السائب المخزومي صاحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي قيل أن عثمان أرسله بالمصحف المكي، وقد روى ابن مجاهد من طريق الشافعي النص على قراءته عليه.

ولهذا أصبح ابن كثير المكي إمام الناس في القراءة بمكة، فلم ينازعه فيها منازع. وهذا من أعظم الدلائل على تواترها. فمكة المكرمة يقصدها علماءُ المسلمين كلهم للحج والعمرة، فلو أخطأ ابن كثير في حرف واحد، لأنكروا ذلك ولاشتهر. فلما علمنا أنه لم يحدث هذا البتة، وأنهم قد أجمعوا على إمامته وصحة قراءته، مع قرب العهد للصحابة آنذاك، علمنا يقيناً بتواتر تلك القراءة. فإنهم لم يختاروا قراءة ابن محيصن المكي، مع أنه شيخ ابن كثير، لأنه ينفرد عن أهل بلده بأشياء. واختاروا قراءة ابن كثير لأنه يقرأ بالقراءة المعروفة عن أهل مكة في زمنه.

نهج ابن كثير في قراءة القرآن

كان يبسمل بين كل سورتين إلا بين الأنفال والتوبة كقراءه قالون، ويضم ميم الجمع ويصلهما بواو إن كان بعدها متحرك بلا خلف عنه، ويقرأ بقصر المنفصل وتوسط المتصل قولاً واحدًا، يسهل الهمزة الثانية من الهمزتين من كلمة من غير إدخال ألف بينهما، يختلف راوياه في الهمزتين من كلمتين إذا كانتا متفقتي الحركة ، فالبزي يقرأ كقالون ، وقنبل يقرأ بتسهيل الثانية أو إبدالها حرف مد كورش، وأما مختلفتي الحركة فابن كثير من روايتيه يغير الثانية منهما كما يغيرها قالون وورش، ويصل هاء الضمير بواو إن كانت مضمومة وقبلها حرف ساكن وبعدها حرف متحرك نحو ( مِنْهُ آيَاتٌ ) ، ويصلها بياء إن كانت مكسورة وقبلها ساكن وبعدها متحرك نحو ( فِيهِ هُدً)، ويفتح ياءات الإضافة إذا كان بعدها همزة قطع مفتوحة أو همزة وصل مقرونة بلام التعريف أو مجردة منها على تفصيل يعلم من المؤلفات في كتب القراءات، و يقف على التاءات المرسومة في المصاحف تاء مفتوحة بالهاء نحو ( رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ) ، ( وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ )، ويثبت بعض الياءات الزائدة وصلاً ووقفاً موجودة في كتب القراءات.

روايته للحديث

كان ابن كثير ثقة في رواية الحديث الشريف كما قال ذلك العلماء، إلاَّ أنَّه كان مقلاً منها، وقد حدث عن: عبد الله بن الزبير، وأبي المِنْهَال عبد الرحمن بن مطعم، وعكرمة مولى ابن عباس، وعمر بن عبد العزيز.

وحدَّث عنه: أيوب السختياني، وابن جريج، وجرير بن حازم، والحسين بن واقد، وعبد الرحمن بن أبي نجيح، وحمَّاد بن سلمة، وقرَّة بن خالد، والحارث بن قدامة، وآخرون.

وعن روايته للحديث قال الإمام النسائي: "عبد الله بن كثير ثقة"، وقال محمد بن سعد في طبقاته: "كان ثقة وله أحاديث صالحة"، وقال علي بن المديني: "كان ثقة"، وقال يحيى بن معين: "ثقة"، روى له الجماعة، وحديثه مخرج في الكتب الستة.

فيديو قد يعجبك: