إعلان

خطيب المسجد النبوي: في الإسلام بشارات لأهله أعظما لمن حقق التوحيد لله

04:45 م الجمعة 25 يناير 2019

الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

(وكالات):

تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم عن فضل البشارة على حياة المسلم, وأنها من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أهله وأصحابه, مؤكداً أن الدين الحنيف حثّ على تبشير المسلم بما يسرّه في أمور دينه ودنياه, كما جاء في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.

وأوضح في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم- نقلا عن وكالة الأنباء السعودية واس- أن دين الإسلام دين الفطرة, يدعو إلى حسن المعتقد وجمال الأخلاق, ومحامد الصفات, يلامس طباع الإنسان, ويفرحه في حاله, ويحثّه على التفاؤل بمآل, وبشارة الخلق بما يسرهم عبادة لله وقربة مستشهداً بقوله تعالى : " وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ".

وقال فضيلته إنه لعظيم منزلة البشارة في النفوس, فقد أتت الملائكة بها, فقال تعالى " وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى ", وأن من مقاصد إرسال الرسل البشارة لعباد الله المؤمنين, قال سبحانه :" وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ", كما جاء عيسى عليه السلام بالبشارة فقال, :" وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ", وأرسل الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم مبشراً بالفضائل وجنات النعيم, قال تعالى : " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ".

وأكد فضيلته أن من هديه عليه الصلاة والسلام حين بعث الدعاة إلى الآفاق لتبشير الناس بالإسلام, فقال لمعاذ ابن جبل وأبي موسى رضي الله عنهما لما بعثهما إلى اليمن ( يسرا ولا تعسّرا, وبشّرا ولا تنفّرا) متفق عليه, وقال : لقد أخبر الله أن من صفات المؤمنين بشارة بعضهم بعضاً, فقال تعالى : " وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ".

وبين الشيخ القاسم أن في دين الإسلام بشارات متتابعة لأهله, وأعظم البشرى هي لمن حقق التوحيد لرب العالمين, قال عزّ وجلّ : " وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى".
وأكد أنه إذا استقام العبد على طاعة الله وتوحيده فله بشرى عند الله, لقوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ", مشيراً إلى أن من لقي الله لا يشرك به شيئاً فبشارته الجنة, إذ قال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم : (بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئاً, دخل الجنة) متفق عليه, كما أن من اتبع القرآن والسنة بشّره الله بالمغفرة والأجر العظيم, فقال تعالى : " إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ".
وقال فضيلته : رأس الهدى علم يصحبه عمل, والموفق لذلك من المبشّرين, قال سبحانه :" فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ".
وأوضح الشيخ القاسم أن المسلم الخاضع لربه المستسلم لأمره المتواضع لخلقه ينال البشارة, مستشهداً بقوله تعالى : " وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ", ومن أًصابته مصيبة ففوّض أمره إلى الله وصبر على قضائه وقدره, فله بشرى من رب العالمين, قال تعالى : " الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ"
وبين أن الإحسان مع الله وخلقه عاقبته خير في الدنيا والآخرة, إذ قال تعالى :" وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ", كما أن المؤمنين مبشّرون بحياة طيبة وجزاء عظيم, قال تعالى :" وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً", كما أن من فضائل الله على عباده بشارتهم بما وعدهم الله به من الجنة وجميع ما يتمنونه فيها, قال عزّ وجلّ :" وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ".
وقال : إن البشارات تتوالى في الحياة وبعد الممات, قال سبحانه :" ألَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ", فإذا حضر المؤمن الموت بُشّر بأعلى المنازل, حيث قال عليه الصلاة والسلام ( المؤمن إذا حضره الموت بشّر برضوان الله وكرامته, فليس شيء أحبّ إليه من ما أمامه, فأحبّ لقاء الله, وأحبّ الله لقائه). رواه البخاري وفي ذلك, تقول الملائكة : ( اخرجي أيتها النفس الطيبة, وأبشري بروح وريحان وربّ غير غضبان, ثم يعرج بها إلى السماء, فيفتح لها, فيقال من هذا؟ فيقولون فلان, فيقال مرحباً بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب, ادخلي حميدة, وأبشري بروح وريحان وربّ غير غضبان, ولا يزال يقال لها ذلك, حتى ينتهى بها في السماء التي فيها الله عزّ وجلّ) رواه أحمد.
وأضاف قائلاً : إن المسلم يحبّ لإخوانه ما يحبّ لنفسه, ويسعى لبذل ما يسعدهم, ومن أيسر أبواب كسب القلوب بشارة الناس بالخير, وإذا تجدّدت لغيرك نعمة دينية أو دنيوية فبشّره بها, فقد بشّرت الملائكة إبراهيم عليه السلام بغلام يولد له وهو إسماعيل : "قال تعالى " فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ", وبشّرته الملائكة بإسحاق عليه السلام وأنه سيكون نبياً قال عزّ وجل :" وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ", وكذلك فمن هديه عليه الصلاة والسلام بشارته لمن انكشفت عنه كربة, فقد قال عليه الصلاة والسلام :(أبشري يا عائشة, أما الله فقد برّأكي) متفق عليه ولنصرة خديجة رضي الله عنها, للنبي صلى الله عليه وسلم وتثبيتها له, بشّرت ببيت في الجنة, فقد نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( يا رسول الله هذه خديجة قد أتت, معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب, فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني, وبشرها ببيت في الجنة من قصب "أي من لؤلؤ مجوّف" لا صخب فيه ولا نصب) متفق عليه.
وبيّن فضيلته أن مواساة المكروب وكشف غمته وتبشيره بالخير من أعظم أبواب الإحسان, مضيفاً أن من أعظم ما يبشّر به المسلمون وعد الله بعلوّ هذا الدين, وبلوغه ما بلغ الليل والنهار, قال عليه الصلاة والسلام : (بشّر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين, والنصر والتمكين في الأرض) رواه احمد .
وأكد إمام وخطيب المسجد النبوي أنه لا دين أجمل من دين الإسلام, فهو دين الفرح والمسرات, ويحثّ على بثّ السعادة في المجتمع, وأولى الناس بخير الإسلام وبشائره هم أهله, والبشارة أصل في دعوة الحق إلى الدين, وتحبيبه في نفوسهم.

فيديو قد يعجبك: